أكد خبراء التأموا، يوم الخميس الماضي في الرباط، أن الهجرة المناخية، التي تعد تحديا عالميا كبيرا، تتطلب تعزيز التعاون الدولي ووضع إطارات قانونية متينة وتدخلات سياسية هادفة، وذلك من خلال آليات حكامة ملائمة، قصد حماية حقوق المهاجرين بسبب المناخ. وناقش المشاركون، خلال لقاء انعقد في إطار قمة الجنوب العالمية حول النزوح المناخي، المنظمة من قبل المعهد الإفريقي للأبحاث في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، التحديات القانونية والمؤسساتية المتعلقة بحماية “النازحين بسبب المناخ” الذين يعتبرون “ضحايا غير مرئيين وصامتين” لظاهرة تغير المناخ. وفي كلمته بهذه المناسبة، أبرز نائب عميد كلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، خالد الشكراوي، أهمية تنسيق المبادرات الدولية من أجل رفع التحديات التي تفرضها الهجرة المناخية التي تشكل رهانا “استراتيجيا” لإفريقيا. وبعد أن توقف عند تداعيات التغيرات المناخية في منطقة شمال إفريقيا، بما يتجاوز الإشكاليات السياسية القائمة، تناول الشكراوي التحديات الخاصة بالمغرب، مؤكدا على ضرورة وضع هذه الرهانات في صلب السياسات العمومية. وأشار إلى أن “التهديد المناخي يعتبر قائما والمستقبل غامض، خاصة في مناطق معينة من شمال إفريقيا”، معتبرا أن النظم السياسية والاقتصادية والقانونية الحالية غير قادرة على التعامل بفعالية مع مختلف المشاكل العميقة المرتبطة بتغير المناخ.
من جانبها، أكدت مديرة قسم الحكامة الديمقراطية والمندمجة في مركز بحوث التنمية الدولية، كارولين فورد، أن هذا الاجتماع توج بمجموعة من التوصيات التي سيتم تقاسمها مع المشاركين في المنتدى العالمي للاجئين للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المقرر عقده في دجنبر بجنيف. وبالنظر إلى العلاقة القائمة بين تغير المناخ والنزوح باعتباره من التحديات الرئيسية التي ستواجهها بلدان الجنوب في المستقبل، أشارت فورد إلى أن مركز بحوث التنمية الدولية يهدف إلى تسليط الضوء على مبادرات “الجنوب العالمي” ودعمها في ما يتعلق بالبحث وإنتاج المعرفة. ولدى توقفها عند عمل مركز بحوث التنمية الدولية الهادف إلى تطوير شبكة تبادل الأبحاث وتقاسم المعرفة في بلدان الجنوب، أكدت الخبيرة على أهمية دعم الباحثين الناشئين بالمؤسسات في الجنوب وإسماع أصواتهم لدى صناع القرار الدوليين. من جهتها، أبرزت المستشارة السياسية بالسفارة الكندية بالمغرب، أنوشكا شيبتشورن، مدى تعقيد وتنوع حالات النزوح، داعية إلى اتباع مقاربة مدروسة وشاملة للاستجابة للإشكاليات المطروحة في هذا المجال. وفي هذا السياق، سجلت التزام كندا بإخضاع جميع المشاريع التي تمولها للتحليلات البيئية والمتعلقة بالنوع الاجتماعي موضحة أن هذه المقاربة تهدف إلى تقليل حدة الآثار السلبية المحتملة على البيئة والمجتمعات، من خلال ضمان مساهمة المبادرات المدعومة في الحد من الفوارق بين الجنسين وتعزيز المساواة والاندماج. وجرى خلال اليوم الثاني من القمة عقد مائدة مستديرة بمشاركة خبراء وأكاديميين مرموقين ناقشوا خلالها قضايا الهجرة المناخية من زوايا متعددة الأبعاد. ونظمت القمة في الفترة ما بين 1 و3 نونبر بالتعاون مع مركز بحوث التنمية الدولية (IDRC) ومكتب مؤسسة فريدريش ناومان للحرية في مدريد. وتضمن جدول أعمال القمة برنامجا غنيا بالأنشطة، بما في ذلك نشاط يتعلق بتقاسم مزارعات من جهة سوس لتجاربهن بشأن تأثير تغير المناخ على أنشطتهن. وتميز اليوم الأخير من القمة بعرض تقرير مشترك يستكشف العلاقة المعقدة بين تغير المناخ والهجرة في غرب أفريقيا والمنطقة المغاربية، وذلك من خلال تسليط الضوء على التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى الهجرة بسبب المناخ، علاوة على اقتراح توصيات سياسية تتوخى تعزيز قدرة المجتمعات المتضررة على الصمود.