لارغيث: الإدارة التقنية رهن إشارة هيرفي رونار

حاوره: محمد أبو سهل

قال المدير التقني الوطني ناصر لارغيث، إن الإدارة التقنية الوطنية رهن إشارة المنتخب الوطنيين الأول والمحلي تحت إشراف المدرب الفرنسي هيرفي رونار، مقرا بعدم وجود تنسيق مع المدربين السابقين بادو الزاكي ومحمد فاخر بسبب التزامهما بأهداف محددة في فترة زمنية ضيقة.
وتحدث لارغيث في حوار مطول أجرته معه بيان اليوم، عن طبيعة التنسيق بين الناخب الوطني والإدارة التقنية، نافيا ما راج من أخبار حول أنه وراء إضافة لاعبين واعدين من أكاديمية محمد السادس لكرة القدم بالقائمة الأولية لرونار، مبرزا أن تجربة إشرافه على الأكاديمية كانت ناجحة.
كما تطرق لارغيث أيضا إلى الحلول التي ستنهجها الإدارة التقنية للحد من المعاناة التي تعيشها الكرة المغربية على مستوى المنافسات القارية في السنوات الأخيرة، ودورها فيما يخص التنقيب عن المواهب ومراكز التكوين، ناهيك عن تأطير المدربين والفئات الصغرى والشباب.

< هل تمت هيكلة الإدارة التقنية الوطنية بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟
> في الإدارة التقنية الوطنية نعتمد على مجموعة من الأطر التربوية. والعمل موزع على ثلاثة أقطاب: تطوير ممارسة كرة القدم وتكوين المؤطرين ومراكز التكوين. ولإنجاز هاته المشاريع لا بد من أطر. ووفق سياسة الجامعة نتوفر حاليا على 23 مديرا جهويا يشتغلون في العصب. وكان العدد في الموسم الماضي 13 مدير وأضفنا 10 مدراء هذا الموسم.
في عصبتي الدار البيضاء والصحراء هناك ثلاثة أطر لكل منهما. هذا بالإضافة إلى المجال التقني الذي يشرف عليه جون بيير مورلان بمعية فتحي جمال وجمال لحرش والأطر المشاركة في تكوين المدربين. وفي المنتخبات الوطنية حصرنا عدد المدربين في: مصطفى مديح ومارك فوت وناصر لارغيث، إضافة لمدربي حراس المرمى سعيد بادو وخالد فوهامي  وفليب سايس ومدربي اللياقة البدنية.

< في السابق كان المنتخبان الأول والمحلي خارج إشراف الإدارة التقنية، لكن الأمر تغير مع قدوم هيرفي رونار؟
> منذ بداية عملنا أعلنا أن الإدارة التقنية رهن إشارة المنتخبين الوطنيين (أ) و(ب). والعمل الذي تقوم به الإدارة على صعيد الممارسة وتكوين اللاعبين والمدربين يرمي إلى تحقيق نتائج جيدة مع المنتخبات. عندما كان المدربان باد الزاكي ومحمد فاخر يشرفان على المنتخبين الأول والمحلي، لم تكن هناك استمرارية في التنسيق مع الإدارة التقنية. ربما يعود ذلك لالتزامهما بأهداف محددة في وقت ضيق ومحدد. كما أن الإدارة التقنية حديثة العهد، إذ انطلقت في غشت الماضي، وما تزال تعمل على هيكلة نفسها وتعزيز الطاقات البشرية. اليوم نحن في ثاني موسم من العمل، وقد التحق بنا مدرب جديد هو الفرنسي هيرفي رونار. ومنذ قدومه طلب التنسيق في العمل مع الإدارة التقنية في عمل تشاركي، بحكم أنه هو من سيشرف على المنتخبين الأول والمحلي. كما أنه سيعاين المنتخب الأولمبي أيضا.

