على مدى يومي الجمعة والسبت الماضيين، احتضنت المكتبة الوطنية بالرباط مهرجانا تضامنيا لدعم صمود الشعب الفلسطيني أمام جرائم الاحتلال المتواصلة في قطاع غزة والانتهاكات المتكررة في الضفة الغربية.
وضم المهرجان، بالموازاة مع جلسة افتتاحية، معرضا خاصا بالتراث الفلسطيني وموروثه الثقافي والشعبي، والذي شكل فرصة للعديد من الزوار لاكتشاف ما تزخر به فلسطين من أكلات شعبية وحكايات وقصص شعبية، وألعاب خاصة وأشكال ثقافية متنوعة، فضلًا عن ورشات حول تاريخ فلسطين والصراع التاريخي من أجل التحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
كما ضم المعرض فعاليات فنية متعددة حول القضية الفلسطينية شملت شرائح مختلفة من المجتمع، بالإضافة إلى ورشات خاصة بالأطفال لتعزيز فهمهم للقضية الفلسطينية وتملكهم لها باعتبارها قضية وطنية للمغاربة الذين يدافعون عنها منذ عقود عقب الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين والانتهاك المتواصل لفرض الأمر الواقع والسيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية.
وكان لزوار المعرض الفني موعد مع لوحات تشكيلية وفنية خاصة عن القدس الشريف ومعالم تاريخية بفلسطين، فضلًا عن الكشكول الشعبي والفني الذي يميز الثقافة الفلسطينية، سواء في الأزياء أو الموسيقى أو غير ذلك من أوجه الثقافة المتنوعة.
وبالموازاة مع المهرجان، أجمع عدد من المتدخلين في اللقاء الرسمي الذي جمع عددا من الفاعلين السياسيين والثقافيين والدبلوماسيين المغاربة والفلسطينيين على مدى الارتباط الوثيق الذي يجمع الشعبين المغربي والفلسطيني والروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين.
وأكد المتدخلون في اللقاء الافتتاحي للمهرجان التضامني الذي نظمته الجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين، بدعم من وكالة بيت مال القدس الشريف والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، تحت شعار “المغاربة وفلسطين ارتباط أصيل ومتجدد”، أن العلاقات المغربية الفلسطينية أصيلة ومتجذرة في التاريخ وفي وجدان الشعبين.
ولفت المتدخلون إلى أن هذا اللقاء يعكس الروح التضامنية ويسهم في تعزيز الوعي المشترك تجاه القضية الفلسطينية.
يشار إلى أن اللقاء انطلق بكلمة افتتاحية ألقتها مينة الطالبي، نائبة رئيس الجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين، وتحدثت فيها عن الظرف العصيب الذي يمر به الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الجمعية بدعم من الهيئات الوطنية المغربية والفلسطينية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، خصوصًا في القدس الشريف.
من جانبه، تطرق سفير دولة فلسطين لدى الرباط، جمال الشوبكي، إلى جرائم الاحتلال المتواصلة في حق الشعب الفلسطيني، خصوصا في غزة التي وصفها بأنها تتعرض لإبادة جماعية وحرب وحشية يقودها الاحتلال.
وبعدما نوه بالمجهودات التي يبذلها المغرب عبر هيئات مختلفة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ندد الشوبكي بالصمت الدولي الذي ترك الباب مفتوحًا للاحتلال لمواصلة حرب الإبادة التي أدت حتى اليوم إلى استشهاد أكثر من 42 ألف فلسطيني وفقدان أكثر من 10 آلاف آخرين، وإصابة ما يزيد على 120 ألف شخص، دون الحديث عن البنى التحتية التي جرى تدميرها والتي لم تُراعَ حتى الأماكن التي تحظى بالحماية الدولية من مدارس ومستشفيات.
