كشف تقرير للمنظمة الديمقراطية للشغل من إنجاز علي لطفي، أن سنة 2020 ستواجه حصيلة لتراكمات سلبية للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وحمولة ثقيلة لمديونية مفرطة، واختلالات ونواقص كبيرة لجل البرامج السياسات العمومية التي لم تحقق أهدافها، لسنة 2019.
وأكد التقرير الذي توصلت بيان اليوم بنسخة منه، أنه اعتمادا على الأرقام والمؤشرات الصادرة عن المؤسسات الوطنية والدولية المختصة فان حصيلة 2019 سلبية جدا مقارنة بالالتزامات الحكومية وما تحقق على ارض الواقع، مشيرا إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي إلى 2,7 في المائة كما جاء في تقرير للبنك الدولي، معتبرا أن هذا التراجع ستكون له انعكاسات ستؤثر بلا شك على رفاهية الأسر ومداخليها، مضيفا أيضا أن ما يناهز 9 ملايين مغربي يعانون من الفقر أو معرضين لخطر الفقر أي 24 ٪ من السكان.
وأضاف التقرير ذاته أنه من المرتقب حسب توقعات بنك المغرب أن يبلغ عجز الميزانية، حوالي 4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي مع تراجع فرص الاستثمار العمومي والاستمارات الخارجية ذات القيمة المضافة للاقتصاد والمالية العمومية والقادرة على خلق فرص الشغل، حيث لا تؤدي إلى نتائج إيجابية على مستويات التنافسية العالمية أو على قدرتها على استيعاب الأيدي العاملة الجديدة، علاوة على العجز التجاري الهيكلي، وضعف الادخار وخلق الثروة وفشل اغلب اتفاقيات التبادل الحر بل أثارها السلبية على تنافسية المقاولة الوطنية.
وشدد التقرير على أن نتائج هذه السنة تعكسها بشكل جلي التوجهات الحكومية في قانون المالية لسنة 2020 واللجوء إلى كل الوسائل البديلة لتغطية العجز في الميزانية بما فيه تفويت الممتلكات والمراكز الاستشفائية وخوصصة المؤسسات العمومية وبيعها للخواص.
واعتبر علي لطفي في تقريره، سنة 2019 سنة فشل السياسات العمومية التي لم تحقق أهدافها لكونها تتسم بالبطء والانتقائية وعدم التجانس وغياب التنسيق وإستراتيجية وبرامج المسكنات والإحسان الحكومي، وتراجع مستوى المنظومة التعليمية في تكوين وتأهيل الموارد البشرية والكفاءات المطلوبة وضعف استخدام أسلوب البحث العلمي الحديث ودعمه وتمويله وغياب إستراتيجية مندمجة فعالة لدعم التكنولوجيا الصناعية وتقليص الهوة الرقمية والفشل في إيجاد الحلول الطويلة الأمد للتحديات الاقتصادية الاجتماعية والثقافية الرئيسية التي يوجهها المغرب مع مواجهة مقاومة شرسة للقوى والنخب المستفيدة من الوضع الراهن.
وشدد التقرير على أن سنة 2019 عرفت ركودا اقتصاديا حادا، أعراضه مست كل المجالات الحيوية، خاصة مع الاستمرار في ارتفاع حجم المديونية العامة وانعدام الأثر ذي الدلالة الإحصائية للمديونية الخارجية على النمو الاقتصادي.
وأوضح التقرير أن الديون لم تكن في الحقيقة موجهة للاستثمار العمومي ولا للإصلاحات الهيكلية أو لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين ولا لتحسين المستوى التعليمي والصحي والثقافي للمغاربة، بل أغلبها كان موجها لتمويل العجز المتراكم في الميزانية، مضيفا أنه رافق ذلك تصاعد في حجم مدفوعات خدمة الدين الخارجي بفوائد مرتفعة بشكل قياسي.
