تزنيت: الجهوية الموسعة، ودورها في دمقرطة الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة

نظمت جمعية الصحافة والإعلام بتزنيت بقاعة العروض الشيخ ماء العينين يومي 4و5 يونيو 2010 ندوة حول الجهوية الموسعة ودورها في دمقرطة الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة.  وتهدف هذه الندوةإلى، تعميق النقاش حول مفهوم الجهوية انسجاما  مع فلسفة جلالة الملك محمد السادس خاصة في خطابي المسيرة الخضراء الأخير وفي الإعلان عن تنصيب اللجنة الإستشارية حول الجهوية الموسعة، شارك في تنشيط فقرات الندوة نخبة من الأساتدة والباحثين وكذا فعاليات فكرية واعلامية وثقافية.
وخلال اليوم الإفتتاحي،الذي تميز بحضور عامل الإقليم وشخصيات مدنية وعسكرية، وجمعية الحقيقة لضحايا سجون ومعتقلات البوليزاريو وجمعية الجالية الصحراوية المغربية باسبانيا ،شهدت قاعة العروض الشيخ ماء العينين والتي امتلأت عن اخرها بعض اللوحات الموسيقية المفعمة بالثرات الأمازيغي الأصيل والفائحة بعطر الإرتباط بهوية جغرافية ضاربة بعمقها في التاريخ. وعلى ايقاعات تيزنيت -تيتريت التي أبدعتها جمعية «هي وهو سيان» تحت رئاسة نوعية ومتميزة لأستاذة اللغة الإنجليزية ورئيسة لجنة التنمية البشرية والشؤون الثقافية والرياضية، انطلقت اشغال الندوة بالمحور الأول حول فلسفة الخطاب الملكي في احداث نمودج جهوية مغربية – مغربية والذي اطره الأستاذ عبد اللطيف اعمو رئيس بلدية تيزنيت، ومستشار برلماني، ولأعمو نظرة اجرائية لتطبيق الجهوية حيث يعتبرها موضوعا للتشاور والنقاس العمومي وليست موضوع للتنظير ولفرض الآراء ومن تم فانه يرتئي ضرورة استحضار ثلاثة مراحل اساسية في ملامسة قضية الجهوية،  اولا اعتبار فكرة الجهوية هي منتوج تاريخي طبيعي لتطور المجتمع ابتداء من التشريع للامركزية وتوسيع البنيات الترابية واستصدار قانون للجهات وبالتالي فان تلك التراكمات انبتق عنها هذا الإصلاح العميق المترجم لإرادة ملكية ديمقراطية اجتماعية. ويضيف على ان الجهوية الموسعة كورش هيكلي كبير جاءت لوضع الآليات العميقة لضمان التوازن واعطاء خصوصية للمجتمع المغربي وكذا انبتاق ديناميكية جديدة لإصلاح مؤسسي منطلقاته مرتبطة بمنهج اساسي الا وهو اشراك الشعب المغربي في هذا المنتوج التلقائي الذي ينبغي ان ينمو تدريجيا ويشير على ان ثوابت الخصوصيات كانت واردة في الخطاب والتي تؤكد على انفراد المغرب بملكية ضاربة بعمقها في التاريخ وضامنة لوحدة البلاد والمؤسسة لتجانس وقوة الإلتحام لكافة فئات الشعب المغربي.
ويؤكد على ان المرتكزات الثلاث للمرحلة الثانية هي الوحدة والتضامن والتوازن .الوحدة التي تجعل من الجهة مجالا لتحقيق وحدة البلاد من خلال ترسيخ مقومات الدولة، والتضامن من خلال وضع اجراءات وتدابير لفرضه كالتحكم في النظام الجبائي والتوازن الذي ينص على تحديد الإختصاصات مع تمكين المؤسسات للقيام بوظائفها وادوارها. اما المرحلة الثالثة فلأعمو نظرة احترازية في التعاطي معها ويلخصها في اربعة اكراهات اساسية:الإكراه الجيوسياسي والمرتبط بوضعنا في الأقاليم الجنوبية والإكراه اللغوي المتسم بالتعدد والتنوع والذي يستدعي ضرورة ضمان الإنسجام والنمو الطبيعي، ثم الإكراه الطبيعي الذي يستوجب ضرورة الإلمام بكل المكونات الجغرافية فالإكراه الاقتصادي الذي يعرف تفاوتات كبيرة، وفي الأخير. فان عبد اللطيف اوعمو يرى على ان تشكيل لجنة خاصة بالجهوية الموسعة هي مسؤولية عظمى قصد وضع الأسس لإبراز العمق التاريخي كما ان مشروع الجهوية هو إعلان عن تحول عميق للدولة اللاممركزة والتي تنبني على النمو الاستقرار والتدريج.
اما في مداخلة الأستاذ الباحث احمد بومزكو في المحور الثاني حول الجهة والجهوية منتوج تاريخي، فقد ابرز النائب الأول لرئيس المجلس البلدي ان الجهوية كمفهوم هي ظاهرة مركبة ومعقدة على اعتبار ان مرتكزات الهوية المغربية عبر التاريخ تختلط مع العادات والتقاليد وثمة لحظة انتقال بين مرحلتن حيث توجد مرحلة سابقة متسمة بهوية جماعية مرتكزة على الإثارات القبلية، وهنا يستند الدكتور بومزكو على نظرية جدلية الإنصهار والإنشطار وعلى مرجعية ابن خلدون التي تفيد ان الجهوية لا تستقر على حال. ومن هنا يأتي الى الإستنتاج ان المغرب يعيش اختلافا في اطار وحدة وتبدل تركيبي بين الإنتماءالجغرافي والإنتماء القبلي.
اما بالنسبة لأحمد الخديوبي الأستاذ الباحث ومدير نشر مجلة «ادليس» الذي تدخل في محور الجهوية والجهوية المغربية تحديد المفاهيم، فيرى أن أي حديث عن الجهوية لا يستقيم إلا بالتفريق بين الجهوية والفدرالية ، والحكم الذاتي، فالجهوية حسب الفقه الدستوري هي تخويل الأقاليم مجموعة من الاختصاصات وفق قوانين اما الفدرالية فهي تخويل الأقاليم اختصاصات ذات صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية. اما الحكم الذاتي فهو تخويل بعض المقومات المتعلقة بالسيادة لصالح الجهات، أي تنازل الدولة عن بعض عناصر السيادة ومن تم فهو يطرح زاوية أساسية في التعاطي مع موضوع الجهة وتتعلق بعدم تجاهل المعطى التاريخي والثقافي والسوسيولوجي في تقسيم الجهات، ويشير في هذا الصدد أن اللجنة الملكية لم تفتح لحد الآن نقاشا عموميا لتطوير آليات اشتغالها.

Top