توجد القضية الفلسطينية اليوم في قلب مرحلة دقيقة تلفها كثير مخاطر تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني، وتهدد كامل المنطقة بمزيد من التوتر والسخونة.
إن الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي عبر السعي لتنفيذ ما سمي ب”صفقةالقرن”، ومخططات نتيناهو لضم أراض من الضفة الغربية “والقدس جزء منها” وفرض سيادة إسرائيل عليها، يمس اليوم جوهر الحق الفلسطيني، وفِي نفس الوقت يجسد جوهر السياسة الإسرائيلية التوسعية والاستعمارية.
الكيان الإسرائيلي بزعامة نتيناهو والمتحالفين معه، وبدعم واضح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا يعير أي اهتمام لقرارات الشرعية الدولية ومقتضيات القانون الدولي ذات الصِّلة، ويصر على فرض واقع حال جديد على الأرض من خلال إجراءات أحادية، هي تمثل ضربة قاضية لكل آمال السلام في المنطقة، وتزيد من معاناة الفلسطينيين وخيبتهم ويأسهم.
هذه السياسة الإسرائيلية الاستعمارية لقيت تنديدا واسعا عبر العالم وفِي كل الأوساط الديمقراطية المدافعة عن السلام، ووقع أزيد من ألف برلماني أوروبي رسالة مشتركة لرفض إجراءات نتيناهو وترامب، كما استنكرت أوساط عربية ودولية مختلفة هذه العدوانية الصهيونية المنتهكة للشرعية الدولية، وتتطلع قوى السلام أن يستطيع الرأي العام والمنتظم الدولي وقف الضم الأحادي لأراضي الضفة الغربية، ودفع نتيناهو وترامب إلى احترام التوافقات المبرمة من قبل، والعودة إلى السير نحو أفق الحل السلمي القائم على حل الدولتين، وعبر مفاوضات حقيقية بين الأطراف المعنية.
الواضح اليوم أنه مقابل المطالبات المتنامية وسط شعوب العالم بالسلام في الشرق الأوسط وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ومقابل السعي الفلسطيني إلى الحل واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، هناك عدوانية فجة ومتعالية من لدن إسرائيل وإدارة ترامب، وإصرارا من طرفهما على دوس كل أحكام الشرعية والقانون الدوليين، والإمعان في اتخاذ القرارات أحادية الجانب.
هذه المعادلة تمثل اليوم تهديدا خطيرا وجوهريا لكامل المسلسل السلمي، ومن شأنها خلق تصعيد كبير في المنطقة، وجر الأوضاع إلى الاشتعال والسخونة في هذه الظرفيات الدولية والإقليمية الصعبة والحرجة، كما أنها تزيد من معاناة الفلسطيين يوميا، سواء الذين يوجدون في الضفة أو خارجها أو اللاجئين والمشردين في كل بقاع الدنيا.
المجتمع الدولي اليوم أمام تحدي وقف هذه العدوانية الإسرائيلية التي تتجاوز قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، والعمل من أجل إعادة تحريك مسار المفاوضات المتجهة نحو أفق سلام عادل، وحل يكفل ترسيخ السلام والأمن بالمنطقة، ويحقق للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية والسياسية المشروعة.
أما إذا فشل المجتمع الدولي في هذا التحدي، أو تراخى في السعي لتحقيقه، فإن سياسة نتيناهو ستنجم عنها مآلات خطيرة تنسف أي إمكانية لإشاعة السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، كما ستزيد في تفاقم الأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني.
< محتات الرقاص