يبدو أننا مجبرون على خوض معركة الدفاع عن عقيدتنا أمام حكاوي الغرب، و ادعاءاتهم المسيئة للإسلام والمسلمين. وإصراره على إلباسنا لباس الإرهاب الذي نحن براء منه. بات من المفروض علينا تحديد المسلمين والمنتسبين و المنتحلين لصفة مسلم. حتى لا نتحول إلى مسلمين بلا دولة إسلامية. فمنذ أن تم الدفع بتلك الاختراعات الإرهابية المعروفة ب»داعش، القاعدة…»، باسم «الدولة الإسلامية»، للزحف نحو أراضينا وشعوبنا. منحت الأسلحة والعتاد لتشتيت إسلامنا وقوميتنا. أصبحنا نحن المسلمون نكره اسم «الدولة الإسلامية»، ونرفض حتى سماع هذا الاسم، الذي تحول إلى كابوس مرعب، ومصدر لقتل وتنكيل وتشريد المسلمين.
السبب طبعا تلك المنظمات الإرهابية التي تدعي أنها مسلمة. في الوقت الذي نجد فيه أن شعوب الدول الإسلامية «المسلمون يا حسرة»، لا يجدون حرجا في إطلاق اسم «الدولة الإسلامية» على منظمة إرهابية وترديده في دردشاتهم اليومية. و نجد أن حكام تلك الدول الإسلامية العربية وغير العربية، لا يخجلون وهم يسمعون أو يقرءون يوميا أخبارا تتحدث عن عمليات إرهابية تقوم بها «الدولة الإسلامية». لايقدرون خطورة هذه التسمية، التي من الواجب التنديد بمن ينطق بها.
أنظمة العالم المعادية للمسلمين و الدين الإسلامي، تتغذى من عمليات تلك المنظمات الإرهابية. أولا بفرض تواجدها داخل تلك الدول المضطهدة من طرف تلك المنظمات، بدعوى حمايتها، والتصدي للإرهابيين. وثانيا بحصولها على الدعم اللازم من ثروات شعوبها التي تزكي مبادراتها المزعومة ضد الإرهاب، وثالثا لأنها تسوق لشعوبها مفهوما خاطئا عن الإسلام. وإعلامها يقوم بتلك المهمة، بالحديث يوميا عن جرائم «الدولة الإسلامية»، عوض الحديث عن جرائم المنظمة الإرهابية «داعش أو غيرها». ورابعا وهذا ما يزيدنا إحباط، هو أن الإعلام الغربي المباشر أو المسوق له عن طريق بعض الأقلام والقنوات المأجورة. بات بإمكانه التأثير حتى على الشعوب العربية والإسلامية،وتمرير خطاباته السامة والمدمرة. وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الإسلام والمسلمين، أو ما بات يعرف بالإسلاميين الجدد. وهي فئة من ابتكار الإعلام الغربي لا نجد لها مرادفا في عالمنا الإسلامي.الذي لا يعرف سوي كلمتي «مسلم أو كافر».
إن كانت منظمة «داعش» هي الدولة الإسلامية.. فما وضع دولنا العربية والإسلامية، وما درجة ومستوى إسلام أنظمتنا وشعوبنا، والتي تنص دساتيرها على أنها دول إسلامية، عقيدتها الإسلام؟..
ضاع الإسلام، وسط تلك الأوطان التي باتت تعترف بأسمائها الجديدة فقط، وباتت لا تحترم سوى الحدود التي رسمها الغرب قبل تمكينهم من الاستقلال الأرضي، مع محافظة المستعمرين على الاحتلال الفكري والاقتصادي. لضمان استمرار الخنوع والرضوخ والتبعية. وضمان استمرار استنزاف الثروات والكفاءات. لم يعد هناك احترام للعقيدة و التقاليد والدماء التي تجري في أوردتهم.
هناك شعوب بالعالم، سمت وارتقت بدولها. شعوب تعيش حيواتها اليومية بعدة عقائد وطوائف، منهم المسلمين، ومنهم الملحدين، ومنهم من يؤمنون بوجود أرباب مختلفة خيالية. لكن كل تلك العقائد والطوائف وغيرها من الممارسات الدينية والبدع. لم تشكل أي عائق أمام نهضة وتنمية تلك الدول ووحدة شعوبها. و بالعالم العربي الأمازيغي والإسلامي الذي يؤمن وحدانية الرب كحقيقة مطلقة. و بدين واحد هو الإسلام خاتم الأديان السماوية. ويحكمها دستور رباني واحد هو «القرآن». ومع ذلك تعيش تلك البلدان جحيم الحروب الأهلية والإرهاب والتناحر والحقد و جرائم القتل والتنكيل التي تتم باسم الدين الذين يجهلون مبادئه وأسسه. ولا يخجلون من استعماله بطرق ملتوية من أجل القصاص من بعضهم البعض. فلننظر إلى الهند التي تجاوز عدد سكانها المليار و300 مليون نسمة، سكانها يؤمنون ب800 عقيدة وطائفة و ضمنهم المسلمون. ويعبدون 300 رب «من حجر وبقر و…». ومع ذلك يعيشون في أمن واستقرار، وتمكنوا من الرقي ببلدهم. ولننظر إلى اليابان التي ارتقت بصناعتها وفاقت باقي دول العالم، عدد سكانها فاق 140 مليون نسمة، ونصف الشعب ملحد، ولديهم 123 عقيدة، ويعبدون 60 رب. و لننظر إلى الصين الشعبية التي تضاهي الهند من حيث عدد السكان، فرضت صناعتها واقتصادها على كل دول العالم. شعبها يؤمن ب378 عقيدة، ويعبد 100 رب. كل هؤلاء الشعوب وغيرهم يعيشون في سلام وأمن… فلماذا نتقاتل ونتناحر نحن العرب والمسلمين فيما بيننا ؟؟. ولماذا نصر على إضعاف قوانا وتدمير أسرنا وعمراننا واستنزاف ثرواتنا؟؟ . لماذا نصر على أن نكون عبيدا لأعداء الوطن والدين، عوض أن نكون عبيدا لله القوي وإخوة في الدين ؟؟؟ ..
الخلاصة أنه بالرغم من أنني مسلم .. فأنا أكره الدولة الإسلامية .. وهذا يؤلمني ..
بقلم: بوشعيب حمراوي
[email protected]