< هل يمكنك أن تشرح لنا طبيعة التنسيق بين الناخب الوطني والإدارة التقنية؟
> سيتم التنسيق في متابعة مسار اللاعبين، خاصة من لهم المؤهلات والمستوى الذي يمكنهم من حمل قميص منتخب وطني في فئة عمرية معينة (منتخبا أقل من 17 سنة وأقل من 19 سنة والمنتخبان المحلي والأول). كل هذا لنتمكن من تحقيق نتائج إيجابية مستمرة. هذا الأمر يفرض عملا قاعديا بأسس سليمة ومتينة. الكل يعلم أن النتائج لا تتحقق بالصدفة، بل بالبرامج الهادفة والمستمرة.
في الماضي كان العمل جيدا وأنتج مردودا محترما، لكن ظهر التراجع في السنوات الأخيرة ولم يتحقق ما كنا نطمح إليه في بلادنا. في عملنا بالإدارة التقنية، نتابع مسار اللاعبين في إطار مهامنا فقط. ونحترم اختصاصات المدرب هيرفي رونار الذي تبقى له الكلمة الأخيرة في تشكيلة المنتخب الأول.
سنقوم بالعمل الذي يطلبه منا الناخب الوطني. والأطر في الإدارة التقنية رهن إشارته في مهامه. وكلما اقترب موعد اختيار التركيبة البشرية نقدم ما يطلبه منا معززا بالأشرطة والتقارير. لا يمكن للإدارة التقنية أن تفرض عناصر على المدرب. نحن لا نفكر في ذلك، لأنه خارج مهامنا واختصاصنا.

< راج مؤخرا أن لارغيث كان وراء اختيار لاعبين من أكاديمية محمد السادس لكرة القدم وإدماجهم في القائمة الأولية للمنتخب الوطني التي كشف عنها رونار؟
> سمعت هذه الأمور. لكن رونار مسؤول عن المنتخب الوطني الأول وصاحب تجربة وخبرة. وهو المسؤول عن اختياراته. وليس من حقي التطاول على مهامه وفرض أي لاعب عليه.  ما يروج ليس له أساس من الصحة. اليوم في الإدارة التقنية نضع أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في مستوى الأندية المتوفرة على مراكز التكوين. شخصيا. أنا شخص محترف أومن بأن الاختيار حليف اللاعب المميز وفي النهاية الاختيار في يد المدرب. في الماضي عندما كنت مسؤولا عن أكاديمية محمد السادس، اختار المدرب حسن بنعبيشة لاعبين من الأكاديمية هما آدم النفاتي والمهدي مفضل. فهل تدخلت وفرضت عليها اختيار لاعبين؟ من حقي مروجي هاته الشائعات أن يقولوا ما شاؤوا، لكن مسؤوليتي واضحة. يمكن سؤال عبد اللطيف جريندو وعبد الله الإدريسي وحسن بنعبيشة ومارك فوت ومصطفى مديح، هل تدخلت في مهامهم؟ ورغم كوني مسؤولا فأنا لا أتدخل في اختياراتهم، لأنني أحترم مسؤولية كل مدرب.

