رسالة.. إلى المغردين خارج السرب

لكم رأي قد يكون رأيكم أو رأي من سخروكم. رأي لم يطرح للنقاش ولم يأتي من جهات ملمة بمضمون الرأي ولا حتى مهتمة به. رأيكم هو لكم وحدكم ولا يعني دونكم، ما دام يضرب في عمق الوحدة الوطنية ويخدم خصوم الوطن ومعارضي نهضته. رأي يدس السموم والأكاذيب في عقول شعب مشاغله غير مشاغلكم. شعب سطر منذ عقود برنامجه القرني والظهري على أساس أن المغرب مملكة دينها الإسلام، وأن الصحراء مغربية. وأن النضال من أجل الديمقراطية والتغيير والإصلاح، لن ينجز إلا بأيادي مغربية صرفة، تسري عصارة الوطنية في عروقها.
لكم رأي أجنبي مجنس بعدة جنسيات وملقح بعدة مذاهب ومآرب. رأي مستورد لا يعبر عن رأيكم أنتم وما لكم. رأي يضر سمعة وكرامة وشرف المغرب وشعبه الذي تدبر أمره قبل ولادتكم بعقود وقرون، فنقح نفسه من عبث العابثين، وتحصن من الدخلاء والجواسيس والمأجورين أمثالكم.
لكم رأي ولنا قناعة تامة كاملة وشاملة بأن رأيكم ليس إلا دوي رصاص حرب باردة، وصدى صراخ واهم، قرر خصوم المغرب أن يطلقوها بألسنتكم وأقلامكم، لإيهام الشعب، بأن (الشعب) غاضب وأن طبول حرب أهلية قد دقت، وفئة منهم تصرخ بعد أن أصابتها نيران المعركة الوهمية. لنا قناعة أن رصاصكم بارد كحرب خصومنا، وأننا لن نحتاج واقيات أسلحة لصده، لأنكم وفي غفلة وتسرع منكم، نسيتم أن تتأكدوا من نوع السلاح الذي هو بين أيديكم. فسلاحكم ببساطة (لعبة من لعب الأطفال)، آخر ما تبقى من سلاح خصوم المغرب. لنا قناعة بأن قضايانا الكبرى سنحلها داخل المغرب، ومن طرف المغاربة الوطنيين والمخلصين، والملمين بتلك القضايا. ننظم الوقفات الاحتجاجية والمسيرات والاعتصامات والإضرابات عن العمل والطعام. نحارب المفسدين في دواخلنا بأسلحة محلية وخيارات وطنية. نثابر بلا كلل ولا ملل من أجل مغرب في مستوى طموحات المغاربة. لكننا لن نتحول إلى دمى وكراكيز وأقلام مأجورة، تسعى إلى تحقيق أطماع الخصوم والأعداء. لن نوظف المغاربة لخدمة الأجانب، ولن نوهمهم ببديل ليس سوى طعم لإغرائهم وجعلهم يخرجون إلى الشوارع من أجل مطالب لا علاقة لها بأولوياتهم في العيش الكريم، وتمكينهم من الشغل والسكن والعلاج والتعليم. لأنها حقوق يضمنها لهم الدستور. وحتى لا نبقى نخبط خبط عشواء بأقلامنا وأصواتنا في قضايا تحكمها القناعات والتوافقات والقوانين المنظمة لها. وحتى لا نحول بعض المنابر الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية وصفحت منصات التواصل الاجتماعية، إلى أبواق مأجورة لجهات خفية، ولا نجعل من بعض الصحافيين والمراسلين والمذيعين والمدونين وكتاب الرأي والأعمدة… مجرد أصوات ومداد ووجوه، تنقل ما برمج وأعد لها من طرف أشخاص لا علاقة لهم بعالم الصحافة ولا علم لهم بقوانينه وضوابطه. حتى لا نكون ببغاوات نردد ما همست لنا به رياح الشرق والغرب، وحتى لا تحركنا الأيادي القذرة والعقول الخبيثة بأجهزة التحكم عن بعد، وتحولنا إلى دمى وكراكيز، ومستخدمين. همهم الوحيد الأجرة الشهرية والتعويضات والإكراميات وتلميع الصورة والهوية. وحتى لا تصبح صاحبة الجلالة عروسا (مرهونة)، تتأرجح فوق (عمارية) من يدفع أكثر. وتتزين بما تفرضه (النكافة). وجب التصدي والصمود لكل المندسين والموالين لهم.
لكم رأي و كان لكم بالأمس آراء أخرى، تسببت في تعطيل وشل التنمية والاستثمار، وتبذير أموال طائلة، والكذب على الشعب الذي ظن للحظات أنكم منبره ودفاعه الجديد الذي سيحقق مطالبه. لكن اتضح أنكم كنتم تسعون إلى الركوب على مآسيه لتحقيق مطالب أسيادكم بالخارج. تدعون الحرية الفكرية يا عبيد السادة والسواد. وأنتم سجناء المال والفكر المتعفن. ترسون بقواربكم حيث تؤمرون، وتبرمجون خرجاتكم وفق أجندات خارجية تملى عليكم بالهاتف والبريد الالكتروني. تدعون الصحة وأنتم مرضى نفسيا. بل مختلون عقليا تعيشون عالمكم الخرافي، وتريدون فرضه على شعب بأكمله. تطالبون بالديمقراطية والحرية والشفافية، وأنتم تجسدون كل أصناف الديكتاتوريات التي عرفها تاريخ العالم، مع رفاقكم في النضال السياسي الوهمي، وبين أفراد أسركم الصغيرة، وحومتكم. علما أن معظمكم لا يؤمنون بالحومة والدرب والدوار. بل إن معظمكم لا يعيشون في هذا البلد السعيد. ولا يعلمون شيئا عن مطالب شعبه. بعضكم ممن وهبه الله القدرة الصحية والبدنية والمال، لم يفكروا حتى في إتمام (نصف دينهم) بالزواج، والإنجاب و تربية وتخليق الأطفال، رفضوا التأثيث لأسرة صغيرة ورعايتها، ويوهموننا بأنهم قادرين على رعاية شعب بأكمله. فقدوا حبهم وروابطهم الأسرية، وأصبحوا منعزلين في عوالمهم المصطنعة.
إلى هؤلاء أقول: لدينا قناعة تجاوزت مرحلة النقاش وتبادل الرأي حول ثوابت الأمة. قناعة علمتنا أن الحرية ينتزعها الأخيار والأحرار، ويسبح في أحواضها الجبناء والصغار. وهي ليست سلعة تباع أو تعار. كما يضن عبيد الأورو والدولار والمسخرين والموالين لهم الذين لا ينالون منهم سوى الخزي والعار. تجار الفساد وروادهم ممن تحولوا إلى بطاقات للتعبئة تشحن من هؤلاء الأشرار.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top