أياد خفية ذات سلطة ونفوذ بالمدينة تحاول طمس الملف وتساعد المتهمة الرئيسية على الهروب من العدالة

في إطار تتبع بيان اليوم لموضوع اختلاس ما يناهز 137 مليون سنتيم من رصيد بوكالة البنك الشعبي بمدينة تطوان، لزبونها عمر نشيط، البالغ من العمر 80 عاما، والقاطن بالديار الفرنسية، انتقلت الجريدة لعين المكان، للقاء بمديرة الوكالة التابعة للبنك الشعبي بتطوان، السيدة (و.م).. بداية زرنا هذه الأخيرة، عرفناها بأنفسنا، وشرحنا لها سبب زيارتنا.
منذ الوهلة الأولى بدا لنا، باستغراب شديد، أن المديرة (و.م) ترفض الإدلاء بأي معلومات خاصة بالواقعة التي حدثت بالوكالة البنكية، مبررة كلامها “أن الأمر خرج عن سيطرتها وأنه أصبح الآن تحت أيدي القانون”، وأنها لن تستطيع إعطاء أي معلومات “إلا إذا تم استدعاؤها من طرف السلطات المعنية”.
لكنها، في حديثها معنا، ذكرت أن عمر نشيط لم يخبرنا في بيان اليوم بالقصة الحقيقية، حيث قالت: “إن عمر نشيط لا يقطن دائما بالديار الفرنسية، بل في أغلب الأحيان يتواجد داخل أرض الوطن، وأنه في الفترة التي صرح فيها أنه تعرض للاختلاس، كان آنذاك بالمغرب، حيث كان بإمكانه إعطاء شيكاته بنفسه للمتهمة الرئيسية”، مشيرة في سياق حديثها للعلاقة التي تجمع بين المتهمة (س.م) والضحية عمر نشيط.. فكانت إجابتنا، أنه كيفما كانت نوعية العلاقة التي تجمع الضحية بالمتهمة فإنها لا تهمنا بقدر ما يهمنا الدور الذي قام به البنك للتأكد من توقيع الشيكات وخاصة أن المبالغ كانت كبيرة جدا، وأن المتهمة الثانية (م.م) التي سحبت المبالغ ببطاقتها الوطنية من الوكالة اعترفت أنها لا تجمعها أي علاقة بالضحية عمر نشيط، ولم يسبق أن تعاملت معه، وهذا الاعتراف كان لأحد موظفي البنك عندما سألها عن نوعية العلاقة التي تجمعها بصاحب الرصيد، واعترافها مثبت في المحضر الرسمي للسلطات المعنية عند التحقيق معها، ومع ذلك تم سحب المبلغ من حساب الضحية دون التواصل معه، مع العلم أنه من واجب الوكالة البنكية والمسؤول عنها التأكد والتدقيق في التوقيع قبل عملية السحب، خاصة وأن الخبرة أثبتت أن التوقيعات ليست للضحية عمر نشيط وأنها مزورة. إلا أن تعقيبنا قوبل من طرف السيدة المديرة بتجاهل تام.
ويذكر، هنا، بالرجوع لمقالاتنا السابقة، أن أحد أبناء الضحية صرح لبيان اليوم أن أسرته حاولت إيجاد حل وسط مع الوكالة البنكية التابعة للبنك الشعبي، إلا أن المديرة طلبت منهم إخفاء الحقيقة على السلطات، وادعاء أن دفتر الشيكات قد ضاع، لكنهم رفضوا طلبها. لتقوم المديرة (و.م) بطردهم وسبهم وشتم والدهم المسن.
هذا الحوار سجل من طرف أبناء الضحية وتوصلت الجريدة بنسخة منه.
بعد انتهائنا من زيارة وكالة البنك الشعبي، اتجهنا نحو الوكالة البنكية التابعة لبنك إفريقيا بذات المدينة، والتي تتوفر فيها المتهمة الرئيسية (س.م) على حساب تم من خلاله سحب مبالغ أخرى.