< كيف ترى تجربة أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في مسارك المهني ومدى نجاحها؟
> معلوم أن الأكاديمية تجربة جديدة في مدار كرة القدم الوطنية. صراحة أرى أنها تجربة ناجحة وقد اشتغلت فيها خلال 5 سنوات، حيث فزنا بلقب البطولة الوطنية في 4 مناسبات مع فريقي أقل من 15 و17 سنة رغم أن لاعبي الأكاديمية واجهوا لاعبين أكبر منهم سنا. الكل يعلم أن لاعبي الأكاديمية يلتحقون بها من مختلف جهات الوطن ونجحوا في الانسجام مع فرقها. خلال 5 سنوات انتقل حوالي 30 لاعبا إلى فرق وطنية والمنتخب الوطني الذي كان يشرف عليه بنعبيشة وتألق خلال فترة قصيرة لم تتجاوز شهرا ونصفا وأحرز ثلاثة ألقاب (الألعاب الإسلامية والفرانكفونية والمتوسطية). كان ضمن هذا المنتخب ثمانية لاعبين أساسيين ينتمون إلى الأكاديمية. هناك أيضا المنتخب الوطني الذي كان يشرف عليه عبد الله الإدريسي، إذ كان يعتمد على 12 لاعبا في فترة التحضيرات للمنافسات القارية، وبقي أربعة منهم في اللائحة النهائية وشاركوا في كأس أمم إفريقيا وكأس العالم.
عمر الأكاديمية 7 سنوات فقط، وأنتجت لاعبين يتألقون في فرق بالبطولة الوطنية ضمنهم نايف أكرد الذي سجل هدفا لفريق لفتح الرباطي أمام لوم الكاميروني في لقاء الذهاب بكأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، والمهدي مفضل لاعب فريق شباب الريف الحسيمي، وجناح الفتح الرباطي آدم النفاتي ورضا التكناوتي الذي كان الحارس الأساسي لفريق نهضة بركان الموسم الماضي، وبدر الدين بنعاشور حارس فريق الوداد البيضاوي. هناك لاعبون آخرون تكونوا في الأكاديمية، إلا أنهم يحتاجون إلى مزيد من الوقت للنضج ثم اللعب للأندية والمنتخبات الوطنية.
كل سنة تتحول أندية أوروبية إلى المغرب مهتمة بلاعبي الأكاديمية. ومثلا .. فقد انتقل لاعب إلى نادي ليل الفرنسي ولاعبان إلى نادي مالقا الإسباني. ونادي نيس الفرنسي يرغب في ضم عنصرين من الأكاديمية. ومعلوم أن الهدف من مشروع الأكاديمية هو تكوين اللاعبين في أفق الالتحاق بالأندية وطنيا ودوليا. ومن الأمور التي تترجم نجاح الأكاديمية. المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة، يتكون من 60 في المائة من لاعبين محليين. بينما النسبة تصل إلى 75 في المائة بالمنتخب الوطني الذي يشرف عليه مصطفى مديح. كما أن نسبة النجاح الملتحقين بالأكاديمية في الدراسة كانت مرتفعة خلال السنوات الخمسة التي اشتغلت فيها وتصل إلى 100%.

< تعاني الكرة المغربية كثيرا في المنافسات القارية، حيث باتت المنتخبات الوطنية عاجزة عن مواجهة نظيراتها الإفريقية وفرض ذاتها وتودع المسابقات من الدور الأول، ما رأيك؟
> انطلقنا في العمل من أجل أن نكون في المستوى خلال المشاركة بالمنافسات القارية. مثلا شاركت أكاديمية محمد السادس في دوري بالكوت ديفوار خلال 3 سنوات لقياس مستوانا. واجه المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة مع المدرب عبد الله الإدريسي في تونس، منتخبي تونس وبوركينافاسو. وفزنا بدوري شمال إفريقيا. مستقبلا سنتحول لإجراء مباراتين واحدة في الكاميرون وثانية في بوركينافاسو لكي نقف على مستوانا قاريا. منتخب أقل من 17 سنة سيشارك في دوري بفرنسا. وفي شهري أبريل وماي سنواجه منتخبات قارية خارج أرض الوطن. ويتضمن البرنامج مباريات بنسبة 75 في المائة أمام منتخبات إفريقية و25 في المائة ضد منتخبات من أوروبا أو جنوب أمريكا.

