لقاءات تواصلية وورشات تكوينية وتوصيات لتجويد مناخ العمل الجمعوي

خلصت أشغال المنتدى الإقليمي للثقافة والعمل الجمعوي الذي نظمته المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بالجديدة، مطلع شهر مارس الماضي (أيام 8 و9 و10 مارس 2024)، إلى مخرجات وتوصيات تهم الممارسة الجمعوية والثقافية بالإقليم، بعد سلسلة من الورشات واللقاءات دامت ثلاثة أيام، تدارس فيها المنتدون والفئات المستهدفة أهم إواليات وإكراهات العمل الجمعوي ببلادنا، عموما، وعلى صعيد إقليم الجديدة على وجه الخصوص..

وهكذا توزعت أشغال هذا المنتدى الذي انعقد تحت شعار “نحو صناعات ثقافية واعدة”، على خمس ورشات كما يلي:

> ورشة “هيكلة وتنظيم الجمعيات الثقافية” من تأطير الدكتور عبد العالي مستور/ مؤطر جمعوي.

> ورشة “التواصل والعلاقات العامة” من تأطير الدكتورة ليلى عاريف/ أستاذة بالمعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة.

> ورشة “المنظومة القانونية للجمعيات والعمل الثقافي” من تأطير الدكتور محمد قزيبر/ أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة المولى إسماعيل بمكناس.

> ورشة “تدبير المشاريع والبرامج الثقافية” من تأطير الدكتور عبد المجيد فاضل/ مدير سابق للمعهد العالي للصحافة بالرباط وأستاذ بمعاهد عليا.

> ورشة “التدبير المالي للجمعيات الثقافية” من تأطير الدكتور عثمان بو غابة/ أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة مولاي إسماعيل مكناس

وكانت هذه الورشات مسبوقة بمحاضرات مدخلية على شكل ماستر كلاس أطرها كل من:

> الأستاذ الحسن النفالي، الرئيس الأسبق لنقابة المسرحيين المغاربة، وخبير في إدارة التظاهرات الثقافية والفنية، في موضوع حول مضامين ومقتضيات قانون الفنان والمهن الفنية؛

> الأستاذ الحسين الشعبي الكاتب العام للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، وكاتب وناقد مسرحي وخبير في التواصل والعلاقات العامة، حول موضوع يهم إشكالية الحماية الاجتماعية للفنانين.. مقاربة نقدية للسياسات العمومية؛

> الأستاذ حسن هموش، رئيس الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، ومخرج مسرحي، وأستاذ التعليم الفني بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، حول موضوع يتعلق بهيكلة الفرق المسرحية وآفاق تطوير المسرح الاحترافي.

> الأستاذ جعفر عاقيل، رئيس الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، حول تجربة الجمعية في تنظيم وتأطير الفنانين الفوتوغرافيين، مهنيا وفنيا..

هذا وبالعودة إلى الخلاصات والتوصيات المنبثقة عن أشغال الورشات المذكورة، نوجز فيما يلي أهم ما جاء فيها:

> ورشة “هيكلة وتنظيم الجمعيات الثقافية”:

قاربت أشغال هذه الورشة سبل تطوير وهيكلة العلاقات بين الجمعيات الثقافية في ترسيخ الوعي والعمل التشاركي والانخراط المجتمعي في التنمية عبر مشاريع ثقافية ترتقي إلى المستوى الاحترافي، في إطار من الحوار وتبادل الخبرات والتجارب، وكذا سبل توفير الآليات القانونية والهيكلية في ممارسات الجمعيات لأنشطتها في الحقل الثقافي والفني والتربوي، وطرق تعزيز التعاون مع الجهات الأخرى، وبناء شراكات مع المؤسسات الحكومية والخاصة لتحقيق الأهداف المنشزدة.

