من سيخلف حسن نصر الله؟

فور إعلان حزب الله في بيان رسمي استشهاد أمينه العام حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل في غارة جوية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الجمعة الماضي، بدأت التساؤلات تتزايد حول خليفته في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الصراع معها، حيث يرتبط مصير المرحلة المقبلة بشكل وثيق بشخصية الخليفة الجديد.

وأطلق أنصار نصر الله عليه لقب “سيد المقاومة” نظرا للدور الكبير الذي لعبه الحزب تحت قيادته في مواجهة الاحتلال على مدى 22 عاما في جنوب لبنان، وكان يمثل شخصية قيادية بارزة أثبتت نفوذها في العديد من الملفات الإقليمية، خاصة في مواجهة إسرائيل وتعزيز العلاقات مع إيران.

نصر الله الذي انتخب خلفا لعباس الموسوي بعد اغتياله من قبل إسرائيل في 16 فبراير 1992 على طريق بلدة تفاحتا قضاء صيدا، تسلم قيادة الحزب في سن الـ32 عاما وقاده طيلة 32 عاما، وأصبح ثالث أمين عام له، ليواجه محاولات اغتيال متعددة على مر السنين كانت على النحو التالي:

– عام 1992: أصبح هدفا لإسرائيل فورتوليه منصب الأمين العام خلفا للموسوي.

– عام 1997: محاولة اغتيال قياديين في حزب الله بينهم نصر الله.

– عام 2006: نجا نصرالله في حرب (يوليو) من غارات جوية إسرائيلية.

– عام 2008: مزاعم إسرائيلية باستهداف نفق سري يعتقد أن نصر الله كان داخله.

الآن، بعد رحيل نصر الله، تتجه الأنظار إلى خليفته وسط توقعات بانتخاب أمين عام جديد خلال الأيام المقبلة، وأبرز الأسماء المطروحة نعيم قاسم الرجل الثاني بالحزب والذي يشرف على العمل النيابي والحكومي، وهاشم صفي الدين أحد أقرب الشخصيات لنصر الله، والذي يتمتع بثقة كبيرة داخل الحزب.

وسيحدد خليفة نصر الله ملامح المرحلة المقبلة الدقيقة خاصة أنها تتطلب قيادة تمتلك الخبرة والشخصية التي يمكنها مواصلة مسار المقاومة والمواجهة.

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي توفيق شومان أن حزب الله يتمتع بهيكلية مؤسساتية تمكنه من تجاوز أي صعوبات في اختيار الأمين العام الذي سيخلف حسن نصر الله. ويستند في ذلك إلى تجربتين سابقتين:

– الأولى: عندما خلف الموسوي الأمين العام الأول للحزب الشيخ صبحي الطفيلي عام 1991، حيث جرى الانتقال بسلاسة تامة.

– الثانية: كانت بعد اغتيال الموسوي عام 1992، حيث تم انتخاب نصر الله أمينا عاما جديدا، واستمر الحزب في أداء دوره بانتظام.

ويشير شومان إلى أن هذا النمط المؤسسي يجعل من المرجح أن تسير الأمور وفق الآلية نفسها الآن. وبالتالي، لا يتوقع أن تواجه عملية اختيار الخليفة أي عراقيل كبيرة، بل يعتقد أن الأمور ستسير كما حصل في الماضي.

وفيما يتعلق بالمرشحين المحتملين، يلفت المتحدث إلى وجود عدة أسماء بارزة، على رأسها صفي الدين وقاسم اللذان يعتبران الأكثرترجيحا لتولي الأمانة العامة، وهذه التوقعات أصبحت متداولة بشكل واسع بين الناس، إلى درجة أنها تحولت إلى ما يشبه “حقيقة” تناقش بالأوساط العامة.

وفي السياق ذاته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء التصعيد الذي شهده لبنان، يوم الجمعة الماضي، وفق ما قال الناطق الرسمي، أول أمس السبت، مع استهداف إسرائيل “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال الناطق عقب إعلان “حزب الله” اغتيال نصر الله، “إن الأمين العام قلق جدا إزاء التصعيد للأحداث في بيروت الساعات 24 الماضية.”

وفي نفس الصدد عدت الخارجية السورية في بيان أن اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، “عدوان دنيئ”.

وقالت الخارجية، “إن الكيان الصهيوني يؤكد من خلال هذا العدوان الدنيئ، مرة أخرى على سمات الغدر والجبن والإرهاب التي نشأ عليها، مشيرة إلى أن “الشعب السوري لم ينس يوما مواقف نصر الله الداعمة”.

وأكد رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه أن الوضع في لبنان في غاية الخطورة، مبديا قلقه حيال سلامة الفرنسيين في هذا البلد.