< على صعيد الأندية، هل أنتم مرتاحون لعملها فيما يخص التنقيب عن المواهب وتكوين اللاعبين، خاصة أن مراكز التكوين باتت معضلة لدى بعض الفرق، فهل بمقدور الإدارة التقنية مراقبة هذه المراكز ما دامت تحظى بدعم مادي من الجامعة؟
> نحن اليوم نعيش سنتنا الثانية من عمر الإدارة التقنية وتركيزنا ينصب على عمل مراكز التكوين. في الموسم الماضي عقدنا اجتماعين مع مدراء هذه المراكز. عدنا إلى الموضوع خلال الموسم الحالي في لقاء مع مدربي مراكز التكوين وذلك بهدف التركيز على مستقبلها. الجامعة حملت الإدارة التقنية مسؤولية مراقبة مراكز التكوين. وفي هذا الصدد سنعتمد على مكونين منقبين على صعيد الجهات وعددهم أربعة مكونين تتحمل الجامعة تكاليفهم. هؤلاء الأطر هم الذين سيتابعون عملية التنقيب. في الموسم المقبل سيتوفر كل مركز على معد بدني من المستوى العالي مع مدير للمركز. في نهاية مارس الجاري سنطلع الأندية على برنامج موحد لتكوين اللاعبين من مدرسة كرة القدم إلى بلوغهم فئة الكبار. سنترك اختصاصات للأندية حسب خصوصيات كل فريق مع المؤطرين. وندرك جيدا أن العمل المنتخبات ترجمة لما تنتجه الأندية، لأن اللاعب ينطلق من النادي لا المنتخب.

< يظهر أن العمل سينطلق بوضوح أكثر الموسم المقبل بعد إعادة هيكلة الإدارة التقنية؟
> لا.. العمل بدأ الموسم المنصرم، حيث قمنا بعمل جيد على مستوى العصب. وكمثال الفريق الوطني الفائز بكأس العالم دانون، جمعنا لاعبيه في مبادرة مشتركة مع العصب. كانت الخطوة الأولى بتنظيم دوري وطني في أكادير أفرز نخبة قدمناها لقطاع التعليم. استغرق هذا العمل سنة على صعيد العصب. كما ترون فالانطلاقة كانت من الإدارة التقنية في الموسم الماضي، وستتحول إلى الأندية في الموسم المقبل.

< بخصوص المدربين يلاحظ أن هناك وفرة في الرخص الممنوحة في وقت باتت فرص العمل قليلة، فهل تستمرون في منح رخص التدريب؟
> نحرص على تكوين المدربين، لكن كما قلت ففرص العمل قليلة. لكن -مثلا- حتى في ميدان الصحافة فالصحفيون المميزون هم من يشتغلون. الأمر ذاته ينطبق على المدربين كذلك. نتأسف لمدربين أكفاء ولا يعملون. نحن نناقش حاليا موضوع المدربين الذين سيؤطرون مراكز التكوين ووضعنا التحملات ينبغي احترامه. إضافة إلى ذلك، هناك مراكز جهوية فيها فرص للشغل بالنسبة للمدربين ونناقش الموضوع مع الودادية الوطنية لمدربي كرة القدم. المدربون الشباب ستكون لهم مكانتهم. ونحن نطمح لتشغيل عدد كبير من المدربين بهدف تطوير مستوى الكرة الوطنية.

< وماذا عن الاهتمام بالفئات الصغرى وتكوين الشباب؟
> دائما ما أقول إن الطفل الذي يتم اختياره خلال عملية التنقيب ويبدأ فترة التكوين، يصير بمثابة الابن. ولهذا أنا أحرص على تقديم كل الدعم والمساعدة لتأهيله وتحضيره للرياضة والمجتمع. أعرف لاعبين أشرفت عليهم سواء هنا بالمغرب أو خلال تجربتي بفرنسا، عبروا المسار بشكل جيد رغم أن فرص النجاح نادرة. وفي الرياضة والتربية يجب تكوين لاعبين ودعمهم لبلوغ الاحتراف وتشريف كرة القدم الوطنية في الأندية والمنتخبات. العمل يتطلب منا الاهتمام بالطفل بشكل شمولي جسدا وعقلا. هناك مشاريع كبرى في إطار عملنا سنطلعكم عليها في قادم الأيام ..

< كلمة أخيرة ..
> صحيح أن النتائج السلبية مقلقة، لكننا نطمح لما هو إيجابي ونعمل بأسس متينة. وأنا متأكد أن المغرب يزخر بالمواهب والطاقات. ويلزمنا فقط العمل الجيد واحترام هذا العمل.

Related posts

Top