وإذا كان العمل الجمعوي الثقافي يهدف إلى خلق فضاءات وصناعات ثقافية لتعزيز المهارات والقدرات لدى الفرد والجماعة، في نطاق الدفاع عن الهوية المغربية والالتزام بقضايا المجتمع كالتعبئة والتنظيم، فإن ذلك يتطلب تعزيز الحوار والتواصل والتوعية والتحسيس، بين الفاعلين الجمعويين من جهة، وبينهم وبين شركائهم المؤسساتيين من جهة ثانية.. بالإضافة إلى القدرة على اتخاذ المبادرات والسعي لتقديم الخدمات السوسيو ثقافية، لضمان تمويل المشاريع وبناء الثقة كنموذج للعمل التشاركي في إطار قيمي يرتكز على مبادئ وقيم وقواعد العمل الجمعوي الهادف والمتسم بالنزاهة والشفافية والتشاركية الهادفة.

وهكذا خلصت أشغال هذه الورشة إلى التوصيات التالية:

– دعوة السلطات العمومية لإعادة هيكلة نظام الجمعيات عبر تطوير وتحيين وتجويد الإطار القانوني المنظم للعمل الجمعوي بما يتجاوب ويتلاءم مع التطورات الدستورية والقانونية والأدوار الجديدة للجمعيات ومجالات الشراكة معها.

– ضرورة تطوير الإطار القانوني والتنظيمي لهيكلة علاقات السلطات العمومية مع العمل الجمعوي وتقوية جسور التواصل والتنسبق والشراكة معها.

– تفعيل الآليات القانونية الديمقراطية التشاركية للجمعيات.

– تطوير الإطار القانوني والتنظيمي لدعم أدوار وقدرات الجمعيات من خلال برامج مهيكلة للتكوين المستمر وتوفير فضاءات وتجهيزات لاستقبال واحتضان اشتغال الجمعيات.

– تطوير الإطار القانوني والتنظيمي لأنظمة الدعم والتمويل لضمان حسن تحقيق برامج الجمعيات ومبادراتها.

– دعوة الجمعيات الثقافية أن تبلور وتعد ميثاقا أخلاقيا حول التزام الجمعيات بقيم وأخلاقيات وقواعد العمل الجمعوي المهيكل.

> ورشة “التواصل والعلاقات العامة”

اهتمت هذه الورشة بالتعريف بمفهوم وتقنيات التواصل ومختلف آلياته وأنواعه، الداخلي والخارجي، مع التركيز على شقه المؤسساتي.

كما تناولت الورشة أهمية الوعي بالتواصل وتدبير العلاقات العامة في تعزيز دور الجمعيات والإسهام في إشعاعها.. وفي هذا السياق تم تنظيم حلقات تفاعلية تطبيقية وقف من خلالها المشاركات والمشاركون على الإشكاليات التي تعيق التواصل وكذا المبادرات الجيدة التي يجب تبنيها من أجل تحسين عمليات التواصل ومن بينها:

> بناء إستراتيجية تواصل فعال.

> دور التشبيك وأهميته في التواصل، خصوصا عبر شبكات التواصل الاجتماعي وكيفية استغلاله لتعزيز إشعاع صورة وعمل الجمعيات وكذا بناء علاقات عامة، رصينة ومفيدة ودائمة.

> التركيز على أهمية إنتاج المحتوى وضبط آليات تحقيق ذلك، سواء تعلق الأمر بتركيب الفيديوهات، اختيار الرسائل التي يجب تضمينها وكذا تحرير البلاغ الصحفي ومكوناته، لغة، صورا وتقنية .

> إعداد الملف الصحفي وكذا ملف طلب التمويل، مراحله وكيفية إنجازه.

> أهمية التوثيق والأرشفة للحفاظ على وثائق وذاكرة الجمعية.

> اعتماد وثيقة ميثاق شرف يتعلق بعمل أعضاء الجمعية ومسؤولياتهم والعلاقة فيما بينهم.

> وضع مخطط، برنامج لعمل الجمعية والإعلان عنه وتحضير مراحله .