طلبنا لقاء مدير الوكالة لكنه كان في عطلة، فكان حديثنا مع إحدى الموظفات بالوكالة البنكية التابعة لبنك إفريقيا حول الشيكات الثلاث المفقودة ومعرفة مآلها.
أوضحت لنا الموظفة أن الشيكات، عادة، عند الانتهاء منها ترجع بعد ذلك للمقر الرئيسي للبنك بالدار البيضاء، وأنهم سبق وراسلوهم أكثر من مرة لكنهم لم يتوصلوا بأي رد لحدود كتابة هذه الأسطر، مؤكدة في حديثها معنا أنه بإمكان السلطات المعنية أن تحل قضية الشيكات المفقودة وتطالب بها البنك الرئيسي بقوة القانون.
وأثناء نقاشنا معها أخبرناها أننا قبل قليل قمنا بزيارة وكالة البنك الشعبي والتقينا بمديرتها، فرسمت على وجه الموظفة علامات الاستغراب قائلة: كيف لمديرة الوكالة أن تستمر في عملها بالرغم من الخطأ الفادح الذي حصل بوكالتها، كان من واجب البنك الشعبي أن يوقفها عن العمل هي وكل من تورط في مسؤولية هذه الشيكات حتى تحل القضية.
ذلك ما كان قد صرح به لنا أبناء الضحية، قبل مدة وجيزة، مؤكدين أن البنك لم يقم بأي مبادرة اتجاه والدهم، مع العلم أن جميع الوثائق تثبت تورط البنك بطريقة واضحة، وتورط موظفي الوكالة التابعة له وعلى رأسهم المديرة (و.م)، إلا أنهم لا زالوا يشتغلون بشكل عاد ولم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني ضدهم.
وأوضحوا، في تصريحهم للجريدة، أن والدهم عاش سنوات في الغربة يشتغل ليجمع هذا المبلغ، فهدفه الرئيسي هو العودة لأحضان وطنه والاستثمار بمسقط رأسه تطوان، المدينة التي تعاني ركودا اقتصاديا حادا وبطالة وحالات انتحار بسبب الضائقة المالية التي يعاني منها شباب المدينة.. وأضافوا أن المشروع الذي كان أبوهم يفكر في افتتاحه كان بإمكانه أن يسعد أباء وأمهات وأسر في حاجة ماسة لمورد الرزق، وأن ما حدث لوالدهم أصبح متداولا على كل لسان بتطوان ونواحيها وزاد من تعميق الجرج مما يجعل أي قاطن بديار الغربة لن يفكر في استثمار أمواله في تطوان.
وأكدوا في حديثهم للجريدة، باستغراب شديد، أن قضية والدهم بسيطة جدا، وكان بالإمكان حلها بسهولة لأن جميع الأدلة موجودة ومتوفرة وترى بالعين المجردة، خاصة وأن المتهمة الرئيسية (س.م) كانت متواجدة ببيتها منذ أن أمر الوكيل العام للمحكمة بإلقاء القبض عليها، لكن السلطات المعنية لم تقم بأي مبادرة مع أنها تتوفر على ما يثبت وجود المتهمة الرئيسية بمنزلها وأنها تعيش حياتها بشكل عاد جدا.
