أعاد فيروس كورونا كوفيد-19 النقل العشوائي والسري معا إلى الواجهة، سواء داخل المدن أو خارجه، بيد أن النقل العشوائي وجد ضالته طيلة فترة الحجر الصحي بالمدن المغربية لاسيما الكبرى منها، كمدينة الدار البيضاء المترامية الأحياء السكنية.
فما أن اختفت مظاهر النقل عبر الدراجات الثلاثية العجلات وسط العاصمة الاقتصادية، حتى عادت إلا الواجهة وبقوة في زمن كورونا، على اعتبار أن أغلب وسائل النقل العمومي توقفت عن العمل امتثالا لحالة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها الحكومة بتاريخ 20 مارس الماضي.
ووقفت بيان اليوم طيلة هذه الفترة، عند مجموعة من الصور التي توثق لهذا النقل العشوائي، حيث عاينت نقل السلع والبشر معا على متن هذه الدراجات المخصصة فقط لنقل البضائع، وهو ما أدى مؤخرا إلى وقوع حادثة اعتداء على رجل شرطة وعنصرا من القوات المساعدة بسلا، بعد فرار ثلاثة أشخاص من حاجز أمني بالمدينة كانوا يركبون دراجة ثلاثية العجلات.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لفرار هؤلاء العناصر الثلاثة الذين لم يمتثلوا للقانون، وهددوا سلامة الشرطي بالدرجة الأولى، إلى جانب سلامة باقي مستعملي الطريق، خصوصا وأن سرعة القيادة كانت جنونية ومتهورة على حد سواء.
ولم تمر إلا ساعات قليلة حتى أعلنت مديرية الأمن الوطني عن توقيف هؤلاء الأشخاص الذين يشتبه في تورطهم في عدم الامتثال والتسبب في حادثة سير عمدية، وتعريض موظفين عموميين للخطر، وذلك بعد فتح بحث قضائي في الموضوع من قبل الشرطة القضائية بمدينة سلا.
وهذا المثال، ما هو إلا واحد من النماذج التي نشاهدها كل يوم وسط المدن، خصوصا من قبل أشخاص مندفعين، لا يكترثون لعواقب السرعة والسياقة بتهور كبير، وعدد حوادث السير بهذه الدراجات كافية للشاهدة على ذلك.
وبالرغم من الزامية وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك لجميع الدراجات بوضع لوحات الترقيم، خلال السنوات الأخيرة، إلا أن بعض الدراجات ثلاثية العجلات تتحرك بدون لوحة ترقيم، وبدون وثائق تأمين، وهو ما يعتبر خرقا للقانون من قبل بعض السائقين الذين ينقلون أرواح الإنسان بدون وثائق قانونية.
وتنضاف إلى الدراجات ثلاثية العجلات، العربات المجرورة بالدواب (البغل+ الحصان+ الحمار)، حيث تزاحم هي الأخرى وسائل النقل العمومي في نقل المواطنين، ويكفي زيارة أحد الأحياء العشوائية بمدينة الدار البيضاء، للوقوف عند هذا المشهد الذي اعتاد عليه الجميع.
ورصدت عدسة جريدة بيان اليوم انتعاش هذه العربات، على مستوى حي الرحمة، والهراويين، وطماريس.. بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، حيث تعتمد ساكنة هذه الأحياء بكثرة على هاته العربات، التي دفعتها كورونا إلى ارتياد الأحياء الأخرى في ظل ندرة النقل العمومي؛ الحافلات، سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة.
وفي هذا السياق، أنعشت جائحة كورونا هذا النقل العشوائي الذي يهدد سلامة الجميع الجسدية والصحية، على اعتباره لا يستجيب لشروط النقل العمومي كما هو معمول به في مدينة مراكش، أولاها حالة العربة، بالإضافة إلى نقل الكثير من الأجساد البشرية على متنها، وذلك مقابل سنتيمات قليلة.
وفي ظل عدم حل أزمة النقل العمومي من قبل المجالس المنتخبة بالمدن الكبرى، ستبقى هذه الوسائل معتمدة وبشكل كبير في الأحياء الهامشية غير المتشددة أمنيا، بل وفي وسط المدن أحيانا أخرى، كما هو الحال خلال فترة الحجر الصحي.
لهذا تبقى إشكالية النقل العمومي خلال فترة حالة الطوارئ الصحية من بين العراقيل التي واجهت العديد من المواطنين، وهو ما دفع ببعضهم إلى الاعتماد على النقل السري والعشوائي للوصول إلى منازلهم ومكان عملهم، أو قضاء أغراض شخصية، كزيارة الطبيب مثلا.
< يوسف الخيدر < تصوير: أحمد عقيل مكاو