جداريات من وحي زمن كورونا، انبعثت بحي الرحمة بمدينة سلا بمبادرة مدنية من اتحاد جمعيات للتنمية تحمل اسم هذا الحي»الرحمة».
هذا الحي تعود في الأيام العادية على حياة الصخب والحركة، حيث تختلط أصوات صراخ الأطفال وهم يلعبون في الأزقة بصياح الباعة أصحاب العربات المجرورة، وضجيج محلات بعض المهن، وزخم مرور السيارات وغيرها. فالحركة تسكن دروب وأزقة وشوارع هذا الحي الذي أصبح، في ظل التمدد الذي تعرفه المدينة، يوجد عند مفترق التحول من حي صناعي إلى حي سكني يتسم بكثافة سكانية هائلة.
زمن الكورونا إذا، فرض على الحي كما باقي أحياء المدينة، سكونا ضروريا لمواجهة عدو غير مرئي حفاظا على الحياة
في ظل هذا السكون، نزلت مبادرة المجتمع المدني وكأنها تسعى إلى أن توثق للحظة غير عادية يشهدها المكان ويمر بها الإنسان.
في مشهد مسكون بحب الوطن، ضمت الجداريات التي احتضنها هذا الحي، رسومات تمثل الفئات المهنية التي رابطت في الصفوف الأمامية لساحة المعركة من أجل مواجهة الجائحة، ويتعلق الأمر بالأطر الصحية بمختلف تخصصاتها ورتبها، ونساء ورجال السلطة الترابية وعناصر الشرطة نساء ورجالا، والجيش والدرك، والقوات المساعدة، ونساء ورجال الإعلام…وحرص واضعو هذه الجداريات على إرفاقها بعبارات الشكر عرفانا بالدور بل والجهد الغير مسبوق الذي يبذله كل هؤلاء الجنود تلبية لنداء الوطن .
بين هذه الجداريات هنك واحدة جدارية بدت ككبسولة تحسيسية تبسط رسالتها داخل الحي، فقد ضمت رسما يمثل سريالية المشهد الذي يتوزع الواقع، وذلك من خلال الكفاح المزدوج الذي أصبحت تخوضه الدولة لمحاصرة انتشار وباء ذي وجهين، الصحي منه وكذا المرتبط بقلة الوعي واللامبالاة لدى بعض الأفراد، إذ كلاهما يحاول كسر الأبواب والانتقال للخارج.
وقد أظهرت هذه الجدارية ذلك الكفاح المزودج، من جهة، عبر العمل والجهد المضني الذي يبذله مهنيو الصحة داخل المستشفيات بشكل يومي لإنقاذ حياة المرضى من براثين الفيروس العنيد الذي يتنطع محاولا كسر أبواب المشافي ومغادرتها للانقضاض على المزيد من الضحايا، ومن جهة أخرى، من خلال المجهودات الشاقة الذي تقوم بها السلطات العمومية من أجل إقناع الساكنة بالبقاء في البيت
رسالة واضحة وضوح الشمس للبعض الذي يخرق الحجر الصحي في لامبالاة مقيتة، كما يبدو ذلك من خلال الشخص المبين في الرسم الذي اكتفى بارتداء الكمامة اعتقادا منه أنها السلاح السحري الذي سيقيه من الإصابة .
> فنن العفاني
> تصوير: رضوان موسى