> أهمية الهوية البصرية للجمعية في تسويق صورة الجمعية وإشعاعها عبر اختيار شعارها والرمز الذي يجسدها.

> ورشة “المنظومة القانونية للجمعيات

والعمل الثقافي”

اشتغلت ورشة المنظومة القانونية للجمعيات الثقافية وفق مقاربة ترمي إشراك مختلف مكوناتها في النقاش حول هذه المنظومة وتم تقسيم مواضيع ومحاور النقاش كالتالي:

> الإطار العام للعمل الجمعوي وأهدافه وأهميته وخاصة على مستوى إطاره في المواثيق الدولية وإطاره الدستوري وإطاره القانوني العام.

> الإطار القانوني المنظم للعمل الجمعوي على مستويات:

– تأسيس الجمعيات

– التسيير الإداري للجمعيات

– حقوق وواجبات الجمعيات

> حقوق وواجبات الجمعيات وأدوارها الوظيفية الرئيسية مثل تقديم العرائض للجماعات الترابية.

> المشاركة المواطنة للجمعيات والإطار المنظم لشراكة الجمعيات وخاصة مع القطاعات الوزارية والجماعات الترابية.

وخلصت أشغال هذه الورشة إلى تقديم التوصيات التالية:

> ترجمة مقاصد الدستور ومبادئه فيما يتعلق بالارتقاء بالعمل الجمعوي على الميدان.

> دعوة السلطات العمومية المركزية والمحلية إلى التقيد بالمساطر القانونية المقررة في تأسيس قانون الجمعيات من خلال تسلم التصريح بالتأسيس عوض مراقبة شرعيته وذلك بالتسليم الفوري للوصل المؤقت والتقيد بالأجل القانوني بتسليم الوصل النهائي لما يترتب عن غياب الوصل النهائي من حرمان الجمعيات من العديد من الحقوق كالدعم والشراكة وغيرها.

> توعية الفاعلين الجمعويين بكون مراقبة شرعية الجمعية وقانونها الأساسي والتصريح بالتأسيس هو اختصاص قضائي لا إداري وفقا للدستور واجتهادات القضاء.

> تمكين الجمعيات من حق تقديم العرائض على الصعيد الوطني إسوة بالعرائض المحلية.

> دعوة الهيئات العمومية وخاصة القطاعات الوزارية والجماعات الترابية إلى تسهيل الولوج إلى الدعم والشراكة عبر تبسيط مساطر الاستفادة ومن ذلك مثلا إلغاء شرط فتح حساب بالخزينة العامة للاستفادة، مادام أن القانون يكفل حرية فتح الحسابات المصرفية في أي هيأة بنكية أو انتمائية.

> الدعوة إلى مراجعة قانون الجمعيات لما يتوافق مع التحولات المجتمعية والقانونية في مختلف المجالات حتى يواكب المستجدات وخاصة على ضوء تعبير الدولة عن الرغبة في الارتقاء بجمعيات المجتمع المدني إلى مرتبة الشريك في مسلسل التنمية الشاملة.

> إعداد دلائل مبسطة لتوضيح الإطار القانوني المنظم للجمعيات.

> وضع آليات لتوحيد القواعد المتعلقة بتسيير الجمعيات لتشمل النسيج الجمعوي.

> دعوة النسيج الجمعوي لتشبيك وخلق تكتلات بهدف تجويد التمثيلية والترافع وخاصة على مستوى وضع القواعد القانونية المؤطرة للعمل الجمعوي.

> تبسيط المساطر المتعلقة بالاستفادة من تجهيزات ومقرات مختلف الهيئات العمومية لتنظيم أنشطة الجمعيات.

ورشة “تدبير المشاريع والبرامج الثقافية”

يستند العمل الثقافي، كما هو معلوم، على رؤية واختيارات واضحة في كل أشكال التعبير الفني والثقافي من خلال صياغة مشاريع بناءة ذات أهداف واضحة بدءا من بناء التصور وكيفية الإعداد للمشاريع والانتهاء بالإنجاز.

