قدم فلاديمير بايباكوف أوراق اعتماده بصفته سفيرا مفوضا فوق العادة لفيدرالية روسيا إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين قد عين بايباكوف، شهر ماي الماضي سفيرا في المغرب، في مرسوم نشر على الموقع الرسمي للمعلومات القانونية الروسية، خلفا لفاليريان شوفايف، والذي نقله بوتين ليكون سفيرا لبلاده في الجزائر.
واتسم الموقف المغربي بالحياد بعد نشوب الحرب الروسية الاوكرانية وعدم الانحياز إلى طرف على حساب آخر، حيث لم يشارك المغرب في التصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال جلسة 2 مارس، على قرار يطالب روسيا “بالانسحاب الفوري” من أوكرانيا.
وعرفت السّياسة الخارجية المغربية في السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً من خلال استراتيجيةٍ جديدةٍ، تمثلت بتنويع شركاء المغرب الاقتصاديين، من بينهم روسيا والصين.
وتتجه روسيا إلى تقارب أقوى مع المغرب بتعيين الرجل الثاني في سفارة موسكو لدى واشنطن سفيرا بالرباط.
ويرى مراقبون أن استقبال بوريطة لبايباكوف رسالة من المغرب بشأن طبيعة العلاقة القوية مع موسكو خاصة وأن الاستقبال جاء مباشرة بعد خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب السبت الماضي، حيث طالب الملك محمد السادس الدول الشريكة للمغرب بأن تتبنى موقفا واضحا من ملف الصحراء المغربية.
وأكد العاهل المغربي بشكل واضح أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، لذا ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
وعلّق محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية على تعيين السفير الجديد، قائلا إنه “يؤكد بشكل ملحوظ إصرار روسيا على التمسك المتين بالعلاقة الإستراتيجية التي تجمعها مع المغرب، والتي تعتبرها محورا بارزا في إستراتيجيتها الدولية”.
وأضاف في تصريح صحفي أن “إسراع روسيا بإعفاء سفيرها السابق لدى الجزائر بعد تصريحاته غير المنضبطة يبين أن موسكو تدرك بأن المعادلات والتوازنات الدولية تغيرت لمصلحة الوحدة الترابية المغربية، وأن تصريحات الدبلوماسيين الروس يجب أن تنسجم وتخدم أيضا التقدم الكبير الذي تعرفه المصالح الروسية، وتنوع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع المغرب”.
وأوضح أن خطاب الملك محمد السادس الذي ربط استمرار أو بناء أي شراكة مهما كان نوعها بالموقف الواضح من قضية الصحراء المغربية، لا شك أنه سيدفع روسيا إلى اتخاذ موقف أكثر تطورا من قضية الصحراء يتجاوز خط الحياد النسبي، ويتجاوز موقفها التقليدي من هذه القضية المرتبط بكون السوق الجزائرية تشكل مجالا مهما لتصدير منتجاتها العسكرية، وكون النظام العسكري الجزائري حريص منذ قيام الدولة على التشبث بالمظلة الروسية.
وعرفت العلاقات المغربية – الروسية في السنوات الأخيرة تحسنا ملحوظا، وتعززت بعد الزيارة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى روسيا في العام 2016، وتوجت بالتوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات لتعميق الشراكة الإستراتيجية الروسية – المغربية، وفق ما نشرته وسائل إعلام روسية.
ويرى مراقبون أن هدف الرئيس الروسي من هذا التعيين هو “حشد دعم من الرباط لروسيا” خاصة أن السفير الجديد يعد مؤيدا قويا ومساندا لسياسة بوتين.
ويعتبر الموقف الرسمي لروسيا من الصحراء المغربية أقرب نسبيا إلى الموقف الجزائري، لكنه خف بشكل واضح خلال الشهور الماضية في ظل التقارب مع المغرب خلال الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا.