1- –
لتراجم أشواق المحبين مذاهب شتى.
ولنقلة رسائلِ العشاق من كلِّ الآفاق طرائقُ مختلفة، سالكة وشائكة، وطرائف جمة، وطوائف آثمةٌ وحتى مجرمةٌ، مسيلةٌ للدموع وقاتلةٌ بالضحك والبكاء.
ولكن، مهما تعددت مرايا أساليب النقل والترجمة والتعريب، فما الوجه الأصلي، النصي والشخصي، إلا وجه واحد ومتعدد، بتعدد المرايا وقضايا الرزايا المعبّر عنها، وزوايا النظر إليها، على مذهب- وحدة الوجود والشهود، بعيون الشيخ ابن عربي:
وما الوجه إلا واحد غير أنه إذا أنت عددت المرايا تعددا!
ولذلك، فالوجه الواحد، النصي والشخصي، المتعدد الترجمات، بالضرورة، فتحا لنوافذ مشرعة على مشاهد ممتعة ومتنوعة ومتجددة باستمرار الحياة وتطور اللغات تماما كما قال علي أدهم: “قلّ أن ترى عند الغربيين ترجمة واحدة لمؤلف بارز” وتأكيدا لنداء الأديب الأمريكي: “جلبرت هايت”: “بضرورة وجود ترجمات مختلفة لعمل أدبي واحد. ولا ضير في هذه الكثرة ولا ضرر منها على النص الشعري المترجم، بل هي تفتيق لنواح من الجمال والحس والذوق والعمق فيه” ولابد بالتالي من مراجعة كل أو معظم المترجمات عن طريق لغات وسيطة، أو إعادة ترجمتها
وتحقيقها على غرار تحقيق كتب التراث و”من أسباب تعدد الترجمات للطُّرَف الأدبية المأثورة أن مزاياها الباهرة التي ضمنت لها الخلود، لا تستوعبها ترجمة واحدة”.
– فن الترجمة في الأدب العربي من تأليف محمد عبد الغني
حسن ص 124 و162.
وما الوجهُ النصي والشخصي، إلا واحدٌ، لا يجوز ولا ينبغي بأية حال أن يشوبَهُ التشويهُ، ويصيبَهُ التحريفُ، فيسلبُ أو يحذفُ منهُ ما هو فيه أصيل، وينسبُ أو يضافُ إليه ما هو عليه دخيل.
وأخطر من ذلك، قد يمدّدُ الجسدُ النصي والشخصي، على سرير بروكوست الأسطوري الشهير، فيمعن فيه بعض النقلة -القتلة- تشريحا وتجريحا، وتعديلا وتبديلا، وبترا وتقطيعا، إذا كان الجسد أطول من السرير، وتمطيطا وتطويعا، إذا كان أقصر منه، وهيهات أن ينزل عنه سليما ومعافى!
(يتبع)
> بقلم: إدريس الملياني