نجح المنتخب الوطني لللاعبين المحليين لكرة القدم في الفوز باللقب الإفريقي عقب اختتام منافسات “الشان” أول أمس بالدار البيضاء، وأهدى فريق المدرب جمال السلامي بذلك فرحا غامرا للجمهور الرياضي، ولكل المغاربة.
هذا الانتصار يستحق أولا الاعتزاز به وتهنئة شعبنا عليه، والافتخار به كمنجز كروي ورياضي لبلادنا، وكثمرة جهد كبير بذله اللاعبون والطاقم التقني والمسيرون.
من جهة ثانية، هذا التتويج القاري، بقدر ما هو مهم لذاته ويستحق الاحتفاء، فهو يطرح على مسيري كرتنا الوطنية تحديات أخرى مستقبلية لا يجب إغفالها.
أولا، من الآن يجب التخطيط والاستعداد لدورة “الشان” القادمة في أثيوبيا، وخصوصا للدفاع عن اللقب.
ثانيا، يجب الاهتمام باللاعبين المتوجين اليوم، وضرورة رعايتهم للاستفادة منهم في منتخب الكبار وتأمين الخلف، وأيضا لمواكبة مساراتهم المختلفة بعد أن تحولوا اليوم إلى نجوم تتوجه نحوهم الكاميرات وأضواء الشهرة.
ثالثا، منافسات “الشان” أبرزت مواهب اللاعب المحلي الممارس داخل الدوري الوطني وإمكانياته، وبينت قتاليته داخل الميدان، ومن ثم يفرض الأمر اليوم التفكير في إعادة الاعتبار للبطولة الوطنية، والارتقاء بها إلى المستوى الذي يجعلها جاذبة ومنتجة للمواهب والأبطال.
رابعا، ما حققه منتخب المحليين يفرض كذلك مواصلة الاهتمام بالتخطيط التقني والتدبيري، والعمل وفق تصورات وبرامج على المديين المتوسط والبعيد، علاوة على الثقة في الأطر التقنية الوطنية وتشجيعها ومساندتها.
إن دورة بطولة إفريقيا لللاعبين المحليين التي احتضنتها بلادنا عززت، على صعيد آخر، مصداقية المملكة تجاه الهيئات الرياضية القارية والدولية، وجعلتها تكسب نقاطا في سلم عدد من المؤشرات المعمول بها.
التظاهرة أقيمت في أربع مدن ولعديد أيام، ولم يتخللها أي حادث سلبي ولو صغيرا من حيث الأمن العام واستقرار البلاد، وفي التنظيم والإقامة والتغذية والنقل وغير ذلك، وهذا مهم جدا، وارتقى بهذه الدورة لتكون، في نظر كثير متابعين، الأكثر نجاحا في تاريخ “الشان”.
عشرات الإعلاميين من بلدان إفريقية وغير إفريقية حضروا إلى المغرب بمناسبة هذا الحدث الرياضي، وقاموا بتغطية المباريات، ولم يشتكوا من أي نقص أو إختلال على مستوى النقل التلفزيوني وباقي خدمات الإعلام والاتصالات.
يعني ما سبق أن منظومة عمل متكاملة اشتغلت في تنسيق والتقائية وتكامل، وشاركت فيها قطاعات ومصالح الأمن والنقل والصحة والسياحة والإعلام والشبيبة والرياضة والمطارات وجامعة الكرة وغيرها، ولها كلها يعود فضل النجاح النهائي لهذا الاختبار الحقيقي.
وبرغم قساوة الظروف المناخية لهذه الأيام، وخصوصا ليلة أول أمس في مباراة النهاية بالدار البيضاء، فإن التنظيم العام كان محكما ومتميزا، وحضور الجمهور كان لا بأس به، وأرضية الملعب حافظت بشكل كبير على قدرتها وجاهزيتها برغم الأمطار الكثيفة، وكل هذا يعتبر نقاطا إيجابية ساهمت في نجاح تنظيم بلادنا لهذه المنافسات الكروية القارية.
حضور شخصيات رياضية وسياسية من مختلف الدول الإفريقية، واحتضان الجمعية العمومية للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وحضور مسؤولي هيئات كروية ورياضية عالمية، فضلا عن عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام الإفريقية والدولية، كل هذا مثل كذلك واجهة عمل ديبلوماسي مهمة نجحت فيها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ولا بد اليوم من استثمار نتائجها وتطوير امتداداتها في العمل المستقبلي، خصوصا حول دعم ترشيح المغرب لمونديال 2026، وحول الاستحقاقات الرياضية القارية والدولية الأخرى.
بقي أن نشير إلى أن نجاح بلادنا في اختبار “الشان”، يفرض كذلك تطوير ممارستنا المهنية الإعلامية الرياضية على هذا المستوى، وخاصة في المجال السمعي البصري، ذلك أن تغطية مباريات “الشان”، بقدر ما أبانت عن جهد محترم من لدن الصحافة المكتوبة وبعض الإعلام الإلكتروني، فهي كشفت عن ضعف كبير لدى بعض قنواتنا التلفزيونية الوطنية العريقة، وحاجة بعض معلقينا فعلا إلى الصمت، لأن ذلك سيكون أحسن لهم ولنا ولكرتنا الوطنية ولصورة بلادنا.
هنيئا لمنتخب اللاعبين المحليين، لمدربه جمال السلامي وكل طاقمه، وللجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وليبدأ العمل من أجل تحصين النتائج وتثمين ما تحقق من نجاح، وليجر التخطيط للمستقبل من الآن.
< محتات الرقاص