التقينا مع الكاتب المغربي سعيد رضواني صاحب المجموعة المتميزة “مرايا” التي نقلته إلى العالمية، وأجرينا معه الحوار السريع التالي:
* في مسارك الأدبي؛ هل راودتك فكرة كتابة نص أو عمل عابر للزمن؟
في كل منا نوازع متناقضة، تلك التي تتماهى مع نهر هراقليطس وتهوى التغير وتطمح للخلود برغبة جلجميشية، وأخرى تتماهى مع نفسها وتخشى التغير. يقول بورخيس: “لقد فهم سبينوزا بأن الأشياء تريد البقاء في كينونتها، الحجرة تريد أن تظل حجرة إلى الأبد، والنمر يريد أن يبقى نمراً، أما أنا فعلي أن أبقى في بورخيس». وطبعا أنا أريد أن أبقى سعيد وهدف نصوصي الإفادة والإمتاع، وإن شئتَ غايتي محبة الناس. ولكي تمتد هذه المحبة في الزمن على نصوصي أن تستمر في الزمن.
* ما هو رأيك في المشهد القصصي اليوم؟
** القصة المغربية تطورت كثيرا، والمشكل في المواكبة النقدية والترويج للإنجازات القصصية. وأظن أن هذه الأمور من اختصاص المؤسسات وليس الأفراد. إن حظيت القصة المغربية بالمواكبة النقدية والتوزيع الجيد ممن الممكن أن تنتشر عالميا. بعض المبدعين المغاربة يستحقون اهتماما عالميا.
* ماذا عن الجوائز؟
** الجوائز تشجع على الإبداع، لكني لا أهتم بها، فأنا لا أكتب في حلبة ولا أريد أن أنتصر على أي مبدع.
* هل أنصفك النقد؟
** طبعا طبعا. وأشكر كل النقاد الذين اهتموا بكتاباتي.
* ماذا عن المشهد القصصي في ظل طغيان مواقع التواصل وبروز “مبدعين” كثر؟ ** مواقع التواصل سلاح ذو حدين، فبقدر ما ساهمت في استقطاب الكثير من الناس لعالم الإبداع، بقدر ما ساهمت أيضا في جعل الكثيرين يستسهلون خوض غمار الإبداع الذي يحتاج لكثير من القراءة والدربة والمراس، وهي الأمور التي لا تبقي لها مواقع التواصل وقتا.
من أراد أن يصبح كاتبا عليه أن يدمن القراءة الورقية، عليه أن يقرأ أمهات الكتب.
* إذا أردنا تعريفك وتقديمك: ولادة ودراسة وموهبة.. والمؤثرات الأدبية والتاريخية والاجتماعية والسياسية والنفسية المسهمة في إبداعك.
** ولدت في الدار البيضاء وبين أزقتها ترعرعت. بين جدرانها درست وعاركت الحياة، وفي أزقتها دندنت بالموسيقى التي تعلمت بعض أبجدياتها فيما بعد، وبين دروبها مارست الرسم. وفي مقاهيها حضرت للكثير من النقاشات الاجتماعية والسياسية التي لابد أنها مارست تأثيراتها علي. وفي نواحي الدار البيضاء لدينا ضيعة، وفي تلك الضيعة تكونت لدي قيم بدوية جميلة. في تلك الضيعة تعرفت على الإنسان البدوي الرائع، فيها استمعت إلى حكايات الجن، وإلى مغامرات البدو، فيها تعرفت على عاداتهم وتقاليدهم.
*وماذا عن الأعمال الحاضرة والمستقبلية؟
** قريبا، إن شاء الله، ستصدر لي مجموعة قصصية بعنوان “قلعة المتاهات”، وقد أهديتها لأستاذنا المبدع العظيم سي أحمد بوزفور.
*وهل هناك كتابات في جنس غير الجنس الذي تكتب فيه… هل ترى نفسك في القصة والشعر أم في الرواية؟
** أحب الرواية وأجد نفسي فيها، لكنني أجد المتعة في القصة القصيرة أكثر من أي جنس أدبي آخر، وهي الأقرب إلى نفسي. يقول بورخيس: «إنني لا أرى ولا أستسيغ أدباً إن لم يكن قصة أو قصيدة.. وإن رواية تتألّف من 400 أو 500 صفحة قد تبعث على الملل وهي بالتالي مهددة بالزوال”؛ ورغم هذا أرى الرواية جنسا أدبيا عظيما.
* كيف يتعامل المبدع مع الثالوث المحرم: الجنس والسياسة والدين؟ ثم هل هناك إبداع عفيف؟
** لا أمارس الرقابة على إبداعي، وأترك الحرية لقلمي كي يعكس تساؤلاتي وحيرتي وقلقي. أنا أكتب ما أفكر فيه، وما أفكر فيه يختلف عما أعيشه، فإن كان ما أعيشه مسيجا بأسلاك اجتماعية شائكة، فما أفكر فيه يحلق مع الطيور. وإلا، فماذا تعرف الطيور عن الجنس والسياسة والدين! حاوره: عبد الرحيم التدلاوي