مؤشران جوهريان كانا بارزين بقوة في مؤتمر التقدم والاشتراكية الأخير، ويستحقان فعلا انتباه المراقبين ووسائل الإعلام، ويتعلق الأمر بالتقرير المالي الذي عرض أمام المؤتمرين، ولم يتردد إسماعيل العلوي حينها في القول بأنه لأول مرة في تاريخ الحزب يقدم للمؤتمر تقرير مالي معد بحرفية عالية٬ وينطق بوضوح الأرقام وبكل مبررات الصرف والمصدر والمسالك، ولم يجد المؤتمرون جوابا أحسن من المصادقة عليه بالإجماع، وإصدار قرار بنشره في صحيفتي الحزب لتعزيز منظومة الشفافية المالية والتدبيرية في الحزب.
المؤشر الجوهري الثاني، يتمثل في كون المؤتمر كان مفتوحا أمام كل الصحفيين، من دون أي انتقاء أو توجيه مسبق، وحضر ممثلو وسائل الإعلام مختلف جلسات المؤتمر، وتابعوا كل النقاشات وجميع التوترات وتجليات القلق بين المؤتمرين، بل حضروا أيضا عمليات التصويت لانتخاب الأمين العام، وأيضا عمليات الفرز، وولجوا قاعة الجلسات العامة، وفضاءات عمل اللجان، والتقوا بالمؤتمرين واستمعوا لكل الآراء والحساسيات، وكانوا يجاورونهم في المقاعد، وداخل المطعم، وفي ساحة المؤتمر…
وكانت وكالة مهنية للاتصال تعاقد معها الحزب بمناسبة المؤتمر قد أعدت للصحافيين مركزا إعلاميا يعملون من داخله، وزودتهم بكل الوثائق التي طلبوها، كما أعد المنظمون لقاءات تواصلية مع الناطق الرسمي باسم المؤتمر، عبد الواحد سهيل؛ ومع رئيس المؤتمر، أحمد سالم لطافي؛ ومكنت المصورين من التقاط ما يريدونه من صور، بما في ذلك للمرشحين للأمانة العامة قبل أن تبدأ عملية التصويت، وأجابوا على أسئلة الصحفيين…
المؤتمر تقدم بذاته أمام كل الصحفيين عاريا مجردا من أي قناع أو انتقائية، وهنا أيضا تجلت الشفافية في التعاطي مع الرأي العام، ومع الإعلام.
الدرس هنا جاء بصيغة الجمع، وأسس لمرحلة جديدة ولجها فعلا حزب التقدم والاشتراكية، من عناوينها : إقرار كل الوثائق السياسية والبرنامجية والتنظيمية بشبه إجماع، ما يعكس تماسكا واضحا في البنية الداخلية للحزب، إعمال شفافية كبيرة على مستوى المعطيات المالية والتدبيرية الداخلية للحزب، وتقديمها للرأي العام الحزبي الممثل في المؤتمر ولكافة المواطنين من خلال وسائل الإعلام، جعل كل أطوار المؤتمر مفتوحة أمام الصحفيين، وتمكينهم من كامل المعلومة الحزبية بكل وضوح وشفافية، استمرار العمل مع مهنيين ووكالات متخصصة في قضايا تنظيم المؤتمر والتواصل واللوجيستيك، ثم انتخاب أمين عام من جيل حزبي جديد، وعلى قاعدة تعدد الترشيحات والتصويت السري…
كل هذه العناوين تكتسب اليوم صفة الالتزام الأخلاقي والسياسي، والحزب مسؤول عن عدم التراجع عنها، بل السعي إلى تطويرها لأشكال أرقى، ومن ثم تشجيع الانفتاح، خصوصا، على وسائل الإعلام، لأنه متى تحقق الانفتاح، وترسخت الثقة والحوار، أمكننا جميعا أن نعزز المتابعة الإعلامية المهنية لحياتنا السياسية والحزبية، وأن نقدم للجمهور مادة إعلامية سياسية ذات مصداقية وبجودة مهنية عالية..
شفافية المعلومة المالية، وشفافية العلاقة مع الصحافة، تعكس ثقة في النفس، وقوة في القناعات…