وجدد السفير الفلسطيني دعوته إلى التدخل العاجل لإيقاف وحشية الاحتلال وحرب الإبادة التي ينفذها ضد الفلسطينيين في غزة، وانتهاكاته المستمرة في حق الشعب الفلسطيني بالقدس والضفة وغيرها من أرض فلسطين الأبية.
وعاد محمد سالم الشرقاوي، رئيس وكالة بيت مال القدس الشريف، بالعلاقات الراسخة بين المغاربة والفلسطينيين إلى التاريخ المشترك الذي جمع بين الشعبين الشقيقين في محطات عديدة، متوقفًا عند الجهود المتواصلة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة والقدس، وغيرها من أوجه الدعم، مشيرًا إلى أن هذه العملية ستتواصل إلى حين أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه العادلة والمشروعة.
وشدد الشرقاوي على أن السلام العادل لن يتحقق في العالم بأسره دون تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الكاملة في الحرية والعدالة والسلام، وفي دولة ذات أركان مكتملة، داعيًا في هذا الصدد إلى الاستمرار في دعم صمود الشعب الفلسطيني.
إلى ذلك، نبّه الشرقاوي إلى مخاطر مشاريع الاستيطان التي يقوم بها الاحتلال في أحياء القدس الشريف، داعيًا إلى رفضها ومواجهة هذا المد الاستيطاني وتوقيف الاحتلال عن هذه الممارسات والجرائم المستمرة.
من جانبه، ندد عبد الحفيظ ولعلو، نائب رئيس الجمعية المغربية لدعم الكفاح الفلسطيني، بالجرائم الوحشية التي يواصل جيش الاحتلال ارتكابها بغطاء ودعم غربي واضح لحكومة نتنياهو، التي ترفض إقامة دولة فلسطين.
واعتبر ولعلو أن هذا التطرف تزكيه الدول الغربية بدعم مكشوف، ليواصل الاحتلال ارتكاب جرائمه في حق الشعب الفلسطيني، خصوصًا في غزة التي قال إنها تعاني من دمار شامل.
وتطرق ولعلو إلى أوجه الدعم لفلسطين، مشيرًا إلى أن التضامن مع الشعب الفلسطيني ليس وليد اليوم، ولن يكون مؤقتًا، بل هو دعم دائم ومستمر، سواء على الصعيد السياسي أو الإعلامي لمناهضة الإعلام الغربي ورواياته التي تنحاز إلى رواية الاحتلال، بالإضافة إلى باقي أوجه الدعم لمساندة صمود الفلسطينيين في وجه جميع أشكال الإرهاب الصهيوني.
من جانبه، قال بلال النتشة، الأمين العام للمؤتمر الشعبي الفلسطيني، إن الرباط تلعب دورًا هامًا في دعم صمود الشعب الفلسطيني عبر مبادرات مختلفة، مشيرًا إلى أن ما يعيشه الشعب الفلسطيني اليوم هو “معركة شريفة”.
وتابع النتشة أن الشعب الفلسطيني يخوض أشرف معركة للحفاظ على وجوده والدفاع عن المقدسات، وفي مقدمتها القدس الشريف، عاصمة دولة فلسطين.
وأشاد الأمين العام للمؤتمر الشعبي الفلسطيني بالمجهودات التي تبذلها العاصمة الرباط في دعم صمود المقدسيين، وفي الدفاع عن المسجد الأقصى ودعم صمود السكان المقدسيين من خلال مبادرات مختلفة، مشيدًا بالدور الذي تلعبه لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس، ولجنة بيت مال القدس التابعة للجنة.
من جهتها، قالت رحمة الوزاني، نائبة عمدة الرباط المكلفة بالتعاون الدولي، إن المهرجان يمثل لحظة تاريخية لتعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع بين الشعب المغربي والفلسطيني، ويجسد أسس التضامن والدعم المستمر.
وأشادت الوزاني بالعمل الكبير الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس، إضافة إلى الجهود المتواصلة لدعم القضية الفلسطينية.
محمد توفيق أمزيان
تصوير: رضوان موسى