فضيحة بالدوحة

تتواصل بالعاصمة القطرية الدوحة منافسات النسخة السابعة عشرة من بطولة العالم لألعاب القوى ثالث أكبر تظاهرة في العالم بعد دورة الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم.
فمنذ أول يوم من التباري، ظهر حجم المشاكل التي تجعل من نسخة قطر، نسخة فاشلة على جميع المستويات، رغم المبالغ الطائلة التي أنفقتها هذه الدولة الخليجية، من أجل الخروج بانطباعات جيدة حول تنظيم هذه البطولة، باعتبارها تجربة تسبق استضافتها لمونديال كرة القدم سنة 2022.
فصعوبة الطقس بسبب ارتفاع مفرط في درجة الحرارة والرطوبة، تمثل نقط سوداء في هذه البطولة، مما يتسبب في إنهاك العدائين، وقد وصل الأمر إلى انسحاب 28 من بين 68 عداءة بدأن الماراطون، كما شهد السباق التي نظم في منتصف الليل حالات إغماء وتعب شديدين، وتبين أن تغيير التوقيت، لم يكن كافيا لتفادي تأثير الرطوبة والحرارة المرتفعة، نفس الشيء بالنسبة لوضع معدات التكييف ببعض الممرات الأرضية، إذ لم يكن ذلك كافيا.
كما تفاجأ المتتبعون، بخلو سطاد خليفة الدولي الذي يبلغ تعداد مقاعده 40 ألف، من الجمهور طيلة فعاليات الأيام الأربعة الأولى من البطولة، إلا من بعض الصحفيين وأقارب المتسابقين والمتسابقات وبعض الأطر العاملة، ومن بين الحالات المثيرة خلال هذه الدورة، ما حدث للعداءة البريطانية دينا أشر سميث الفائزة بفضية سباق 100 متر، والتي لم تجد بعد تتويجها من تحيي بالمدرجات، أو من يرد لها التحية بالمثل، فما كان منها، إلا أن أخذت علم بلادها من أمها، واحتفلت هي وعائلتها بالفوز.
ورغم الإجراءات الذي اتخذته اللجنة المنظمة المحلية، لتجاوز الغياب المؤثر للجمهور، وخلو مدرجات الملعب من المتفجرين، وذلك بنقل عمال من إفريقيا ودول آسيوية عن طريق الحافلات، وبتذاكر مجانية، وتقديم وجبات غذائية وقنينات ماء، إلا أن هذا لم يكن كافيا لإضفاء نوع من الإثارة التي تعرفها عادة هذه البطولة، والتي شهدت خلال دورة لندن سنة 2017 نجاحا جماهيريا كبيرا…
بالإضافة إلى حالة الطقس وغياب الجمهور، جاء النقل التلفزيوني ليزيد من متاعب هذه الدورة، فقناة أبو ظبي الناقل الحصري لفعاليات البطولة، تتهم بغياب المهنية، واتباعها حسابات لا تخلو من تأثير الدوافع السياسية، في سياق أزمة الخليج المشتعلة في السنوات الأخيرة، بين قطر وبعض دول الخليج العربي، فهذه القناة لم تعمل على نقل حفل الافتتاح، كما لم تعكس استضافة دولة قطر لثالث أكبر حدث رياضي، الطريقة التي تستعد بها لتنظيم المونديال.
وفي الوقت الذي حاول فيه المنظمون الاجتهاد فيما يخص توفير التجهيزات الخاصة بالنقل التلفزي بشكل غير مسبوق، أثار تثبيت كاميرات جديدة في مساند سباقات العدو، حفيظة العداءات، وأغلبهن انتقدن تصويرهن من زاوية غير مألوفة، إذ أوضحن أنه يتم تصويرهن بطريقة محرجة، مما لا يشعرهن بالراحة.
كل هذا يؤكد أن المال وحده لا يكفي، والفشل الذي تعرفه بطولة العالم لألعاب القوى، يعد في الواقع مقدمة لما سيكون عليه مونديال 2022، وأجهزة الرياضة الدولية كالاتحادين الدولي لألعاب القوى وكرة القدم (إياف وفيفا) يتحملان مسؤولية كاملة في هذا الإخفاق الذي تعرفه تظاهرات كبرى كانت منذ انطلاقتها، تشكل فعلا عرسا رياضيا وثقافيا وإنسانيا.

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top