أموال البنك سبب في صمودهم واستمرارهم في المعارك

الثوار الليبيون اقتحموا بنك بغازي لتمويل ثورتهم المسلحة
نقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول الشؤون المالية في المجلس الوطني الانتقالي علي الترهوني قوله «إننا سطونا على مصرفنا». وبحفر ثقب في الجدار وتكليف عامل إقفال بتجريب الأرقام السرية لفتح الخزائن، تمكن الثوار الليبيون من تحويل مال النظام الليبي إلى شريان الحياة الذي يديم انتفاضتهم.
ويرى مراقبون أنهم الآن يحاولون أن ينفذوا عملية مماثلة على صعيد دولي، مطالبين من حكومات دول أجنبية، بينها الولايات المتحدة، السماح لهم باستخدام أرصدة ليبية مجمدة، لتمويل انتفاضة، تحولت في غضون ثلاثة أشهر من احتجاج سياسي إلى مواجهة عسكرية طويلة النفس.
وأكدت الولايات المتحدة دعمها الثوار أول أمس الثلاثاء بدعوتهم إلى فتح مكتب في واشنطن، في إيماءة لا تبعد إلا خطوة عن الاعتراف الرسمي. وفي ساعة متأخرة من اليوم نفسه، قصفت طائرات حلف شمالي الأطلسي مواقع النظام في طرابلس. ولكن الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى لم تفعل الكثير لمساعدة الثوار ماليًا.
ودخلت إدارة اوباما والكونغرس في طريق مسدود بشأن منح الثوار شيئا من 32 مليار دولار هي قيمة الأرصدة الليبية المجمدة في حسابات أميركية. وحتى استخدام المال لتقديم مساعدة إنسانية للمتضررين بالنزاع مسألة يعتريها كثير من التعقيد.
واعترف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان للصحافيين في بنغازي بأن القضية صعبة. وأشار إلى أن الأرصدة المجمدة أمانة لخدمة الشعب الليبي «وأننا نتدارس سبل معالجة الاحتياجات الإنسانية».
وطلب البيت الأبيض من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن تعدّ مشروع قانون يجيز أخذ جزء من الأرصدة المجمدة يتراوح بين 150 و180 مليون دولار واستخدامه في ليبيا كمساعدة إنسانية. لكن القانون يواجه معارضة قوية من الجمهوري ريتشارد لوغر، الذي لديه تحفظات إزاء «التشعبات المترتبة على أخذ أموال جهة ما زالت دولة ذات سيادة». وينظر لوغر وأعضاء آخرون في الكونغرس بتوجس إلى احتمال تورط الولايات المتحدة في حرب أهلية ليبية وامتناع الإدارة عن استشارة الكونغرس.
وفيما يختصم الكونغرس والإدارة يقول الثوار إن مواردهم المالية تنضب بوتيرة خطرة. وطلبوا تعهدات بمنحهم قروضًا ومساعدات بقيمة 3 مليارات دولار، وتلقوا وعودًا من الكويت وقطر ودول أخرى. وقال فيلتمان إن الولايات المتحدة قدمت حتى الآن ما قيمته 52 مليون دولار من الإمدادات العسكرية «غير الفتاكة»، وأكد تقديم المزيد في الأسابيع المقبلة.
وقال الترهوني إن فتح خزائن المصرف المركزي دليل على قدرات الثوار وطاقاتهم الخلاقة ومهاراتهم التنظيمية التي تمكنهم من إدارة البلد.
ونقلت «واشنطن بوست» عن احمد الشريف المستشار السابق في المصرف المركزي، الذي عينّه الثوار محافظ البنك لفترة وجيزة الشهر الماضي، أن مدراء مصرفيين ساعدوا في عملية السطو، ولكنهم لم يتمكنوا من فتح إحدى الخزائن لأن فتحها يتطلب ثلاثة مفاتيح مختلفة، ولم يكن لديهم إلا اثنان.
فجاء الشريف وثلاثة مدراء آخرين بعامل إقفال وفي 29 مارس فتحوا ثقبًا في الجدار ليتمكن العامل من اللعب بالأرقام السرية لفتح الخزنة من الداخل. وبذلك تمكن العامل من الاستغناء عن المفتاح الثالث.
وبقي المال في المصرف بعد فتح حساب جديد فيه باسم الثوار، كما قال الشريف. ولم تثمر حتى الآن الجهود الرامية إلى رفد هذا الرصيد بعائدات نفطية، ولا تتوافر للثوار القدرات الإدارية لجباية ضرائب.
في غضون ذلك، ما زال الترهوني والثوار يعتمدون على المتبقي مما أخذوه من المصرف المركزي أو نحو 120 مليون دولار من أصل 505 ملايين. ويدرك الترهوني أنها لن تدوم طويلا، ولذلك يلاحق الأرصدة الأكبر التي أودعها القذافي ونظامه في مصارف وشركات استثمارية وصناديق تحوط ومؤسسات مالية أخرى منتشرة في أنحاء العالم.
ويقدر الترهوني أن هذه الأرصدة تصل إلى 165 مليار دولار. واقترح الترهوني كحل بديل أن تُستخدم هذه الأرصدة ضمانة لفتح خط اعتماد أو قروض. وقال الترهوني لـ «واشنطن بوست» «إن وضعنا حرج، ونحن لا نطلب إلا استخدام مواردنا نفسها».
وعلى صعيد آخر، أكد الدكتور عبد المنعم الحر، ممثل المجلس الانتقالي الليبي في القاهرة، أن عملية تحرير الأراضي الليبية باتت وشيكة بعد سيطرة الثوار على غالبية المناطق في البلاد وكذلك على المنافذ الحدودية، وخضوع غالبية السواحل الليبية لسيطرة قوات التحالف التي تمنع وصول الإمدادات إلى قوات القذافي.
وأوضح الحر في تصريحات صحفية أمس الأربعاء، أن العقيد الليبي معمر القذافي أصبح معزولا داخليا وإقليميا ودوليا. وأشار إلى أن معلومات وصلت إلى قيادة الثوار تؤكد أن القذافي غير موجود في باب العزيزية.
وكشف الحر عن أن المجلس لا يعول كثيرا على الاتحاد الأفريقي، «لأنه القطب الأضعف في كل المنظمات الدولية، وأنا أتوقع تداعي الاتحاد قريبا لأن قاعدته هشة مبنية على المصالح، وأن الداعمين الأكبر له كانا ليبيا ومصر، ومن ثم فإن سقوط نظامي «الرئيس المصري السابق» مبارك والقذافي سيكون السبب الأكبر في تداعي هذا الكيان».
وفيما يتعلق بالوضع داخل ليبيا، قال: «في المنطقة الشرقية بدأت الأوضاع في العودة إلى سابق عهدها.. أما في المنطقة الغربية فهناك قتال عنيف أسفر عن سيطرة الثوار على معبر دهيبة والمعبر الحدودي مع تشاد ومدينة الكفرة ومعبر ليبيا مع السودان. وهناك عمليات كر وفر مع كتائب القذافي داخل مدينة طرابلس».
واستبعد اندلاع ثورة مضادة بعد سقوط القذافي تكون في شكل حرب قبلية، وأكد أن «المجلس اتخذ احتياطاته لذلك، فقام بتشكيل لجنة مصالحة منبثقة عن المجلس خرجت بناء على رغبة أهل الوطن، ولا أعتقد أن ليبيا ستشهد مثل هذا الوضع، لأن القوة المفرطة التي استخدمها القذافي ضد الشعب الليبي جعلته أكثر تلاحما.

Top