ديربي من نوع آخر سيجمع مرة أخرى بين الناديين الكبيرين الوداد والرجاء اللذين تعودا على التنافس فوق أرضية الملعب، لكن موعد ومكان التباري هذه المرة بـ “العالم الافتراضي”، حيث قررا التنافس مجتمعين، لتحقيق نتيجة الفوز في مواجهة تحت شعار واحد، ألا وهي: “من أجل الحياة، والانتصار لقيم التضامن وروح المواطنة العالية”.
تنافس شريف ببعد وطني عال وتوظيف ذكي للفعل الرياضي، وإشراك فعلي وأساسي لقاعدتيهما الجماهيرية العريضة من أجل إنجاح هذه المبادرة الخلاقة، والهادفة إلى المساهمة الفعلية في تمويل المجهود المالي الذي تبذله كل مكونات المجتمع المغربي، وتخصيص مداخيله لدعم صندوق محاربة وباء كورونا المستجد.
كل ناد طرح عددا معينا من التذاكر للبيع عن طريق الإنترنت، كما خصصا أقمصة باللونين الأحمر والأخضر بأثمان تشجيعية لنفس الغرض، وهي مبادرات ومجهود إداري، وإشراك فعلي لجمهورهما في هذا المجهود الوطني المطبوع برهان التحدي والصمود، غير القابل للتراجع أو الروح الانهزامية.
وحسب الأصداء الأولية، فان هناك نجاحا كبيرا تعرفه عملية بيع التذاكر، حيث يؤكد مسؤولو الناديين هذا الإقبال المتزايد، وهذا ليس بجديد على قاعدتهما الجماهيرية الكبيرة، والتي كثيرا ما أبهرت المتتبعين داخل والخارج المغرب، بحضور لافت وتشجيع منقطع النظير، وإبداعات تجعل من ديربي البيضاء واحدا من أشهر الديربيات العشرة على الصعيد الدولي.
والحقيقة أن هذه المبادرات التي وصفت بالخلاقة، ليست غريبة على الناديين التاريخيين، واللذين أسسا على الروح الوطنية الصادقة، وتفاعلهما الإيجابي مع القضايا الوطنية، سواء أيام الحماية أو بعد بزوغ فجر الاستقلال، إذ كانا دائما وسيظلان أوفياء لهذا المبدأ الأساسي، بعيدا عن أية مساومة أو التردد، وأي مسؤول يتحمل مسؤولية تسيير إدارة الناديين الكبيرين، يجد نفسه مطوقا بهذه المهام السامية غير القابلة للنقاش أو التردد، وإلا فإنه لا يستحق شرف تحمل هذه المسؤولية.
المؤكد أن المتتبعين لن ينتظروا خلال هذه المباراة المختلفة تماما عما سبق، من سيفوز من الفريقين، ولا إمكانية الاكتفاء بنتيجة التعادل، لأن المواجهة هذه المرة لا تقبل الحسابات الخاصة، مادام الهدف هو الخروج بنتيجة الانتصار مجتمعين، فالهدف في النهاية هو واحد والمصير واحد، وقدرنا أن نربح الرهان الذي يهمنا مجتمعين، بدون تفرقة ولا اختلاف الألوان، ألا وهو تحقيق الانتصار للمستقبل، والمصلحة العليا للوطن.
وهذه مهام مسلم بها مادام اللونان الأحمر والأخضر هما في النهاية، لونا علمنا الوطني الذي يشكل كياننا وهويتنا وانتماءنا المقدس.
محمد الروحلي