طيلة موسم 2019-2020، سينتقل حوالي 1500 فنانة وفنان، عبر مختلف بلدان المعمور لتقديم 300 من العروض المسرحية للمغاربة المقيمين بالخارج، في مبادرة أطلقتها الوزارة المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، لخلق جسور ثقافية وتواصل دائم مع أفراد الجالية، بل وجعل البعد الثقافي آلية أساسية في تحصين الهوية المغربية خاصة بالنسبة للأجيال الصاعدة ، الذي بدون العناية بهذا البعد من شأنه أن يعرضهم للأخطار في بلدان الاستقبال التي باتت تعرف انتشار التطرف وتصاعد أحزاب اليمين المتطرف، حسب ما أعلن عنه عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة.
جاء هذا الإعلان خلال حفل إعطاء الانطلاقة الرسمية مساء الخميس الماضي بقصر المؤتمرات بالصخيرات، لبرنامج الجولات المسرحية لفائدة مغاربة الخارج، الذي أشرف عليه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، والوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة ووزير الثقافة والاتصال،محمد الأعرج، وعميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس.
وقال ، الوزير بنعتيق، إن” الجالية المغربية حريصة على ثوابتها في أي بلد كانت، والمتمثلة في المرجعية الإسلامية للمدرسة المغربية التي تتأسس على الاسلام الوسطي المعتدل”، معلنا أن برنامج الجولات المسرحية لفائدة مغاربة الخارج، يشمل تقديم 300 عرض مسرحي، وهي مبادرة تروم تحصين هوية مغاربة العالم في مواجهة التعقيدات التي باتت تشهدها مجتمعات بلدان الاستقبال والتي من يأتي على رأسها الصعود المتنامي للأحزاب اليمينية المتطرفة، واستعمال الأحزاب السياسية قضايا المهاجرين مطية للتمكن من الفوز في الانتخابات، هذا فضلا على التعقيدات التي ترتبط بانتشار التطرف”
وأبرز أن برنامج الجولات المسرحية، الذي تنظمه وزارته بشراكة وتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة الثقافة، من شأنه تقوية لمنتوج الفني والثقافي الموجه إلى أفراد الجالية، وبل ومن شأنه المساهمة في تقوية جسور الانتماء للوطن والعلاقات مع الفنانات والفنانين المغاربة.
وأفاد أن المبادرة تستلهم فلسفتها من التوجيهات الملكية الخاصة بإيلاء العناية الكبيرة لمغاربة العالم، والتجاوب مع انشغالاتهم، والعمل على صون ارتباطهم الروحي ببلدهم الأم ، كما يستلهم روحه من المبادئ التي تضمنتها مقتضيات دستور 2011، الذي أفرد نصوصا تنص على حماية الحقوق المشروعة للمواطنات والمواطنين المغاربة في الخارج والحرص على الحفاظ على الروابط الإنسانية ولاسيما الثقافية، هذا فضلا عن ما تضمنه البرنامج الحكومي الذي يعد تعاقدا مع المواطنين.
ومن جانبه ، ثمن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني مبادرة الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، بإطلاق هذا البرنامج الذي شهد خلال الدورتين السابقتين إقبالا كبيرا من أفراد الجالية ، معتبرا أن برنامج العروض المسرحية لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج يعد آلية مهمة للمساهمة في تقوية صلة أجيال هاته الفئة من المواطنين المغاربة بوطنهم، ولا سيما الجيل الثالث والرابع.
ولم يفت رئيس الحكومة ،أن يصف مساهمة الفنانات والفنانين المغاربة في هذا البرنامج بانتمائه للحس الوطني العالي، مؤكدا على دورهم المحوري في إقامة جسور التواصل مع أفراد الجالية والتذكير بالقيم الإنسانية النبيلة التي تسم المرجعية الثقافية المغربية، معتبرا أن الإعلان عن الانطلاقة التي تتزامن وتخليد
مناسبة عيد العرش فرصة للتذكير بما حققه المغرب من مسارات بإطلاق إصلاحات جذرية وآفاقا جديدة على عدة مستويات من ضمنها المجال الثقافي الذي سيعرف قفزة نوعية في المستقبل .
أما وزير الثقافة والاتصال، فقد اختار في كلمته التأكيد على الدور الطلائعي الذي لعبه المسرح ، حيث أعطى الكثير للهوية المغربية ويتجسد ذلك في التعريف بالتراث والحضارة، مثمنا في هذا الصدد المجهود الذي يقوم به المنتمون للقطاع، قائلا” إن المسرح المغربي وصل للعالمية من خلال نسائه ورجاله، الذين ثابروا للتعريف بالتراث والثقافة المغربية في صفوف الجالية والعالم أجمع”.
وأكد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس، الذي ساهمت مؤسسته في عملية اختيار العروض المسرحية الناطقة باللغة الأمازيغية للمشاركة في هذا البرنامج، على أن ذلك يندرج في إطار تطوير العرض الثقافي لفائدة مغاربة العالم، كما تدخل في إطار إعمال للمقتضيات الدستورية التي تجعل الأمازيغية، لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية.
وأبرز قائلا” إن الأمر يتعلق برصيد مشترك/ لذلك لأن الأمازيغية هوية وثقافة وحضارة ليست حكرا على فئة معينة من المجتمع المدني وإنما تمثل المشترك بيننا جميعا، باعتبارها أحد روافد الثقافة المغربيةـ كما جاء في الفصل الخامس من الدستور” على حد تعبير عميد المعهد
وأبرز من جانبه، على أن البرنامج حينما يشمل تقديم عروض مسرحية بالأمازيغية فهو يسعى إلى المساهمة في تحقيق التواصل الثقافي مع شريحة هامة وواسعة من المغاربة الذين ينحدرون من المناطق الناطقة بالأمازيغية ويتوزعون على جل بلدان العالم”، وأن عمل المعهد ومشاركته بفعالية يأتي في إطار مساهمته بناء على الشراكة والتعاون مع الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، في إطار الشراكة والتعاون الذي يجمعهما ، وذلك لإرساء هذه الاستراتيجية الوطنية التي تسعى إلى تعزيز مشاعر الانتماء الهوياتي للوطن، للمغرب، في سبيل وحدة كافة مكونات الشعب المغربي وكافة التعبيرات الثقافية واللغوية للمغرب”
واعتبر أن هذا البرنامج يعد استجابة لرغبة مغاربة العالم وكذا مناسبة تروم تنمية البلاد عبر تنمية الثقافة وذلك خلال السنتنين القادمتين قائلا” إن مشاركة المسرح الأمازيغي تأتي لكونه أصبح جزءا رئيسيا وهاما، خاصة وأن الفرق التي تقدم هذا الفن حققت في الدورة السابقة نجاحا كبيرا وأبانت عن مسؤولية باهرة لجعل المسرح الأمازيعي مكونا مشعا وفعالا في هذه الفعاليات”.
> فنن العفاني