لفت الانتباه خلال الدورة الأخيرة للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء؛ قيام إحدى دور النشر باقتراح كتاب مجاني لكل من يقتني أكثر من كتاب، مع الإشارة إلى أن الكتاب الممنوح بالمجان يكون من اختيار الزبون، كيفما كان السعر المطبوع على غلافه.
قد يتم النظر إلى هذه المبادرة من جانب سلبي، حيث هناك من سيعتبرها تبخيسا لعمل مطبوع.. عمل خرج إلى الوجود من “كدنا وعمل أيدينا” كما تقول الأغنية الملتزمة.
لكن هناك جانبا إيجابيا لا ينبغي غض الطرف عنه، وهو المساهمة في التحفيز على القراءة والإقبال على اقتناء الكتب.
وإذا قمنا بعملية إحصائية للأروقة التي حظيت بإقبال أكثر على معروضاتها، سنجد من بينها لا محالة رواق دار النشر صاحبة مبادرة الكتاب المجاني.
ليس معنى هذا أننا شعب “ديال فابور” حسب التعبير الدارج، بقدر ما أن الأمر يتعلق بوسيلة جذابة لدفع الناس إلى الإقبال على شراء الكتب، وكان من الطبيعي جدا أن ينجذب هؤلاء الناس إلى الرواق الذي يتبنى هذه المبادرة.
وكما نرى، فإن العملية بسيطة ولا تتطلب ذكاء خارقا، لكنها ذات مردودية من جميع الجوانب.
هذه المبادرة تحيلنا على كتب معروضة بالمجان دون شرط ولا قيد، يتعلق الأمر بالكتب الرقمية التي يمكن تحميلها من بعض المواقع الإلكترونية في ثوان معدودة، أعمال منفردة أو كاملة، أعمال لأبرز الأدباء والمفكرين والفلاسفة، القدماء منهم والمعاصرون على حد سواء.
الملفت للانتباه أن هناك كتبا رقمية معروضة بالمجان، رغم أنها لم يمر على صدورها ورقيا سوى بضعة أيام.
وطبعا هذا لا يشجع القراء على البحث عن الإصدار الورقي ودفع ثمنه الذي عادة ما يكون مرتفعا، بما أن النسخة الرقمية متاحة للجميع، يكفي النقر على أيقونة التحميل للحصول عليها دون تجشم عناء التنقل إلى المكتبات والأكشاك، وما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية.
هناك تحديات تواجه عادات القراءة في عصرنا الحالي، وبالتالي من الضروري البحث عن حلول ذكية لتحفيز الناس على اقتناء الكتب دون أن يكون ذلك على حساب حقوق التأليف والنشر.
لقد جرى خلال الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب المشار إليه آنفا؛ تنظيم يوم مهني حول النشر، انخرط في نقاش محاوره نخبة من الفاعلين في هذا الميدان، وانبثقت عنه توصيات لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونأمل أن يتم العمل على إخراج هذه التوصيات إلى حيز التطبيق.
عبد العالي بركات