وقد سلطت الورشة الضوء على مجموعة من الخطوات من أجل بناء وتدبير المشاريع والبرامج الثقافية، ومن أهم محاور الورشة، التطرق إلى مجموعة من الأسس والخطوات لإنجاح المشاريع:

> الحكمة والهدفية العامة للمشروع

> العوامل الحاسمة لنجاح المشروع

> تحديد مجموعة من القواعد المحددة لهذا النجاح

> التدبير الاستراتيجي للمشاريع

> خصائص المشاريع

> كيفية تحقيق مشروع، وذلك بواسطة الانفتاح على أطراف معينة سواء تمويل خاص أو عمومي.

> كيفية تكوين ملف من أجل البحث عن الدعم.

وبدورها اقترحت الفعاليات ىالجمعوية المشاركة في هذه الورشة:

– التماس طبع ما جاء في الورشات في كتاب لأهميته، يوزع على الجمعيات والمشاركين.

– خلق تنافس شريف بين الجمعيات، وأجرأة ما تم تداوله في الورشة، بفتح مسابقة لدعم مشاريع الجمعيات من طرف المؤسسات والجهات الداعمة للمشاريع بالمدينة والإقليم .

– مواصلة عملية التكوين لفائدة الجمعيات المحلية والإقليمية بتنظيم دورات مقبلة في هذا المجال.

– اقتسام ما تم اكتسابه من معارف ومهارات وكفايات داخل الجمعية الواحدة من أجل تعميم الاستفادة من سائر الورشات.

– خلق بنك معلوماتي حول ما جاء في هذه الورشات المختلفة لتبادل الخبرات والتجارب لإنجاز أعمال ثقافية مشتركة تساهم في التنشيط الثقافي بالمدينة والإقليم.

– ضرورة تحيين المعارف وتجديدها بالحرص على مواكبة كل جديد في مجال التدبير والتسيير لمسايرة الركب الوطني بصفة عامة.

– خلق لجنة إقليمية من طرف بعض الفاعلين من ذوي الكفاءات والتجارب الناجحة للمصاحبة والمواكبة والاستشارة والتأطير.

– ضرورة التنسيق بين الجمعيات وتكتلها من أجل مصلحة المدينة والإقليم وذلك في إطار نسيج جمعوي ثقافي منسجم وهادف.

> ورشة “التدبير المالي للجمعيات الثقافية”

خلصت هذه الورشة إلى جملة من المقترحات والتوصيات والأفكار التي تم تداولها أثناء الأشغال والتي تصب جميعها في التطوير والرفع من مستوى العمل الجمعوي بالإقليم، وتثمين هذا المنتدى الإقليمي للثقافة والدعوة لاستمراريته وانتظامه سنويا، وهذه هي أهم التوصيات :

-1 وضع برنامج سنوي واضح لتطوير قدرات وكفاءات الجمعيات الثقافية والفنية بإقليم الجديدة

-2 العمل على إشراك منظومة التعليم مع منظومة الثقافة لإنشاء تحالف وتنسيق بينهما.

-3 دعم المشاريع الثقافية والفنية معنويا وماديا لتمكينها من التوسع في أنشطتها وأهدافها.

-4 تمديد المدة الزمنية للمنتدى من 3 إلى 6 أيام لحاجة المدينة للتنشيط الثقافي والتربوي بهدف ترسيخ الهوية الثقافية للمدينة بشكل أفضل وأقوى.

-5 توسيع قدر الإمكان قاعدة هيئة التنظيم عبر دمج كفاءات متنوعة التخصصات وتكليفها ببعض المهام بهدف تخفيف الضغط على المديرية الإقليمية للثقافة.

