شكل موضوع “النموذج التنموي بالجهات الجنوبية: استشراف الفرص الاقتصادية وآفاق المستقبل” محور ندوة نظمتها المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، أول أمس الأربعاء بالداخلة، بمناسبة تخليد الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء.
وتندرج هذه الندوة، المنظمة بشراكة مع المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، في إطار مواكبة التطورات التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة، لاسيما جهة الداخلة – وادي الذهب، ومناقشة المستجدات القانونية والسياسية والتحولات الجيوسياسة التي تعرفها المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ الدراسات السياسية والدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط ورئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إن النموذج التنموي، باعتباره مشروعا مجتمعيا مغربيا وتوجها تنظيميا للسنوات المقبلة، يهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتعزيز التكامل في دولة قوية وذات قدرات استراتيجية، وإرساء التوازنات بين سياسة الدولة ودينامية الجهات.
وأبرز أن المغرب دخل مرحلة جديدة تمتاز بالكثير من الرؤى الاستراتيجية لما هو قادم على اعتبار أن المملكة تتواجد ضمن سياق متحول يحفل بالكثير من التحديات، مما يستلزم تقديم هذه العناصر واستشراف ما هو قادم وكيفية تنزيله من طرف كل الفاعلين، سواء المشاريع المرتبطة بالسياسة العامة للدولة أو السياسة العمومية للحكومة أو السياسة الترابية للفاعلين المحليين، دون إغفال دور المجتمع المدني داخل هذا الإطار.
وأشار إلى أن اعتماد نموذج تنموي يعني إرساء رؤية استراتيجية لما يجب أن تكون عليه المملكة في السنوات المقبلة، مبرزا أن الدول الصاعدة، ومنها المغرب، كقوة إقليمية، تشتغل بهذا النوع التنظيمي الذي يشجع على تطوير الخبرات واعتماد التحليل الرباعي الاستراتيجي (معرفة نقاط القوة وتحويلها إلى فرص، ومواجهة نقاط الضعف من خلال التصدي للمخاطر).
ومن جهته، أبرز محمد بودن، رئيس مركز “أطلس” لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية ساهم في توفير العديد من الفرص الاقتصادية، كما جعل من مدن الصحراء المغربية أقطابا لجذب الاستثمارات وفرص الشغل ودعم البنيات التحتية. وأضاف أن الوضع الاقتصادي والتنموي الراهن في الصحراء المغربية يفرض تغيير بعض الأفكار النمطية بخصوص هذه الربوع من الوطن، التي عرفت نموا كبيرا ومنحنى تصاعديا في ما يتعلق بمشاريع التنمية، وكذا الاستثمار في مختلف الجوانب الاقتصادية والتجارية واللوجستية وغيرها.
وأشار إلى أن الصحراء المغربية، التي أضحت اليوم واحة للتنمية ومحجا للفرص الاقتصادية، تحولت كذلك إلى قطب قنصلي يتماشى مع طموحات الدبلوماسية الوطنية ويفتح مجالات للتعاون مع البلدان الشقيقة والصديقة التي فتحت قنصلياتها بالمنطقة.
من جانبه، أبرز محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، أهمية الإطار المرجعي والمنظم للنموذج التنموي، الذي يشمل الجانب القانوني والدستور والقوانين التنظيمية، والعوامل المادية والرمزية التي تشكل ثقافة المجتمع.
وأضاف أن انتخابات 2015 و2021 ساهمت في إفراز مجموعة من النخب السياسية التي ستعمل من موقعها على حسن استثمار الإطار المرجعي المنظم لهذا النموذج التنموي، الذي ينبغي أن يرتكز على مجموعة من المبادئ التي تكمن في تمكين المواطنين من سبل العيش الكريم، وذلك لضمان انخراطهم والتزامهم في مختلف مشاريع التنمية والعمل في جو من التعاون والشراكة والالتقائية في ما سيساعد على تحقيق فعالية ونجاعة وحسن الأداء. وأشار إلى أن ما جاء به التقرير العام حول النموذج التنموي، والخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الولاية التشريعية الحادية عشر، والبرنامج الحكومي، يؤكد أن منطق السياسات العمومية المعاصرة يرتكز على مقاربة الأثر أو الوقع الذي تحدثه مختلف السياسات في مجالات التعليم والصحة والسكن وغيرها، على اعتبار أن المواطن هو الحلقة الأساسية في كل خطوة أو برنامج.
ومن جهته، ركز عبد الكريم حيضرة، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، مداخلته حول موضوع الجهوية المتقدمة كإحدى دعامات النموذج التنموي، مشيرا إلى أن ورش الجهوية، كاختيار استراتيجي للمغرب، عرف تطورا مهما على مر السنين، من خلال منح صلاحيات أوسع للمنتخبين في مجال التدبير، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الجامعيين المغاربة المشاركين في الندوة، الذين يشتغلون على موضوع الجهوية المتقدمة، يرافقهم وفد إعلامي تونسي حل بالداخلة للاطلاع على مستوى التنمية الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية للمملكة.
ندوة بالداخلة تستشرف فرص وآفاق النموذج التنموي بالجهات الجنوبية
الوسوم