يتواجد حاليا بالعاصمة الموريتانية نواكشوط رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، والمناسبة طبعا انطلاق بطولة كأس أمم إفريقيا لأقل من عشرين سنة، والتي تعرف مشاركة المنتخب المغربي لهذه الفئة.
وأظهرت الصور ولقطات الفيديو، حضوره لتداريب العناصر الوطنية، وتحفيزهم وتشجيعهم، مع الحرص على مرافقتهم في كل المحطات التي يمثلون فيها كرة القدم الوطنية.
وطبيعي أن يكون لهذا الحضور أهداف أخرى، وتتجلى في أهمية التواجد عن قرب بأهم الأحداث الكروية على الصعيد القاري، والانصهار الكلي وسط عائلة كرة القدم الإفريقية، والتعرف أكثر على خصوصياتها ومميزاتها، والتأثير فيها بشكل إيجابي.
والمعروف أن لقجع وقبل الالتحاق بالجارة موريتانيا، تواجد بأيام قبل ذلك بقطر، تلبية لدعوة من الاتحاد المحلي، حيث حضر نهائي كأس العالم للأندية، والتي فاز بها ناد بايرن ميونيخ الألماني، وكانت مناسبة أيضا لإجراء اتصالات مباشرة، مع أجهزة القرار داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، في أفق الانتخابات المرتقبة، التي ستشهدها (الكاف) بالمغرب، والتي ستعرف اختيار ممثلي افريقيا داخل “الفيفا”.
والكل يعرف كذلك، أن لقجع التحق بالعاصمة القطرية مباشرة من الكامرون، حيث تابع هناك المسار الإيجابي للمنتخب المغربي المحلي بدورة “الشان”، حضر أولا حفل الافتتاح، وسهر شخصيا على ظروف الإقامة والتداريب، تابع أطوار المباراة الأولى ضد الكوغو، وعاد للمغرب قصد مباشرة مهامه كمسؤول أول عن الميزانية العامة بوزارة المالية.
عشرة أيام بعد ذلك، عاد مرة أخرى للكامرون، حضر دور نصف النهاية، والمباراة الختامية ضد مالي، تواجد بملاعب التداريب سواء بدوالا أو ياوندي، شارك العناصر الوطنية فرحتهم بالتتويج داخل مستودع الملابس، عانقهم واحدا واحدا، ووعدهم بمكافآت في مستوى المجهود الذي بذلوه، وطار من هناك إلى الدوحة.
نشاط مكثف وجولات مكوكية عابرة للقارات، بدون كلل ولا ملل ولا تهرب من المسؤولية، ولا تراخ ولا اقتصاد في الجهد، انخراط تلقائي بدون حسابات، بل هناك زيادة عما هو مطلوب من مسؤول بمهام متعددة.
وسط كل هذا البرنامج المكثف، والتنقلات الطويلة، وجد نفسه مجبر على التدخل على وجه السرعة، لمعالجة إشكال معقد ظهر فجأة، ويتعلق الأمر بمباراة فريق الوداد البيضاوي ضد نادي كايزر شيفس الجنوب افريقي، حيث تمكن من إيجاد الحل المناسب في زمن قياسي.
يقوم لقجع بكل هذا المجهود الخرافي، بدون أي بروتوكول أو حرص على إظهار نوع من التعالي، متواضع في تعامله مع الجميع، بكثير من نكران الذات، ينصت للجميع، يتبادل الحديث عن كل من له علاقة من قريب، أو بعيد مع كل مكونات بعثات المنتخبات الوطنية، يدقق في كل التفاصيل، ولا يترك أي شيء للصدفة.
للقجع “روتينى” يومي معروف أثناء تواجده بالمغرب، يلتحق في الصباح الباكر بمكتبه بوزارة المالية، وبعد الانتهاء من مهامه الوظيفية، يقصد مباشرة إما مقر الجامعة بحي الرياض، أو مركز محمد السادس لكرة القدم بضواحي سلا، يتابع هناك وعن قرب، تداريب كل المنتخبات السنية بفئتي الإناث والذكور، حيث تبرمج معسكرات تدريبية دائمة، وهناك من دخل في نظام رياضة ودراسة.
يجتمع مع مدربي المنتخبات الوطنية، يتعرف على السير العادي لهذا المركز التحفة الرائعة التي كسبت صيتا عالميا، ويعود في ساعة متأخرة إلى منزله بمنطقة تمارة، وبين الفينة والأخرى يسافر إلى بركان لحضور مباريات النهضة البركانية، ويستغل تواجده بعاصمة الليمون لزيارة منطقة تافوغالت مسقط الرأس والتواجد الدائم للعائلة.
للقيام بكل هذا المجهود اليومي، لابد من الاستعانة بمنشطات لأن الأمور تتجاوز أحيانا قدرة الإنسان العادي، والمنشط الذي يستعين به، كما أكدت ذلك التحاليل المخبرية، شغف كبير وتقدير لروح المسؤولية، وانخراط كلي في أداء الواجب الوطني.
والآن فهمنا لماذا أصبحت الأوساط الكروية بالجزائر، تعتبر فوزي لقجع عدوها اللدود، أصابها سعار غير عادي، وأصبحت تلصق به كل الهزائم المدوية التي تتلقاها تواليا داخل القارة الإفريقية.
>محمد الروحلي