عامنا الجديد

يحتفل شعبنا الأمازيغي، في المغرب وفي عموم شمال إفريقيا، اليوم برأس السنة الأمازيغية، أي( أسكاس أماينو)، والذي يحمل تسميات أخرى في بعض مناطق المغرب وخارجه، ويصادف يوم 13 يناير من كل عام.
ويعتبر العديد من الباحثين التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي اعتمدتها الإنسانية عبر التاريخ، مؤكدين أن الأمازيغ اعتمدوه منذ 950 سنة قبل الميلاد، ولهذا فإن السنة الحالية 2012 تصادف مرور 2962 سنة على بداية الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.
حلول العام الأمازيغي الجديد هذه السنة يتميز بالحراكات الشعبية التي شهدتها عدد من بلدان شمال إفريقيا، وبما أفضت إليه من تحولات سياسية وديمقراطية، ساهمت اليوم في إعادة الحقوق الثقافية واللغوية إلى الواجهة في أكثر من بلد في المنطقة.
وفي المغرب، نتج عن ديناميتنا الديمقراطية إقرار دستور جديد اعترف برسمية اللغة الأمازيغية، وكرس تعددنا الثقافي واللغوي والهوياتي دستوريا، وأعلن عن إنشاء مجلس للغات والثقافة المغربية، وهذه التغييرات تطرح اليوم أهمية الإقدام على إجراءات رمزية وسياسية تنسجم منطقيا مع سياق التنصيص الدستوري، وهي لا تتطلب اعتمادات مالية، ولا تفرض ملاءمات قانونية أو استعدادات خارقة للعادة.
إن أهم دلالة يكشف عنها الباحثون والمؤرخون في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، أن المناسبة ترتبط بالأرض وبخصوبتها وبالحياة، وباعتزاز الأمازيغ بأرضهم، وعندما تنادي الحركة الجمعوية الأمازيغية اليوم باعتبار هذه المناسبة عيدا وطنيا رسميا، ويوم عطلة بالنسبة لجميع المغاربة، فإنها تنطلق من ضرورة الحرص على إكساب التنصيص الدستوري معنى ملموسا، وبالتالي الانتقال من صيغة الاحتفال الشعبي بالمناسبة إلى السياق المؤسساتي والى حقل الإشارات الرمزية القوية التي تتيح التمعن في القيمة الحضارية للحدث، وتأمين استمراريته، ومن ثم تكريس مصالحة حقيقية للمغاربة مع ذاتهم ومع تاريخهم وهويتهم.
وحيث أن المناسبة شرط، على حد نصح الفقهاء، فان البرنامج الحكومي المرتقب، وإجراءات الشهور الأولى من عمل الحكومة الجديدة، لا بد أن تضمن توجيه رسائل التطمين حول أجرأة ترسيم الأمازيغية، وتقوية حضورها في التعليم والثقافة والإعلام، وفي الحياة العامة، وعلى المستوى المؤسساتي، مع الحرص على عدم التراجع عن المكاسب التي تراكمت في السنوات الأخيرة، والعمل،بدل ذلك،على تطويرها، وعلى فتح آفاق جديدة من شأنها إعادة الاعتبار للمغرب المتعدد والمتسامح والمنفتح.
إن تخليد السنة الأمازيغية الجديدة، والاحتفاء بدلالات الحدث ورمزياته، من شأن ذلك أن يقوي في المغاربة جميعا الإحساس بقيمة الأرض، أي الوطن، ويمتن ارتباطهم ببلدهم وغيرتهم عليه وعلى مستقبله، وهو شعور كم نحن في حاجة إليه اليوم لمواجهة مختلف التحديات الإستراتيجية والتنموية المطروحة على بلادنا.
لشعبنا التهنئة والتحية في عامنا الأمازيغي الجديد، ولبلادنا كل متمنيات الاستقرار والوحدة والديمقراطية والتقدم.
[email protected]

Top