قد يمر بنا قطار العمر بمحطات وأماكن لا نشعر بجمالها إلا عندما نبتعد عنها.. وقد يؤثث مشهد حياتنا فنانون فرضوا علينا الاحترام بأدائهم و مشاعره الإنسانية الجميلة. وفي أكثر الأحيان لا نشعر بقيمتهم ومدى تأثيرهم في حياتنا إلا بعد أن يغادروننا ويصبحون مجرد ذكرى فيتركون ذكريات قد تثير فينا الشجن والحزن والفرح والابتسامة أو الألم والحسرة.. ولكن تبقى ذكرياتهم محفورة داخلنا، تذهب بنا إلى العالم جميل نستنشق من خلاله عبق المحبة والحنين إلى الماضي حيث نتذكر فيهم وبهم أجمل اللحظات برونق خاص وغصة بالقلب…
رحلوا عنا الغوالي وتركوا لنا ذكريات نتعايش معها وتنبض الحياة في أعضائنا، وصورهم مازالت ماثلة أمام أعينينا..
هكذا هي الحياة، كما هي الممات، لقاء وفراق، دمعة وابتسامة.. فبالأمس رحل عنا العظماء ممن كنا نحبهم لأنهم تركوا بصمات على دركنا وفهمنا للحياة من علماء وشعراء وأدباء وفنانون فهم شخصيات عامة إلا أنهم أناس عاشوا وتعايشوا معنا ليرحلوا بهدوء دون أن ترحل آثارهم وتأثيراتهم..
الحلقة 19
الفنانة الراحلة زهور المعمري
تعتبر الراحلة زهور المعمري، وهي من مواليد مدينة مكناس سنة 1942، من أبرز الوجوه النسائية في فرقة المعمورة، ومن الفنانات المتميزات في مجال التشخيص بقسم التمثيل التابعة للإذاعة والتلفزة المغربية، ومن الفنانات اللواتي بصمن الساحة الفنية المغربية بعدد من الأعمال التي ظلت موشومة في ذاكرة المغاربة.
وتوفيت الفنانة الممثلة الإذاعية والمسرحية والسينمائية زهور المعمري، يوم الثلاثاء 27 يناير 2021 بالرباط، عن سن 78 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض.
التحقت الفنانة الراحلة، سنة 1951 في بداية تجربتها الفنية وخصوصا المسرحية، بالكشفية الحسنية، وفي سنة 1961 التحقت بفرقة الفنان الراحل محمد حسن الجندي بالرباط، لتنضم بعد ذلك سنة 1962 إلى الفرقة الوطنية التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة، التي شاركت معها في مسرحية “مريض الوهم” و”الشرع عطانا اربعة”. وفي سنة 1963، التحقت الراحلة زهور المعمري بفرقة الطيب الصديقي بالدار البيضاء، حيث شاركت مع هذه الفرقة في مسرحية “البخيل.”
في سنة 1963 التحقت بفرنسا للمشاركة في دبلجة عدة أفلام هندية مع إبراهيم السايح، وعادت إلى المغرب سنة 1964 حيث التحقت بفرقة الوفاء المراكشية.
وشاركت الفنانة الراحلة في العديد من الأعمال المسرحية ضمن فرق من مختلف مدن المملكة، مع مشاركات وازنة في عدد من الأفلام السينمائية والتلفزيونية، ومسلسلات اجتماعية وكوميدية.
ومن بين أعمالها السينمائية الجزء الثاني من الفيلم الأمريكي “طالون نوار” للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، وفيلم “الرسالة” للمخرج مصطفى العقاد، والفيلم الإسباني “آن بوركا بور أمور” للمخرج مانويل إيستوديبو، وفيلم “أنا الفنان” لعبد الله الزروالي، وفيلم “أيام شهرزاد الجميلة” لمصطفى الدرقاوي، وفيلم “بامو” لإدريس المريني ومحمد حسن الجندي، و”الرجل الذي باع العالم” للأخوين النوري.
ومن أعمالها التلفزيونية مسلسلات “عينيك ميزانك” و”القطار والناس” و”طريق المجهول” و”الأرض” و”الخيمة” و”النكافة” و”للا فاطمة” وفي جزأين و”الخواتات” و”لابريكاد” و”شريكتي مشكلتي” و”مداولة” في عدة حلقات و”من دار لدار”.
وشاركت الفنانة الراحلة في فيلم “امرأة في دوامة الحياة” من إخراج إيمان المصباحي، ونالت عنه جائزة مهرجان الإذاعة والتلفزيون في تونس، و”المنزل المطلوب” لفريدة بورقية، و”الصبانة” و”المسيرة” لشكيب بنعمر، و”منديل صفية” لمحمد العليوي، و”الطاحونة” لرضوان القاسمي، و”الأصيل للأصيل” لمحمد اقصايب.
وشاركت الراحلة في مسرحيات “الشاوش فالمريخ” لجواد العدلي ومحمد الطاوجني، و”أنا وشامة” لمحمد حسن الجندي و”لعبة الحب والصدفة” لشكيب بنعمر.
وقد تم تكريم الفنانة الراحلة زهور المعمري ضمن فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الوطني للمسرح بمكناس.