ضمن البرنامج الثقافي للدورة السادسة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، تم تنظيم ندوة حول موضوع “الكتابة السيرية والسيرذاتية في الأدب المغربي المعاصر”.
في هذا اللقاء تم الوقوف على السيرة بأنواعها المختلفة، الذاتية والغيرية والتخييلية.
وفي هذا الصدد أوضح مصطفى القباج، أن كتابة السيرة ذاتية، شكلت مشكلة إلى حدود نهاية القرن 18 لقد كانت جنسا إشكاليا، فقد تم الإجماع على أنها عبارة عن جنس فني أدبي، وهو موجز أدبي من تجليات الخيال وجدانيا، والإبداع فكريا، واللغة اشتغالا، وإذا وقع اتفاق على أن السيرة الذاتية تدخل ضمن الفنون الأدبية، فإن صاحبها يشتغل عليها لغة و فكرا ووجدانا وهي بالتالي قص استبطاني.
وأضاف القباج أن الرجوع إلى استعادة الماضي هو جوهر المفهوم، كما هو معروف لدى الاختصاصيين، وفي هذا القصد يبدو أولا الحدس وتبدو الذاكرة وفي نفس الوقت، يحاول منتج هذا القصد أن يقوم بنوع من استقراء الأحداث المتعلقة به كباحث. وأكد مصطفى القباج كذلك على أن الكتابة السيرية هي عبارة على نظرة إلى الذات من داخل الذات. وأضاف: يمكن الذهاب بعيدا لنقول إن الكتابة السيرية عملية حفر في الذات، لاسترجاع ماضيها، ويمثل هذا الحفر استبطانا واستعادة لماضي الشخصية. واعتبر أن هذا الصنف من الكتابة يجب أن يكون متوفرا على ميزة أساسية وهي بروز ووضوح ماهية الكاتب وماهية الراوي وماهية الشخصية الرئيسية في النص التي تكتب عنه هذه السيرة، وهنا تداخل بين الراوي والشخصية المحورية والكاتب، هذه الكتابة تمتاز بشيء أساسي وهو أن أصحابها يحاولون تحديد أنفسهم من داخلها.
وأكد عبد القادر الشاوي، وهو مختص في السيرة الذاتية، أنها ذاك النوع من التاريخ الذي يعمل فيه الكاتب على تأريخ الأنا، و المقصود بذلك أننا نقوم بسرد أو إعداد نص أدبي حول ما هو ذاتي وطبيعتي و مساري وأوضاعي وعلاقة الكاتب بنفسه، ورجح عبد القادر الشاوي، أن ظهور الكتابة السيرية ظهر مع الكناش المغربي، الذي كان يكتب فيه تاريخ الميلاد، وتسجل فيه الحسابات، وكذا الأوضاع العائلية، وأبرز أن عمر النهوض بهذا الجنس الأدبي هو 75 سنة.
وفي سياق آخر، قال سعيد يقطين، وهو ناقد وباحث مغربي، قد عرف باهتماماته البحثية والأكاديمية في مجال السرديات العربية ونحت مفاهيمها وتتبع مكوناتها في النصوص العربية القديمة والحديثة. عندما نتحدث عن نوع السيرة الذاتية أو السيرة الغيرية معا لا يمكننا النظر إليهما إلا من نطاق الجنس العام، لأنه بدون تحديد الجنس العام لا يمكننا إلا أن نظل تائهين في تحديد هذه الأنواع، فأي نوع له تاريخ قد يكون من نوع ما، أو لحظة معينة تشكلت له في الحاضر، ووضعها في سياق الجنس العام الذي ينتمي إليه يمكننا من البحث عن جذوره، وأكد سعيد يقطين على أن السيرة الذاتية أو السرد الذاتي كما أسماه هو، له تاريخ وثقافة إنسانية، بحيث أن جزء من هذه السيرة يمارس في حياتنا اليوم، وحتى الرواية التي نكتبها نجد فيها لحظات من حياتنا. وانطلاقا من هذا السرد الذاتي، سيمكننا الانتقال من المعنى العام الذي يمكن أن يسهل علينا مأمورية تناول السيرة الذاتية وتطور التحليل الذاتي. وأضاف سعيد يقطين أن الكاتب أو الروائي السارد، تمييزا له عن الراوي، يشرك آخرين في تجربته الخاصة، فهو يستغل مادة جاهزة، مثله في ذلك مثل من يكتب الرواية التاريخية، فهذان النوعان يرتبطان بمكون مركزي، وهو الذاكرة، سواء كانت هذه الذاكرة فردية أو جماعية أو كانت قريبة أو بعيدة، أو تشكلت من لحظة تطور، من بداية إلى لحظة في العمر. وعن مفهوم السيرة الذاتية، أكد سعيد يقطين أنه مرتبط وبشكل كبير بالسيرة النبوية، ولذلك كانت السيرة الذاتية تكتب بعد وفاة الأشخاص.
خديجة منافع (صحافية متدربة)