في غفلة منا ومن الزمن ودعنا محمد معروف، وفي رحيل الرجل يودع الدفاع الحسني الجديدي واحدا من أبنائه لاعبا و مربيا وفيا، أعطى حتى العضم لكرة القدم الوطنية.
وسلم السي محمد معروف الروح لبارئها يوم الأربعاء بعد فترة صارع فيها المرض، ويرحل محمد مخلفا رصيدا من الخدمات وقد كرس حياته خلال أكثر من أربعة عقود في مجالات اللعب والتأطير التربوي والتنقيب عن المواهب وصناعة الأجيال خلال أكثر من أربعة عقود.
وكانت الجديدة حزينة وهي تودع السي محمد إلى مثواه الأخير وووري جثمانه الثرى في مقبرة سيدي محمد الشلح بسيدي بوزيد.
محمد معروف من مواليد 1946 في حي لالة زهرة بمدينة الجديدة، سكنه عشق الكرة وإلتحق بفريق المدينة، الدفاع الحسني الجديدي مدافعا أيمن، وتوقفت رحلته في الممارسة إثر إصابة في الركبة تعذر علاجها بسبب مستوى طب الرياضة آنذاك، وتحول محمد معروف إلى التدريب والتأطير في الفترة بين 1975 و2014، وقاد الفريق الأول مدربا في فترة جيل ذهبي ضم الشياضمي وأحمد مكروح بابا ومصطفى الفتوي الشريف وغيرهم من نجوم الدفاع.. وكانوا أكبر سنا منه و تمكن من إنجاح العبور إلى النهائي في منافسات كأس العرش 1977، وإنهزم الفريق في مواجهة فريق الرجاء بهدف واحد.
وفي نفس الموسم احتل الفريق الرتبة الثالثة موقعا على واحدة من أجمل المراحل ، وسار السي محمد معروف على خطوات الأب جيكو والحاج عبد القادر جلال والعربي الزاولي وقاسم بنونة وباسالم والصويري وغيرهم ممن أنذروا حياتهم لتربية أبناء الآخرين، حيث كان مهووسا بالبحث والتنقيب عن المواهب والسيقان المبدعة في الفضاءات التي تحتضن مباريات فرق الأحياء وشاطئ الجديدة والزمامرة وأزمور وأولاد فرج وسيدي بنور والبير جديد…
ويشهد له تاريخ فريق الدفاع اكتشاف عدد كبير من الأسماء آمن بقدراتها ورعاها كالشريف الفتوي وبابا وأيت جورك والقديوي والدمياني ومصطفى طلحة وصعصع وبلعرابي وعز الدين أمان الله وأسمار وفضلي وروح السلام وبوكري وعبد اللطيف يقضاني وشيشا وغيرهم.
ورافق السي محمد معروف مجموعة من كبار المسيرين في مسار النادي مشرفا عن الفئات العمرية مؤطرا من بينهم بنسليمان وإبراهيم التوفيق وعبد الرحمان الكامل وعبد الله التومي وإدريس شاكري واليزيد الشركي ومصطفى مونديب ومحمد فكان وسعيد قابيل والسعداوي، كما إشتغل مع عدد من المدربين في المسار مغاربة وأجانب وطبع الرحلة بالبذل والعطاء بسخاء وبالوفاء للنادي رافضا جميع العروض والدعوات من عدة أندية خطبت وده و طلبت خبرته.
ولم يفيد الدفاع زاهدا في دنياه، لم يشغله التكسب والربح المادي وإهتم أكثر بالتنمية البشرية وتحويل المواهب إلى لاعبين مميزين محصنا مؤهلاتهم بالتوجيه والتشجيع مما جعله نموذج المربي الأصيل، ثابث في مواقفه و ملتزما بمبادئه.
وهكذا، غيب الموت السي محمد معروف عن سن الـ 75 سنة، والرجل معروف في الجديدة وإقليم دكالة مدار كرة القدم الوطنية بالتربية والخبرة في تقنيات الكرة وفعل الخير والمعروف، ويلبي الرجل نداء ربه في وقت تشهد فيه الكرة في الوطن صحوة وأوراشا تنموية تحتاج إلى محمد معروف وأمثاله.
مربي ومدرب بوطنية جامحة وطموح وأحلام ترمي إلى الرقي باللعبة، لكن اختاره الله إلى جواره.. محمد معروف عاش عفيفا نظيفا واقفا وحتى الرحيل.. السي محمد معروف، نحتفظ لك بالوفاء والحب والصدق … بالبر و لمعروف بكل ما كنت به معروف.
وداعا .. لن ننساك..
محمد أبو سهل