ارتسامات وتعاليق:

حورية بوطيب/ صحافية ومنشطة إذاعة المنتدى: المنتدى مبادرة تستحق التنويه

يعد هذا المنتدى الإقليمي للثقافة والعمل الجمعوي من أهم التظاهرات التي تخدم النسيج الجمعوي وتمكنه من الآليات الضرورية لتطوير خدماته وأدائه، داخل منظومة تسعى كي تكون الثقافة بمختلف تلويناتها، ركيزة أساسية للنهوض بالمجتمعات وخلق مقاولة جمعوية ثقافية قادرة على ترسيخ الفعل التنموي المنشود.

بطبيعة الحال الورشات التي نظمت خلال الثلاثة أيام، كانت بالغة الأهمية بالنسبة لمختلف الفاعلين الجمعويين الذين حضروا وتفاعلوا بشكل جد إيجابي مع فعاليات المنتدى. وهذا ما قد عبروا عنه مباشرة من خلال إذاعة المنتدى، التي تعد مبادرة أخرى تستحق التنويه، لأنها كانت السباقة لسماع أصوات، اقتراحات وتطلعات الأطر والمشاركين في مختلف الورشات من خلال بث مباشر خلال ثلاثة أيام.

أعتقد أن المجتمع المدني في حاجة ماسة إلى التكوين في المجال الجمعوي كي يصبح أكثر نضجا وفعالية واحترافية على جميع المستويات.

كل الشكر والتقدير للمندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة على هذه المبادرة الفريدة من نوعها بالمنطقة والتي نتمنى أن تنظم بصفة دورية كي تعم الفائدة وتتغير الصورة النمطية للمجتمع المدني العامل بقطاع الثقافة.

سعيد عاهد/ شاعر وإعلامي: المنتدى ساهم في في إذابة الجليد بين بعض مكونات النسيج الجمعوي بالمدينة

-1 تعتبر مبادرة تنظيم المنتدى في دورته الأولى، من طرف المديرية الإقليمية لقطاع الثقافة بالجديدة، إيجابية في حد ذاتها، بل وغير مسبوقة ربما على الصعيد الوطني. ويبدو أنه حقق، على العموم، قسطا وافرا من الهدف الذي حددته له الجهة الحاملة له كمشروع، أي تكوين فاعلين جمعويين من الإقليم لتمكين الجمعيات والعاملين في إطارها من آليات الاشتغال بحرفية ومهنية أكثر، وبحس مقاولاتي يدفعها إلى التجديد والابتكار، مستحضرة في هذا الأفق التحولات المجتمعية ومتطلبات الحداثة.

-2 باستثناء التأخير في انطلاق بعض الأنشطة المبرمجة، كان تنظيم المنتدى محكما ولم يعرف أي حدث عرضي مؤسف أو واقعة شابت احترافية تدبيره.

-3 شكل المنتدى بالفعل مناسبة غير مسبوقة للتعارف والحوار والتواصل بين جمعيات مختلفة، ذات تخصصات متنوعة، تعمل في نفس الرقعة الجغرافية وتحمل ربما ذات الهم الثقافي، لكن العلائق بينها ظلت نادرة إن لم تتسم بالقطيعة. بل إن الدورة ساهمت، حسب معلوماتي، في إذابة الجليد بين بعض مكونات النسيج الجمعوي بالمدينة.

-4 اختيار الفعاليات المشاركة في “الماستر كلاس” واللقاءات المفتوحة ومواضيعها، وكذا محاور الورشات ومؤطريها، كان ذكيا وموضوعيا، وأغنى فعاليات الملتقى.

-5 بالنسبة لحصتي “الماستر كلاس”، ربما كان من الأفضل عدم تنظيمهما في نفس الجلسة، ذلك أن أهمية موضوعيهما وتشعباته والأسئلة التي يطرحها كل واحد منهما، عوامل كانت تقتضي تركيز الفئات المستهدفة على تيمة واحدة في الجلسة، لتكون الاستفادة أعمق.