وأبرز التقرير أن الدين العمومي العام ارتفع بنسبة 3.4% إلى 901,1 مليار درهم أي ما يمثل 81.4% من الدخل الوطني الخام حسب التقرير السنوي لبنك المغرب، معتبرا أنها شكلت حملا ثقيلا على خطط التنمية المستقبلية والادخار وتزايد معدلات التضخم ومن أسباب ظاهرة هروب رؤوس الأموال إلى الخارج خوفا من تآكلها، بسبب الركود الاقتصادي وضعف الاستثمار فضلا عن التهرب والتملص الضريبي حيث كشف تقرير لمنظمة “أوكسفام المغرب” أن الخسائر المادية التي يتكبدها المغرب كل سنة بسبب التهرب الضريبي للشركات المتعددة الجنسيات تصل إلى 2.45 مليار دولار، معتبرا أن النظام الجبائي غير العادل هو ما يعطل التنمية الاجتماعية بالمغرب، ويعمق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، إذ أن 82 بالمائة من العائدات الضريبية على الشركات تستخلص فقط من 2 بالمائة من الشركات.
وجاء في التقرير أن هذه الديون في الحقيقة لم تكن موجهة للاستثمار العمومي ولا للإصلاحات الهيكلية أو لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين ولا لتحسين المستوى التعليمي والصحي والثقافي للمغاربة، بل أغلبها كان موجها لتمويل العجز المتراكم في الميزانية.
واعتبر التقرير أن الخروج من هده الأزمة المتعددة الأبعاد، “يتطلب فعلا نموذج تنموي جديد يتبنى عقد اجتماعي جديد يرتكز على مبادئ العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للخيرات ويعتمد الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية والتنمية المستدامة، عقد اجتماعي يوفر الحق في الشغل والعمل اللائق والحق في مستوى معيشة كريمة، والحق في الصحة، والحق في التعليم والثقافة، والحق في الإضراب، والحق في الحماية الاجتماعية والحق في السكن و العدالة الضريبية والاجتماعية.
ويضمن الأمن الاقتصادي، والأمن الاجتماعي، الأمن الغذائي، الأمن المائي، والأمن الفكري الثقافي والبيئي ويحمي شبيبتنا ضد فكر التطرف والإرهاب ويضمن الاستقرار والتماسك الاجتماعي في إطار نموذج تنموي جديد”.
وقال علي لطفي في تقريره، إن الأخير يجب “أن يستهدف من جهة تطوير وتقوية البناء السياسي الديمقراطي والمؤسساتي للدولة ويعزز ويحمي وحدة الوطن وتماسكه بمراجعة لبعض بنود الدستور و تطوير البنيات اللامركزية الجهوية والترابية ويقطع مع رواسب الماضي واختلالات الاستحقاقات الديمقراطية، بإعادة النظر في كل القوانين الانتخابية لتكريس الشفافية والديمقراطية وتعود الدولة لتعلب فيه دورا أساسيا عبر سياسات عمومية مندمجة وفعالة في إطار الجهوية الموسعة ذات صلاحيات واسعة وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وأضاف أن النموذج التنموي الجديد يجب أن يعتمد “على اقتصاد تضامني، يحقق نمو متوازن يشمل كافة فئات المجتمع وتقليص الفوارق الاجتماعية وحماية الفئات الأكثر هشاشة وتوسيع فرص الإدماج الإنتاجية للفقراء، وتطوير النظام الجبائي وعدالته وخلق فرص الشغل للشباب من خلال بناء مهارات القرن الحادي والعشرين الجيدة، وسياسة التصنيع والاقتصاد التكنولوجي بتشجيع البحث العلمي والإبداع والاختراع وتطوير وتنمية المنظومة التعليمة وربط الجامعة بمحيطها، وتأهيل المستشفيات العمومية ودعم منظومة دوائية وطنية وتطبيق الحقوق الإنسانية للأشخاص دوي الإعاقة ودوي الاحتياجات الخاصة كالنساء والأطفال والمسنين، على أساس أن ينعكس كل ذلك على تنمية رأس المال البشري ويساهم في التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمة والإنسانية والبيئية ويحقق العدالة الاجتماعية وتكافئ الفرص والاستفادة الجماعية من ثمرات النمو وخيرات الوطن”.
عبدالصمد ادنيدن