غارات إسرائيلية عنيفة ورد بقصف صاروخي ولبنان على “حافة الهاوية” وفق غوتيريش

شنت إسرائيل أول أمس الثلاثاء ضربات جوية جديدة على أهداف لحزب الله في لبنان، قتلت إحداها قياديا في الحزب، وذلك غداة غارات جوية غير مسبوقة خلفت أكثر من 550 قتيلا، في تصعيد زاد المخاوف من اشتعال المنطقة بعد نحو عام على اندلاع الحرب في غزة واستدعى اجتماعا لمجلس الأمن الدولي عقد أمس الأربعاء.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام الجمعية العامة في نيويورك من أن  “لبنان على حافة الهاوية” في ظل التصعيد العسكري بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران والمتحالف مع حركة حماس الفلسطينية.
وقال غوتيريش إن الوضع في قطاع غزة “كابوس دائم يهدد بجر المنطقة برمتها إلى الفوضى، بدءا بلبنان”، مطالبا بوقف “فوري” لإطلاق النار في القطاع.
لكن  وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اتهم غوتيريش بالإخفاق في منع هجمات حزب الله على إسرائيل.
وقال غالانت ردا على غوتيريش عبر منصة إكس “إن الكابوس الذي تتحدث عنه، هو في الواقع حقيقة … الحقيقة هي أن حزب الله أخذ لبنان رهينة، والأمم المتحدة لا تقر بأفعاله، ولا تفي بالتزامها الأساسي، منع هجمات حزب الله والمطالبة بتنفيذ القرار 1701”.
من جهتها، طالبت حركة حماس “بالتحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة على شعبنا في قطاع غزة”، مؤكدة “عدم الخوض في مفاوضات جديدة تمنح الاحتلال غطاء لاستمرار عدوانه”.
في الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس الثلاثاء أنه قتل قائد المنظومة الصاروخية في حزب الله في غارة في ضاحية بيروت الجنوبية. وقال مصدر مقرب من الحزب إن الغارة أسفرت عن مقتل القائد العسكري ابراهيم قبيسي.
وأدت الغارة إلى مقتل ستة أشخاص، وفقا لوزارة الصحة، وتدمير طابقين من مبنى في حي سكني مكتظ في منطقة الغبيري.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أول أمس الثلاثاء في مقطع مصور بثه مكتبه “سنواصل ضرب حزب الله. وأقول للشعب اللبناني: إن حربنا ليست ضدكم، إن حربنا ضد حزب الله”.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أول أمس الثلاثاء إن إسرائيل لا ترغب في اجتياح لبنان، مذكرا بأن هدف العملية العسكرية في لبنان هو إعادة سكان المناطق الحدودية في شمال إسرائيل إلى ديارهم بعدما نزحوا هربا من القصف عبر الحدود.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس الثلاثاء أنه يواصل غاراته الجوية واستهداف وقصف بنى تحتية عائدة لحزب الله في جنوب لبنان وذلك في إطار عملية أسماها “سهام الشمال”.
ومساء أول أمس الثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه شن موجة غارات جديدة “واسعة النطاق” على أهداف لحزب الله.
وقال الجيش في بيان إنه “خلال الساعات القليلة الماضية، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي أهدافا تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بما في ذلك منصات إطلاق صواريخ ومواقع بنى تحتية للإرهاب ومباني خزنت أسلحة فيها”.
وبحسب الجيش فقد أطلق حزب الله أول أمس الثلاثاء نحو 300 صاروخ باتجاه إسرائيل. وقال المتحدث باسم الجيش أن الضربات أدت إلى إصابة “ستة مدنيين وجنود بجروح، معظمها طفيفة”.
وأعلن الحزب من جانبه قصف قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل على دفعتين بتسعين صاروخا. وقال إنه استهدف “قاعدة دادو” وهي مقر القيادة الشمالية قرب مدينة صفد التي تبعد نحو 15 كيلومترا عن الحدود مع لبنان، على دفعتين “بـ 50 صاروخا ” ثم “40 صاروخا “، وذلك “دفاعا عن لبنان وشعبه”.
وأعلن الحزب في وقت سابق إطلاق مزيد من صواريخ فادي-2 مستهدفا مواقع عسكرية قريبة من مدينة حيفا في الشمال، بينها “مصنع متفجرات” على بعد حوالي ستين كلم من الحدود اللبنانية، إضافة إلى مدينة كريات شمونة.
وأسفرت ضربات يوم الاثنين الماضي عن 558 قتيلا بينهم 50 طفلا و94 امرأة، إضافة إلى 1835 جريحا بحسب السلطات اللبنانية في أعلى حصيلة قتلى خلال يوم واحد منذ نهاية الحرب الأهلية (1975-1990).
وتحدث الجيش الإسرائيلي عن مقتل “عدد كبير” من عناصر حزب الله.
وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن “غضبها” بعد مقتل موظفة وعامل متعاقد في الغارات الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت جنوب لبنان وشرقه يوم الاثنين الماضي.
وفيما تقرر إغلاق المدارس والجامعات حتى نهاية الأسبوع، أعلنت العديد من شركات الطيران أول أمس الثلاثاء تعليق رحلاتها إلى بيروت.
وأفادت الأمم المتحدة إن عشرات الآلاف فروا من المناطق التي تتعرض للقصف في الجنوب باتجاه صيدا الساحلية أو بيروت. وسلك آخرون طريق سوريا.
وأول أمس الثلاثاء، ضاقت الطريق المؤدية إلى العاصمة اللبنانية بطوابير طويلة من السيارات. وفي صيدا، شوهدت طوابير للمواطنين أمام محطات الوقود والأفران.
وروى العديد من اللبنانيين الذين فروا من المناطق الجنوبية المستهدفة بالغارات الإسرائيلية أنهم قضوا ساعات طويلة يوم الاثنين الماضي عالقين داخل سياراتهم، محاولين الوصول إلى مناطق آمنة.
وفي معهد فندقي على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت لجأ إليه مئات النازحين، قالت ثريا حرب (41 عاما) وهي عاملة تنظيف، لوكالة فرانس برس إنها تركت منزلها مع زوجها وأبنائها الأربعة “عند الثانية إلا ربع (بعد ظهر الاثنين) ووصلنا عند الساعة العاشرة ليلا بسبب الزحمة”.
وأوضحت المرأة أن الرحلة من قريتها تول في قضاء النبطية التي تبعد نحو 16 كلم عن الحدود، “تستغرق عادة حوالي ساعتين”.
وروت أنه “كان يوم رعب. لم أرغب بترك منزلي لكن الأطفال خافوا واضطررنا للمغادرة … خرجنا بالثياب التي كنا نرتديها. لم نحمل معنا أي حاجيات”.
وروى مسؤول عن مركز صحي في السكسكية قرب صيدا مشاهد مرعبة.
وتحدث الطبيب موسى يوسف عن “عدد كبير من القتلى: أطفال ونساء وأشخاص فقدوا أطرافهم أو تحطمت رؤوسهم”، مؤكدا أن “تسعين في المئة من الجرحى الذين نقلوا إلى المركز كانوا أطفالا”.
وأكد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت أنه في يوم واحد، تمكن الجيش الإسرائيلي من “تدمير عشرات آلاف الصواريخ والذخائر”، معتبرا أن حزب الله يعيش “الأسبوع الأكثر صعوبة منذ إنشائه” العام 1982.
من جهته، تعهد حزب الله الاستمرار في مهاجمة إسرائيل “حتى نهاية العدوان في غزة”، حيث اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر

