قالت وزارة الخارجية الألمانية إن وفدا ألمانيا برئاسة مفوض البلاد للشرق الأوسط توبياس تونكل أجرى محادثات مع أحمد الشرع القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، وزيد العطار ممثل الشؤون الخارجية في الإدارة الجديدة في سوريا، ووزير التعليم في الحكومة الانتقالية.
وأضافت وزارة الخارجية في بيان أن الجانبين ناقشا في الاجتماع الذي عقد أول أمس الثلاثاء (17 ديسمبر 2024) في دمشق، التحول السياسي في سوريا وحقوق الإنسان، وذكرت أن الوفد تحدث مع ممثلين عن المجتمع المدني ومنظمات دينية وتفقد مبنى السفارة الألمانية في دمشق.
وجاء في البيان “تركز جوهر المناقشة على التحول السياسي وتوقعاتنا فيما يتعلق بحماية الأقليات وحقوق المرأة، حتى نتمكن من رؤية تطورات سلمية في سوريا”.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنه تم رفع علم البلاد أول أمس الثلاثاء فوق سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد 12 عاما من قطع العلاقات مع الرئيس المخلوع بشار الأسد خلال الحرب الأهلية، فيما التقى دبلوماسيون فرنسيون بمسؤول من الفريق الانتقالي. وذكرت الوزارة أن فريقا من الدبلوماسيين الفرنسيين التقى بمسؤول من السلطات الحاكمة الجديدة في العاصمة السورية أول أمس الثلاثاء، دون أن تحدد هوية من التقوا به.
وذكر بيان الخارجية الفرنسية أن الدبلوماسيين التقوا أيضا بممثلين عن المجتمع المدني في دمشق لعرض الموارد لتقديم دعم طبي ونفسي للمعتقلين المفرج عنهم من سجون النظام، كما التقوا بممثلين عن مختلف الطوائف السورية.
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أول أمس الثلاثاء إنه ينبغي للاتحاد الأوروبي “تكثيف” علاقاته مع هيئة تحرير الشام التي تتولى السلطة في سوريا منذ إطاحة بشار الأسد. وصرّحت بعد اجتماع مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة “علينا الآن تكثيف تعاملنا المباشر مع هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى”، معتبرة أيضا أن الاتحاد الأوروبي وحلفاءه “لا يمكنهم السماح بعودة” تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وأكدت أنّ “خطر عودة (التنظيم) حقيقي”، مشيرة إلى أنّه “يجب احترام وحدة الأمة (السورية) وحماية الأقليات”.
وفي وقت سابق، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس من ستراسبورغ، إن الاتحاد “مستعد” لإعادة فتح سفارته في دمشق.
وبعثة الاتحاد، التي تشبه السفارة، في سوريا لم تُغلق رسميا أبدا، لكن لم يكن هناك سفير معتمد في دمشق أثناء الحرب.
وقالت كالاس أمام البرلمان الأوروبي “نريد أن تستأنف هذه البعثة العمل بكامل طاقتها”. وذكرت أنها طلبت من رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي الذهاب إلى دمشق يوم الاثنين للتواصل مع القيادة الجديدة في سوريا والفصائل المختلفة الأخرى.
وكذلك تسعى المملكة المتحدة والأمم المتحدة من أجل إقامة اتصالات مع السلطات الانتقالية التي تخضع خطواتها الأولى في الحكم، لمراقبة لصيقة.
فقد ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا الذي كان يعرف بأبو محمد الجولاني، التقى في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين بوفد من وزارة الخارجية البريطانية. وشدد على ضرورة استعادة العلاقات ورفع العقوبات عن سوريا حتى يتمكن اللاجئون السوريون من العودة إلى ديارهم.
وقبيل الاجتماع، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن بلاده أرسلت وفدا من كبار المسؤولين البريطانيين “إلى دمشق هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع السلطات السورية المؤقتة الجديدة وأعضاء من جماعات المجتمع المدني في سوريا”.
وكانت إيطاليا قد أعادت فتح سفارتها في دمشق حتى قبل سقوط الأسد، وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أمام البرلمان أول أمس الثلاثاء مدافعة عن فتح سفارة بلادها، إن إيطاليا مستعدة للتحدث مع الحكام الجدد في سوريا، الذين أطلقوا إشارات أولى “مشجعة”، مضيفة أن الحذر لا يزال مطلوبا. وقالت “يجب أن تكون الأقوال متبوعة بأفعال، وبناء على الأفعال سنقيم السلطات السورية الجديدة. وسيكون العنصر الحاسم هو الموقف تجاه الأقليات العرقية والدينية، أفكر بشكل خاص في المسيحيين”.
وأمام تحدي توحيد البلاد وتطلعات العواصم الأجنبية، تعهد قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني الذي بات يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، حلّ الفصائل التي ساهمت في إسقاط بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، ودمجها في الجيش. وفي بيان باسم تحالف الفصائل، قال الشرع “سيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون”.
إلا أن توحيد البلاد المشرذمة بسبب سنوات الحرب الطويلة والتي تنتشر فيها فصائل عدة تدين بولائها لجهات مختلفة وأقليات دينية واتنية، ليس بالمهمة السهلة. وتؤكد هيئة تحرير الشام التي أعلنت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة أنها نأت بنفسها عن الجماعات الإسلامية المتطرفة. لكنها تبقى مصنفة “منظمة إرهابية” من جانب الكثير من العواصم الغربية ومن بينها واشنطن.
ورغم اعتمادهم الحذر، يسعى الغربيون إلى التواصل مع السلطة الجديدة لإدراكهم خطر تفكك محتمل للبلاد وعودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي لم يتم القضاء عليه بالكامل في سوريا.