مؤتمر اتحاد كتاب المغرب الاستثنائي

بدأ العد العكسي لعقد المؤتمر التاسع عشر لاتحاد كتاب المغرب، هذا المؤتمر الذي سيعقد في دورة استثنائية بعد أن تم إجهاضه قبل حوالي سنتين؛ يعلق عليه أمل كبير وربما أخير لإنقاذ الاتحاد من الاندثار.
عدة تساؤلات طرحت وتطرح حول الجدوى من الاتحاد، سيما إذا كان سيظل يكرر النهج نفسه الذي ظل يسير عليه منذ تأسيسه بداية الستينات من القرن الماضي. يكتسي هذا السؤال شرعيته من خلال التحولات التي طرأت على الساحة الثقافية والتي لم يقم الاتحاد أو ربما عجز عن مواكبتها.
تحولات طالت بنيات التواصل، بالقدر نفسه الذي خلقت أسئلة جديدة، غير أن جمعيتنا العتيدة ظلت تكرر أساليبها العتيقة في التنشيط الثقافي، إلى حد روتيني، وهو ما جعل العديد من أعضائه وغيرهم من المهتمين بالشأن الثقافي ببلادنا يضجرون من ذلك وبالتالي صاروا يعزفون عن المشاركة في العديد من الاحتفاليات التي يوجهها لهم هذا الاتحاد.
ولعل أبرز دليل على ذلك أنه طيلة السنوات العشر الأخيرة على أقل تقدير، ظلت العديد من فروعه مجمدة، ومما لا شك فيه أن هذا التعطيل لا يرجع بالأساس إلى قلة الإمكانيات المادية، بقدر ما أنه ناجم عن عدم الحماس للأسلوب التقليدي وللقضايا المكرورة التي ما فتئت فروع الاتحاد، بما فيها المكتب المركزي؛ تعمل على برمجتها.
في حين أن أصغر جمعية وليدة بمقدورها الاضطلاع بهذا الدور، وقد اضطلعت به فعلا، بشكل يفوق منظمة من حجم اتحاد كتاب المغرب، يفترض أنه يضم أدباء ومفكرين من مختلف الأجيال والمشارب.
إن أزمة اتحاد كتاب المغرب ليست وليدة السنوات الأخيرة، بل يمكن القول إن مؤشراتها انطلقت مع مبادرة مجموعة من خيرة أعضائه أواسط التسعينات بالانشقاق عنه وتأسيس جمعية منافسة إذا جاز التعبير، تحت اسم رابطة أدباء المغرب، إيمانا من المؤسسين لهذه الرابطة بأن جمعيتهم الأم المتمثلة في اتحاد كتاب المغرب تراجع حضورها الوازن في الساحة الثقافية الوطنية والدولية.
فمن خلال القيام بجرد لأنشطة الاتحاد قبل الأزمة، يمكن أن نسجل بوضوح قوة حضوره على مستوى تمثيليته للمغرب في المحافل الدولية، في ذلك الإبان عمل الاتحاد على تنظيم ندوات وملتقيات ذات إشعاع عالمي، حضرها وشارك فيها نخبة من أبرز الأدباء العرب وغير العرب، كما كانت كلمة الاتحاد مسموعة، وكان بذلك يشكل قوة اقتراحية لا محيذ عنها، بالنظر إلى أنه كان يتمتع بقوة الحضور. يمكن القول إنه كان كائنا موجودا، أما اليوم فقد صار شبيها بشبح، وليس لوباء كورونا دخل في ذلك، كما هو واضح.
هناك إذن استعدادات جارية لتنظيم مؤتمر استثنائي لاتحاد كتاب المغرب، يتطلب استحضار الإشكاليات الحقيقية التي من شأن الخوض في نقاشها الإسهام في إخراج الاتحاد من نفقه المظلم.
<عبد العالي بركات

Related posts

Top