يعرف الجميع أن البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، تعاني من مجموعة من المشاكل الطاحنة والاختلالات العميقة، والتي لا يمكن أن تجد طريقها نحو الحل بسهولة، ما لم تتوفر الإرادة الحقيقة لمعالجتها بصفة جدرية، وتفادي تكرار الحلول الترقيعية والتعاطي السطحي…
هناك إفلاس مالي حقيقي، أدى إلى الوصول إلى الباب المسدود، تفرع عنه تعدد الملفات الخاصة بالنزاعات وطنيا ودوليا، إلى درجة أصبحت الفرق المغربية، تصنف من بين الأندية الخارجة عن القانون، بعد أن أصبحت زبونا مألوفا، داخل أروقة المحاكم الرياضية على الصعيد الدولى….
ما نقوله الآن ليس بجديد، وهو إدانة لنوع من التدبير والتسيير، تحول إلى عائق حقيقي، أمام أي تطور منشوذ، لأن الأزمات الخانقة التي تمر منها الأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية، لا تعود كلها لأسباب موضوعية، بل يلعب أشباه المسيرين دورا أساسيا، ومفصليا في إثارتها.
ومنذ الموسم الماضي، انضاف مشكل آخر زاد من استفحال الأزمات الهيكلية والمؤسساتية، ويتجلى ذلك في إغلاق العديد من الملاعب بمختلف المدن، وهذا راجع بطبيعة الحال إلى استعداد المغرب لاحتضان تظاهرات دولية كبرى، إفريقيا ودوليا، إلا أن البديل غير موجود بوفرة، ليبرز الخصاص على أكثر من جهة…
وبالرغم من كل هذه الظروف القاهرة، فإن إدارات الأندية بمساعدة العصبة والجامعة تجتهد في ايجاد حلول عاجلة أو بصفة مؤقتة، لدرجة أن العديد من الفرق مجبرة على اللعب، طيلة الموسم خارجة مدنها…
وفي الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد أنه بالإمكان التغلب على هذا الظرف الطارئ، مع ما يترتب عن ذلك من تكلفة مالية إضافية، جاءت قرارات “الويكلو” ليزيد من تفاقم الأزمة إلى درجة لا تطاق، خاصة من الناحية المالية بحرمانها، من مداخيل يمكن أن تخفف من وطأة الأزمة…
فعدم السماح بحضور الجماهير كليا، تحول إلى واقع تتقاسمه أغلب المباريات، والأسباب أغلبها غير موضوعية، لافتقادها للمنطق السليم. صحيح أن هناك مباريات معينة، يمكن أن تحمل تهديدا ما، بخصوص إمكانية حدوث أحداث شغب، وهنا لابد من التأكيد على أن القرارات التي تتخذ من أجل المصلحة العامة غير قابلة للنقاش، فأمن الناس والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، أهم بكثير من إجراء مقابلة، أو حتى بطولة بكاملها…
إلا أنه من غير المنطقي، أن تقرر السلطات المحلية ببعض المدن، عدم حضور الجمهور، حتى بالنسبة لفرق لا تتوفر على قاعدة جماهيرية كبيرة، كما أن هناك فرقا تحرم من حضور حتى الجمهور الخاص بها، وهذا يطرح أكثر من علامات استفهام بخصوص الأسباب التي تدفع السلطات المحلية بمدن معينة، إلى اتخاذ قرار “الويكلو” دون مراعاة واقع الأندية، ولا مصلحة كرة القدم الوطنية بصفة عامة…
فالصورة التي تسوق حاليا بأغلب مدرجات ملاعب البطولة الوطنية، جد سلبية، وكأن هناك مشاكل أمنية تعرفها هذه المدن، أضف الى ذلك أن هناك ضربا للقيمة المعروفة عن الجمهور المغربي على الصعيد الدولي، الجمهور الذي يقدم الدليل على رقي طريقة تشجيعه الحضارية، والتي تبهر المتابعين بجل المحافل الدولية، وحتى بالنسبة لمباريات المنتخبات الوطنية والأندية الكبيرة، عندما تلعب ببعض المدن المغربية…
كل هذه المميزات تضرب بقرارات، يبدو أنها لا تأخذ بعين الاعتبار، أن المغرب بلد الأمن والاستقرار، ومن غير المقبول تماما أن تقدم صورة مغايرة للواقع، مع العلم أن الخبرة المغربية على مستوى أمن المباريات، تحولت إلى ميزة دولية بامتياز؛ تستعين بها العديد من الدول، وبالدرجة الأولى بتظاهرات المونديال والألعاب الأولمبية…
مؤسف حقا أن تتخذ قرارات بدون تفكير، ولا إحاطة من مختلف الجوانب، والتعامل بمنطق بئيس يقول: “كم من حاجة قضيناها بتركها.
محمد الروحلي