وتساءل أحد أبناء الضحية، في حديثه للجريدة، عن من له السلطة والمصلحة في عرقلة ملف بسيط كهذا رغم أن جميع أدلته موجودة..؟؟ مؤكدا، في المقابل، أن قاضي التحقيق المكلف بالملف، قام مشكورا بجميع الإجراءات القانونية التي من شأنها فك هذا اللغز، وأنه يحاول استدعاء كل من له علاقة بالمتهمة في هذا الملف من قريب أو بعيد وكذلك جميع الأطراف المشتبه فيها لسماع أقوالها، إلا أنه، يقول المتحدث، هناك من له المصلحة في عرقلة الملف وإخفاء خيوط الجريمة، وأن هروب المتهمة الرئيسية حاليا يتم بمساعدة أياد خفية… (ربما سيتم الكشف عنها في القادم من الأيام)، وهي ذات الأيادي التي تخبر المتهمة بكل المعلومات والمستجدات، بل وتوجهها نحو المزيد من إخفاء معالم الجريمة.. ويبدو، حسب أقوال ذات المتحدث، أن هذه الأيادي الخفية تمتلك سلطة قوية ونفوذا داخل المدينة، وبإمكانها معرفة تفاصيل ومستجدات الملف بسهولة، فسبق لها أن عرقلت المساطر القانونية للملف، مكملا حديثه، أن الأيادي الخفية هي من ساعدت المتهمة الرئيسية (س.م) في الاختفاء وفي سلك مجموعة من المساطر القانونية لتحفيظ الملف وإخفاء آثار الجريمة. فالأيادي الخفية قدمت مجموعة من المغالطات لكل من حاول فك شفرة الملف، متسائلا عن هدف هذه الأيادي الخفية وعن المقابل الذي تنتظره أو أخذته من متهمة بالنصب بقوة القانون وبسرقة مبالغ مهمة ناهزت 137 مليون سنتيم من رصيد والدهم. مع العلم أنه كان من السهل القبض عليها منذ مدة إلا أن التباطؤ الحاصل في الملف يجعلنا نطرح أسئلة كثيرة ويسيئ لبلد معروف بالأمن والأمان وبقوته القانونية، يقول المتحدث بحسرة، مبينا، في حديثه للجريدة، أنه في انتظار إلقاء القبض على المتهمة الرئيسية، هناك أطراف في القضية يمكن التدقيق معها والتمحيص في أقوالها.
فالمدعو (س.أ) من أبرز الشخصيات التي تثير الشكوك في هذا الملف خاصة وأنه دائما يتردد على المحكمة ليسأل عن مآل القضية، يليه أيضا زوج أخت الضحية، الأستاذ (م.ح) وابنه العاطل الذي اشترى سيارة من خالته المتهمة الرئيسية (س.م) وهو لا يملك رخصة السياقة أصلا، والمتهمة (م.م) التي كانت تشتغل مع (س.م) في مجال الخياطة، وهي من صرفت الشيكات الثلاث الأولى من الوكالة البنكية التابعة للبنك الشعبي ببطاقتها الوطنية، كذلك موظفو ومديرة الوكالة المتورطين بشكل مباشر، كل هؤلاء، يؤكد المتحدث، “لم يتم التحقيق معهم ولم يعاملوا كالمعاملة التي عوملت بها والدتنا المسنة والمريضة بالقلب، عند التحقيق معها”، موضحا أن والدته تمت معاملتها “وكأنها المتهمة وليست الضحية التي اختلست أموالها وأموال زوجها، حيث تم الضغط عليها بشتى الطرق وبجميع الأساليب حتى أغمي عليها عند السلطات المعنية، وتم نقلها بسيارة الإسعاف للمستشفى”، مكملا حديثه أنهم بالرغم من هذا فهم “مؤمنون بعدالة المملكة وبقانون البلاد وبجدية ومهنية الأمن الوطني، ويتمنون تدخلا عاجلا ومنصفا لمن بيدهم الأمر لحل هذا الموضوع، وإرجاع حق والدهم، حتى يتمكنوا من العودة إلى أعمالهم وأبنائهم بالديار الفرنسية لاستكمال حياتهم بشكل عاد بعد سبعة أشهر من وقوع الحادثة، ولرؤية والدهم الذي اضطر أن يسافر لفرنسا لإجراء عملية خطيرة سببتها له الصدمة، كما أنه يتلقى العلاج النفسي بسبب ما حصل له ببلاده الذي زرع حبها في قلوب أبنائه.

هاجر العزوزي

Top