-6 خلال اللقاءين المفتوحين مع رؤساء الجمعيات الوطنية، لوحظ أن أغلبية مداخلاتهم لم تلامس محور المنتدى بالضبط، بل اقتصر بعضها على عموميات. وتفاديا لمثل هذا الأمر، ربما يلزم، مستقبلا، إعداد ورقة تمهيدية تؤطر مداخلاتهم وتحدد الأسئلة التي عليهم تناولها، مع إرسالها لهم قبلا والإلحاح على التزامهم بها.

-7 باستثناء ورشة وحيدة، اتسمت تقارير ورشات العمل بالعموميات ومقاربة إشكالية المنتدى على المستوى الوطني، ولم تقم بتنزيلها على الصعيد الإقليمي. بيد أن هذه السمة وليدة البدايات فقط ومن السهل تجاوزها في الدورات المقبلة.

-8 ربما يكون من المفيد، بمناسبة الدورة القادمة، إعداد وثيقة أو تنظيم “ماستر كلاس”، في محور: تشخيص واقع العمل الجمعوي ذي البعد الثقافي في الإقليم، وإشكالية تشبيكه والتنسيق بين مكوناته.

-9 تنظيميا، ونظرا لاحتضان عدة أفضية لأشغال المنتدى، والمسافة بينها والمدة الزمنية القصيرة الفاصلة بين الأنشطة، فقد يكون من المفيد البحث عن طريقة لتوفير النقل للمشاركين.

امحمد قزيبر/ أستاذ جامعي: غياب ممثلي الهيئات المنتخبة يطرح علامة استفهام حول الدور المنوط بالجماعات الترابية

بعد مشاركتي كمؤطر لورشة تكوينية بالمنتدى يطيب لي أن أعبر عن ارتساماتي التالية بخصوص المنتدى:

– أعتقد أن المنتدى عمل جيد ومحمود وتم التخطيط له بكامل العناية، ومن الواضح أن المديرية الإقليمية للثقافة سهرت على إنجاح المنتدى وتحقيق الإشعاع المطلوب، بشكل يمكن معه اعتبار التجربة نموذجا يحتدى في مختلف ربوع المغرب؛

– زاوج المنتدى ببن الحركة الثقافية والعمل الجمعوي، لكون الفضاءات الجمعوية هي الأكثر ملاءمة لاحتضان الحركة الثقافية، ومن تم فإن فكرة الجمع بينهما كانت لها مسحة إبداعية واضحة، تسمح من جهة بالخروج من حالة الركود الثقافي، ومن جهة ثانية بتنشيط العمل الجمعوي وعلى الخصوص إعادة الاعتبار لدور الجمعيات الثقافية؛

– فقرات المنتدى كانت غنية، واستطاعت المزج بين ورشات تكوينية للجمعيات، وبين تنظيم لقاءات مفتوحة مع أهل الثقافة والفن والمهنيين ذوو التجربة، تخللتها حفلات تكريم لمن أسدوا خدمات للعمل الثقافي والجمعوي، مع تخصيص حصص للإعلام جسدتها إذاعة المنتدى التي عقدت حوارات مع مشاركين متنوعين في المنتدى، وسمحت بإطلاع الجميع على ما تضمنه المنتدى من أشغال وما يدور بفقراته، وخصوصا ما يتعلق بالورشات التكوينية؛

– تميز المنتدى بالحضور والمشاركة المكثفة للنسيج الجمعوي بالمنطقة في مختلف فقراته، وهو أمر يبعث على التفاؤل في ظل هيمنة اللامبالاة على أشغال المنتديات في الوقت الحاضر، خاصة ذات الطبيعة الثقافية من جهة والطبيعة التطوعية من جهة ثانية، بالرغم من أن توقيت المنتدى تصادف مع أجواء مطيرة؛