وقال بارنييه “إن الوضع في لبنان حيث يشن الجيش الإسرائيلي غارات عنيفة منذ مساء الجمعة الماضي وخصوصا على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل “حزب الله”، يبقى في غاية الخطورة، ولن أدلي بمزيد من التعليقات لأن الظرف غير مناسب اليوم، مضيفا، نتابع هذا الوضع المأساوي ونقلق على سلامة مواطنينا هناك”.

وعدت الحكومة الألمانية، أن اغتيال الأمين العام لحزب الله، قد تكون له تداعيات سلبية على أمن إسرائيل، وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك في مقابلة مع قناة “إي آ ردي” الألمانية، “إن الوضع خطير للغاية، بعد مقتل نصر الله، حيث يهدد بزعزعة الاستقرار في لبنان بأكمله، مضيفة، “هذا لا يصب بأي حال من الأحوال في مصلحة أمن إسرائيل”.

ونددت وزارة الخارجية الروسية بقوة باغتيال إسرائيل لنصر الله، ودعت إسرائيل إلى وقف الأعمال القتالية في لبنان.

وقالت الوزارة في بيان، “هذا الفعل العنيف ينذر بعواقب وخيمة أشد وطأة على لبنان والشرق الأوسط بأكمله”.

وفي السياق ذاته، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في لبنان، وندد بالهجمات الوحشية، التي استهدفت حزب الله، وأودت بحياة أمينه العام ومئات المدنيين.

وأكد أردوغان على منصة “إكس”، أن “لبنان والشعب اللبناني هما الهدف الجديد لسياسة الإبادة والاحتلال والغزو التي تنفذها إسرائيل منذ 7 أكتوبر”، وأضاف، “لا يمكن لأي شخص لديه ضمير أن يقبل بهذه المجزرة أو يبررها”، داعيا إلى وقف محاولات إسرائيل الطائشة لتوسيع الصراع إلى أنحاء المنطقة.

وقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعازيه لـ”حزب الله”، بمقتل أمينه العام في غارة جوية إسرائيلية، وفق بيان صادر عن مكتبه.

وقال البيان “إن عباس قدم تعازيه الحارة للحكومة اللبنانية والشعب اللبناني الشقيق، باستشهاد الضحايا المدنيين الذين سقطوا نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم”.

وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، “إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط”.

********

غارة إسرائيلية جديدة على ضاحية بيروت الجنوبية

استهدفت غارة إسرائيلية جديدة أول أمس السبت الضاحية الجنوبية لبيروت، كما أفاد مصدر أمني لوكالة فرانس برس، بعد إعلان إسرائيل “القضاء” على الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وسط غارات إسرائيلية مكثفة منذ مساء يوم الجمعة الماضي على المنطقة.
وقال المصدر مفضلا عدم الكشف عن هويته إن “غارة إسرائيلية جديدة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت” أول أمس السبت.
وأوضح أن الغارة أصابت “مبنى” وتحديدا “الطابقين الثاني والثالث”.
وتحدثت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية من جهتها عن “سقوط جرحى” في الغارة التي “استهدفت مبنى على طريق صيدا القديمة في مار مخايل” في الضاحية الجنوبية.
وأفادت الوكالة الوطنية كذلك عن غارات جديدة منذ الصباح على جنوب لبنان وشرقه، وطالت إحداها منطقة جبلية واقعة شمال بيروت، وبعيدة عن معاقل حزب الله.
وتأتي الغارة الأخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس السبت أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله “قتل” في الغارة التي استهدفت يوم الجمعة الماضي مقر قيادة الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية، فيما قال مصدر مقرب من الحزب إن الاتصال فقد بنصرالله منذ مساء يوم الجمعة.
واستمر  القصف على الضاحية الجنوبية خلال الليل، كما أعلن الجيش الإسرائيلي صباح أول أمس السبت استهداف مواقع لحزب الله في شرق لبنان.
كما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بلدات مركبا ودير سريان والصوانة وبني حيان في قضاء مرجعيون.

وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته شنت غارات على ضاحية بيروت الجنوبية.

وفي وقت سابق، أصدرت وزارة الصحة اللبنانية بيانا قالت فيه إن العدوان الإسرائيلي شن على المناطق اللبنانية منذ فجرأول أمس السبت أدى إلى استشهاد 33 شخصا وإصابة 195 بجروح.

وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض إنه جرى تسجيل 1640 قتيلا -منهم 104 أطفال و194 امرأة- و8408 جرحى منذ بدء المواجهات بين إسرائيل وحزب الله قبل نحو عام.

أ.ف.ب

Top