صوت المغرب، أول أمس الثلاثاء، ولأول مرة بالإيجاب على قرار الإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة.
وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، قد أكد أمام البرلمان المغربي في جلسة علنية أن الحكومة المغربية تعتزم لأول مرة التصويت لصالح قرار الأمم المتحدة العاشر، بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، الذي تعتزم الأمم المتحدة التصويت عليه.
وقال عبد اللطيف وهبي،،إن هذا القرار «يمثل التزاما من المغرب بتعزيز حماية الحق في الحياة، تماشيا مع الفصل 20 من الدستور المغربي، الذي ينص على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان».
وأوضح وهبي أن هذا الإعلان “يمثل تغييرا تاريخيا في موقف المغرب؛ إذ امتنعت المملكة عن التصويت على القرارات السابقة، المتعلقة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وقال إن التصويت المقبل “يعكس حرص المغرب على تعزيز سياسته الداعمة لحقوق الإنسان، وتكريس مكانته بصفته دولة متقدمة في مجال العدالة الإنسانية، مع الحفاظ على الخصوصيات الوطنية، والاحترام الكامل للنقاش المجتمعي”.
وكان المغرب قد اختار الامتناع عن التصويت منذ عرض القرار في أجندة الجهة الأممية أول مرة سنة 2007، مما جعله في مواجهة مع مطالب الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام والشبكات الأخرى الداعية إلى الكف عن موقف الامتناع، حتى ينسجم البلد على الأقل مع الموقف غير الرسمي، إذ أنه لم ينفذ الإعدام منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وبعد تلقي نتائج التصويت وبروز اللائحة التي تضم اسم المملكة المغربية لأول مرة ضمن المصوتين، أكدت أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تصريح لبيان اليوم، أن تصويت المغرب على الوقف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام لحظة تسجل في تاريخ الحركة الحقوقية التي اشتغلت منذ سنوات على هذا الموضوع، وركيزة أساسية في مسلسل الإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام وإبعادها من التشريع، مضيفة أن هذه الخطوة كانت منتظرة منذ وقت طويل، وهي تنصف ترافع المجلس كمؤسسة وطنية، وكذا تنظيمات المجتمع المدني.
وأضافت آمنة بوعياش، أن الحركة الحقوقية المغربية حققت النصر الأول في مسار التخلص من العقوبة السالبة للحياة، مسجلة أن الدفاع عن الحق في الحياة هو دفاع محوري عن بقية الحقوق، التي لا يمكن ممارستها إلا من خلال هذا الحق، من قبيل الحق في السكن والتعليم والصحة وحرية التجمع والتعبير والتظاهر.
وشددت رئيسة المؤسسة الدستورية المعنية بحفظ حقوق الإنسان على أن هذا القرار يكشف أن الاختيار الرسمي للبلد في مسار احترام وحماية حقوق الإنسان مستمر ومتواصل ولا رجعة فيه، موضحة أن التصويت الإيجابي يساند الاختيارات الرئيسية لبلدنا ومجتمعنا.
من جانبها، أكدت نزهة الصقلي عضوة شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الاعدام أن تصويت المغرب لصالح القرار الأممي لإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام خطوة تاريخية كانت منتظرة ولها أهمية كبيرة نظرا لكونها تفتح بابا لإلغاء عقوبة الإعدام من أجل تحقيق الملاءمة بين المواقف الفعلية والقوانين.
وأضافت المتحدثة أن المغرب يعتبر دوليا قد ألغى عقوبة الإعدام في الجانب التطبيقي، لأن أي بلد لا ينفذ عقوبة الإعدام لأكثر من عشر سنوات يعتبر قد ألغاها بشكل فعلي.
أما من الناحية السياسية توضح الصقلي، في حديثها للجريدة، فإن قرار إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام يعد مفارقة في المغرب، لسبب واحد هو أن جلالة الملك محمد السادس سبق وعبر عدة مرات أنه ضد هذه العقوبة وقام مرارا بالعفو على المحكومين بالإعدام.
واعتبرت المتحدثة أن قرار المغرب يعتبر نتيجة نضالات أجيال من المناضلين والمناضلات في مجال حقوق الإنسان، وجاء تلبية أيضا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي كانت دائما تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام، كما أنه موقف طالما ناضلت عدة مكونات داخل المجتمع لبلوغه من خلال تشكيل ائتلافات وشبكات كشبكة برلمانيين وبرلمانيات ضد عقوبة الإعدام والتي جمعت ما يقارب 250 برلمانية وبرلماني من المعارضة والأغلبية للدفاع عن إلغاء هذا القانون، وشبكة المحاميات والمحامون والصحافيات والصحافيون….. إضافة إلى المبادرات أيضا التي قام بها الكثير من الفنانين المغاربة للدفاع عن الحق في الحياة، دون أن ننسى أن المادة 20.22 من الدستور المغربي تؤكد أن الحق في الحياة هو من حقوق الإنسان.
وعبرت نزهة الصقلي عن متمنياتها أن تتبع هذا القرار التاريخي والمهم خطوات أخرى، وأن يكمل المغرب طريقه من أجل الالتحاق ومواكبة الدول التي تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على الحق في الحياة والتي ألغت عقوبة الإعدام منذ الأزل.
من جهته، اعتبر عبد اللطيف أعمو مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بإلغاء تنفيذ عقوبة الإعدام “خطوة إلى الأمام لا بد أن نشيد بها لأنها مطلب حركة حقوق الإنسان”.
وقال عبد اللطيف أوعمو، عضو شبكة برلمانيات وبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، وعضو مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، إن شبكة برلمانيين وبرلمانيات ضد عقوبة الإعدام كانت من الأوائل التي أسدت النصح للحكومة المغربية منذ أن عرضت هذه الاتفاقية لأول مرة على المناقشة بهيئة الأمم المتحدة، حيث “كنا آنذاك نطالب وننادي وننصح الحكومة المغربية أن توافق وتتبنى هذا الموقف على غرار بعض الدول..”.
وأضاف عيد اللطيف أوعمو أن “الخطوة تأخرت مقارنة بالوقت الذي تواصل فيه النضال لتهييء الظروف المناسبة لتبني هذا الموقف، لكن خلال هذه المدة لاحظنا تعديلات مهمة جدا على مستوى التحفيز وعلى مستوى التعريف بالقيم الواردة في الدستور وفي مقدمتها الحق في الحياة”.
وعبر أوعمو عن ممنياته بأن يتواصل العمل من أجل استكمال أوراش موازية لورش إلغاء عقوبة الإعدام، من خلال تعبئة كل الفعاليات والمنظمات وتحفيزها على مواصلة دفع القضاء على أن يكون قضاء منصتا لهموم المجتمع وأن لا يكون قضاء منصتا للنزاعات فقط، مجددا تأكيده على أن تصويت المغرب يظل خطوة إيجابية نحو الالتحاق بمصاف الدول التي ألغت عقوبة الإعدام في قوانينها الجنائية.
هاجر العزوزي