– ما يسجل على المنتدى هو غياب المواكبة والمساندة والحضور المفترض في الهيآت المنتخبة، رغم كونها ذات صلة مباشرة بالعمل الثقافي والجمعوي على الصعيد المحلي، وهي المنوط بها تحقيق المشاركة المواطنة، وهو ما يطرح علامة استفهام حول الدور المنوط بالجماعات الترابية في تحقيق إشعاع وجاذبية التراب، بالمقابل بادرت مؤسسات إلى تقديم الدعم كتعبير عن حسها المواطن؛

– لا يسعني إلا أن أعبر عن تقديري لهذه المبادرة والتي من الواضح أنها تطلبت مجهودا مضنيا حتى تكللت بالنجاح، وأملي أن يتم مأسسة مثل هذه اللقاءات حتى ولو لم يتم ذلك سنويا، بل كل سنتين أو ثلاث سنوات.

عبد الفتاح الفاقيد/ كاتب وناقد: نحو ترسيخ حركية ثقافية وتنموية ضمن مسار تشاركي

تكمن قيمة هذا المنتدى، في اعتقادي الشخصي، في كونه خطوة جادة وعملية تسعى إلى خلق إشعاع وتنوير ووعي بمبدأ دينامية الفعل الثقافي ضمن مسار المشاريع الاقتصادية والتنموية، وهو التصور الذي تبنته العديد من الدول المتقدمة والتي استطاعت أن تجعل من تراثها ومعطياتها الحضارية والعمرانية ومن ذاكرتها الثقافية والإبداعية والفنية موردا اقتصاديا. في مقابل ذلك كانت الثقافة المغربية والتراث والإبداع مجرد عناصر هامشية مكانها المتاحف وصالات العروض، لكن توجهات السياسة الحديثة انتبهت إلى دور تلك العناصر الثقافية في تحسين الأوضاع الاجتماعية، إذا ما تم الاستثمار في الإبداع والفن والمهارات الإنسانية بمختلف تجلياتها كالصناعات التقليدية والحرف والمهن، وتحويل تلك العناصر إلى موارد مالية للكسب وتحسين الظروف الحياتية.

ويعود نجاح هذا الملتقى إلى تركيزه على دور وأهمية العمل الجمعوي، خاصة جمعيات المجتمع المدني والنقابات المهنية للفنانين، وما تقوم به على مستوى التنشيط والتكوين والتمكين، في أفق ترسيخ حركية ثقافية وتنموية ضمن مسار تشاركي، وتبني مشاريع ثقافية هادفة قادرة على الإسهام وتنزيل المخططات التنموية على أساس ما هو ثقافي وإبداعي.

ومن حسنات هذا الملتقى، هو تسطير برنامج حافل يشتمل على محطات تكوينية، وورشات يومية، ولقاءات منتظمة مع رؤساء جمعيات المجتمع المدني، وهو برنامج ناجح لقدرته على المزاوجة بين الإطارات النظرية والعملية في نفس الوقت، والانفتاح على تجارب وممارسات جمعوية ناجحة، وخلق وعي بالجوانب الحقوقية والضمانات التشريعية التي تضمن حقوق المُبدع والمؤلف، وإسهام جمعيات المجتمع المدني باعتبارها مشاركا فاعلا وفعليا في صياغة القوانين وضمان الحقوق، ومشاركا في التكوين والتأطير.

عموما، يمكن تسجيل ملاحظات عامة حول الملتقى الذي بدلت فيه الجهات المنظمة جهدا كبيرا على مستوى الإعداد اللوجيستيكي، وعلى مستوى التنظيم والتأطير، وكان ناجحا على مستوى الخيارات التمثيلية ويمكن تأكيد هذا النجاح على مستوى ردود الأفعال والانطباعات الإيجابية التي خلفها هذا الملتقي على المستوى الإقليمي والوطني.

