لا ادري لماذا أطللت عليه إلا من زاوية واحدة ،في البداية، وأثناء سماع هذا الخبر الثقيل. نعم أطللت عليه من زاويته التي عرف بها كثيرا عند المثقفين وأهل السياسة والنقابة؟.
إنها زاوية الصورة، زاوية أتذكر جيدا انه كان واحدا من صناعها هنا بمدينة خريبكة. به وبها يمكن الآن للعديد من الإخوة أن يؤرخوا للعديد من المحطات النضالية، سواء على المستوى السياسي أو النقابي أو الاجتماعي.
يحيى واحد من الذين تفننوا في توظيف آلة تصويره، التي أبدع بها العديد من لحظات المتعة، آلته التي استطاع، وقبل توظيفه، في الجماعة الحضرية بخريبكة، أن يكتب بها العديد من الحكايات، ذات البعد السياسي والنقابي والإعلامي والاجتماعي. آلته التي رافقني بها إلى الرباط، من اجل أن يساعدني على توثيق لحظة ممتعة، بل هي لحظة من أجمل لحظات العمر، لحظة مناقشة رسالتي الجامعية بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب بالرباط، حيث كان سفره معي فأل خير علي، شأنه شأن إخوة أعزاء، كانوا بجانبي من أجل المؤازرة واسترجاع ذكريات الجامعة المغربية.
الم اقل إن موتك استحضرته من زاوية أولى، هي زاوية التصوير؟ إنها الزاوية التي ودعت بها أيضا إلى متواك الأخير. نعم بها أيضا وعلى إيقاعاتها، عانقت لحظة تراب دافئ في لحظة شوم خريبكي. كم هي مصادفة غريبة وجميلة في الآن نفسه. أستحضرك وأنت تعاقر آلة تصويرك في أواخر الثمانينيات وأودعك، بل الكل، ودعك على رنين آلات التصوير التي كان يحملها زملاؤك المراسلون والمصورون. إذ التقطوا لك صورا يا يحيى من زوايا مختلفة، بها ودعوك.. بل وأنت تعانق ترابك كانت رنات الصورة مصاحبة لرنات الدعاء وقراءة القران الكريم، بل تم تفاعل العديد من المكونات الفنية والسياسية والنقابية والدينية والتي عبر عنها بصدق عاطفي ووجداني كبير، من أسميه (برباروس) الاستاذ ادريس السالك، لحظة توديعك وأنت المسافر في تربتك إلى لقاء خالق هذا الكون الجميل. لم أكن وحدي من أستحضرك من زاوية الصورة بل اخبرني الصديق العزيز بوشتة فرقزيد انه مجرد ما سمع خبر وفاتك، استحضرك من خلال لحظة زمنية تخص النادي السينمائي هنا بخريبكة.
هكذا تسافر في لحظة تساءل فيها الجميع، كيف؟ ومتى؟ واين؟ أسئلة لا يمكن وقف عنفها، إلا بقول إنا لله وإنا إليه لراجعون، والارتماء المطلق في الأقدار الربانية، والإيمان المطلق أيضا بأننا سنتبعك جميعا في زمن ما وفي مكان ما، وبسبب ما.