وتصاعدت وتيرة المواجهات بين الدولة العبرية وحزب الله بعد تفجير أجهزة اتصال يستخدمها عناصر الحزب يومي 17 و18 سبتمبر، ما أسفر عن مقتل 39 شخصا بحسب السلطات اللبنانية. ونسب الحزب هذه التفجيرات إلى إسرائيل.
ومن على منبر الأمم المتحدة حذر الرئيس جو بايدن من “حرب شاملة” في لبنان مؤكدا أن “الوقت حان لإنجاز اتفاق بشأن غزة ووقف هذه الحرب”.
وندد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أول أمس الثلاثاء في حديث لقناة “سي ان ان” بـ”عجز” الأمم المتحدة حيال إسرائيل معتبرا بأنه “غير مبرر ولا مفهوم”، في ظل تصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط.
وفيما أعربت الأمم المتحدة عن خشيتها من “كارثة وشيكة” في المنطقة، كرر الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الاثنين الماضي أنه “يعمل على احتواء التصعيد”.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي مايكل هوروفيتز أنه رغم القلق السائد، يدرك الجانبان أخطار اندلاع حرب واسعة النطاق.
وقال لفرانس برس “إنه وضع بالغ الخطورة، ولكن في رأيي، لا يزال ثمة مكان للدبلوماسية لتفادي الأسوأ”.

أ.ف.ب

Top