إبراهيم القلعي/ فاعل جمعوي: أقترح تعميم ونشر تقرير تقييمي لهذه التظاهرة

في البداية أسجل وفرة المواد التي تضمنها البرنامج بالنظر إلى مدة انعقاد المنتدى، بحيث كان من الصعب ومن المتعب ان يشارك المرء في ورشة من الورشات، مع الالتزام بالحضور وبعد نهاية الورشة في الفترة المسائية، ينتقل الى مسرح الحي البرتغالي حيث أنشطة “اللقاءات المفتوحة”، وهي أنشطة لا تقل أهمية عن نشاط الورشات.

بالمناسبة كانت الورشات في تقديري هي أقوى لحظات المنتدى ودليلي على ذلك الحضور المكثف مع الالتزام، على الأقل بالنسبة للورشة التي اشتغلت فيها (التواصل والعلاقات العامة)، مع التنويه بكفاءة الأستاذة عاريف ومقاربتها التشاركية في النقاش وتبادل التجارب.

بالإضافة إلى الأساتذة الذين اطروا مختلف الورشات، كان سيكون من المفيد تواجد أحد أطر المديرية على مستوى كل ورشة للمساعدة على التأطير وتوجيه النفاش في الاتجاه الصائب.

وجود هذه الأطر كان سيساعد مقرري الورشات على صياغة مقترحات عملية دقيقة عوض عبارات فضفاضة كما ورد في توصيات او مقترحات بعض الورشات.

كان من الأفضل عدم برمجة “ماستر كلاس” خلال الجلسة الافتتاحية التي تبقى لها دائما صبغة بروتوكولية، الشيء الذي “أثقل” هذه الجلسة على اغلب الحاضرين. فاللقاءان يهمان فئة معيبة (قانون الفنان والمهن الفنية والحماية الاجتماعية والقانونية للفنان)، وكان من المفيد دمجهما في لقاء واحد ينظم في إطار ورشة خاصة، بالموازاة مع باقي الورشات، فالموضوع مهم، وتحت ضغط الوقت والإحساس بالتعب، وقرب صلاة الجمعة بالنسبة لبعض الحضور، لم يوف الموضوع حقه.

رغم أن النفوذ الترابي لمصالح المديرية يشمل كذلك إقليم سيدي بنور، لم ألاحظ تواجد ممثلي هيئات جمعوية من هذا الإقليم على الأقل في الورشة التي اشتغلت فيها.

خلق لجنة أو خلية من بعض المشاركين في أشغال المنتدى مؤطرة من طرف مصالح المديرية للتفكير في آليات للمساعدة على تحقيق تلك المقترحات على ارض الواقع أو على الأقل ما يبدو منها عمليا، وإحالة تلك التي تلزمها اعتمادات أو نصوص قانونية على المصالح المركزية للوزارة الوصية على القطاع.

صراحة التنظيم كان محكما ولم ألاحظ أي “اضطراب” على مستوى توقيت الورشات او غياب أو تأخير أو إلغاء لمادة من المواد المبرمجة باستثناء التأخير في التوقيت الخاص بالجلسة الختامية حيث أن اكتظاظ الحضور في بهو مدخل المسرح جعل البعض يغادر إلى الخارج في انتظار فتح القاعة الكبرى.

كان حضور أطر وموظفي المديرية بارزا وقويا قاموا مشكورين بعمل جبار قد يستعصي على وكالة مختصة في مجال التنظيم والتواصل.

أخيرا أقترح تعميم ونشر تقرير تقييمي لهذه التظاهرة، على نطاق أوسع يشمل المصالح المركزية للوزارة الوصية، جهة الدار البيضاء – سطات، الهيئات المنتخبة معنية أيضا بالشأن الثقافي (صدمني غيابها)، عمالة إقليم الجديدة، عمالة إقليم سيدي بنور، المجلسين الاقليمين للجديدة وسيدي بنور، الجماعات الترابية للإقليمين وبعض المصالح غير الممركزة من مثل السياحة والصناعة التقليدية.

وكذا مدعمي المنتدى والمستشهرين.

< إعداد: الحسين الشعبي ولجنة التواصل

Top