صار واضحا أن توافقا واسعا حصل بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية حول موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، وبالتالي فقد تجاوز النقاش عقبة التاريخ، وتنكب القيادات الحزبية حاليا على إعداد ملاحظاتها بشأن مسودتي قانون الأحزاب وملاحظة الانتخابات، في انتظار التوصل بباقي النصوص ذات الصلة، وخصوصا مدونة الانتخابات، وكل هذا يفسره كذلك شروع عدد من الأحزاب في التحضيرات العملية لخوض الاستحقاق، وبالتالي لإنجاح أول محطة في مسلسل التطبيق الفعلي للدستور الجديد.
اليوم نعرف أن الانتخابات القادمة ستجري في ظل منع الترحال، وأن الأحزاب ستخوض المعركة الانتخابية بشروط تمويلية أحسن من السابق، كما أن الاقتراع سيمر تحت مراقبة ملاحظين مستقلين مغاربة وأجانب بموجب معايير منصوص عليها في قانون، وهذه مكاسب لا تخفى أهميتها على كل من خبر الانتخابات في الميدان وليس في الصالونات أو من خلال التنظير التلفزيوني والمدرسي.
بقي أن على السلطات أن تقدم على خطوة ملموسة بشأن مسؤولي الإدارة الترابية في المناطق، وذلك عبر تغيير عدد من الولاة والعمال الذين عينوا في مناصبهم بالطرق التي يعرفها اليوم الجميع، بالإضافة إلى إيجاد آلية تتيح لممثلي الأحزاب وطنيا وإقليميا المساهمة في عمليات التتبع الفعلي لمجريات العملية الانتخابية، علاوة على الحرص على تجنيب هذا الاستحقاق الديمقراطي التاريخي أن يتم إغراقه بمرشحين من ضمن لوبيات الفساد، وهنا المسوؤلية مشتركة بين الدولة والأحزاب.
من جهة أخرى، فإن النجاح في بلورة توافق واسع بشأن العتبة ونمط الاقتراع واللائحة الوطنية وميكانيزمات التصويت بارتباط مع تنقية اللوائح الانتخابية، كل هذا من شأنه أن يؤسس في النهاية لاتفاق واعي بين مختلف الأطراف، ما سيجعل التعبئة واضحة والانخراط حماسيا في المسلسل، وبالتالي التفاؤل قويا بالوصول إلى برلمان مختلف عن سابقه، ما سيعني أيضا حكومة مختلفة، وممارسة سياسية وبرلمانية وانتخابية كذلك مختلفة.
وإن التدافع الموجود اليوم ضمن المشاورات والمناقشات التي تتم داخل الأحزاب وبينها وبين وزارة الداخلية، يجب أن يتعزز بانخراط القوى المدنية والشبابية في هذه الدينامية.
وهنا مثلا، لماذا لا يرفع شباب «20 فبراير» شعار الانخراط في مراقبة نزاهة الانتخابات ومحاربة المفسدين ميدانيا، وأيضا مساندة النزهاء من المرشحين، ويكون هدفهم من ذلك، سواء ساهموا هم في التصويت أم لا، هو حماية أصوات الشعب وحماية نزاهة الاقتراع؟
الاختيار الديمقراطي يحتاج إلى أذرع لحمايته، فليرفع شباب «20 فبراير» ومدعموهم هذا التحدي، ولينخرطوا فيه، بعد أن يطوروا مهاراتهم وخبراتهم وتكوينهم في هذا المجال.
إلى التحدي إذن.
[email protected]