حملة التبرع بالدم تنطلق اليوم

.. جميعا من أجل مواطنة كاملة ومسؤولة
يكتسي التبرع بالدم حمولة إنسانية عالية الرمزية ويشكل بحق مظهرا جليا من مظاهر العمل الخيري المواطن والفعل التضامني الفعال الذي دأبت باستمرار مختلف حساسيات المجتمع المغربي على التجاوب معه. موعد جديد مع التضامن النموذجي يضربه المغاربة مع مختلف المراكز الجهوية لتحاقن الدم بالمغرب يومه الجمعة بمناسبة اليوم الوطني للتبرع بالدم الذي يحمل هذه السنة شعار “جميعا من أجل تبرع منتظم”.
المركز الوطني لتحاقن الدم ومبحث الدم، التابع لوزارة الصحة، سيقوم، تماشيا مع ما تشهده مراكز تحاقن الدم بالمملكة من تزايد مستمر وملحوظ في حاجاتها من المشتقات الدموية، نظرا لارتفاع عدد المرضى المحتاجين لنقل الدم، باستثمار هذه المناسبة من أجل نشر ثقافة التبرع بالدم لتلبية الحاجيات المتزايدة من الدم.
وهو استثمار ضروري، بل وحيوي، في ظل ما نشهده من ارتفاع لنسبة انتشار الأمراض المزمنة والمرتبطة بارتفاع متوسط العمر المتوقع عالميا والذي أثر، بشكل ملموس، على ارتفاع الاحتياجات المتعلقة بالدم والمواد المستخلصة منه، كما أن تحسين الخدمات الطبية بالمغرب، خاصة تلك المرتبطة بأمراض السرطان، أدت إلى ارتفاع الطلب على الدم خصوصا في مدن الدار البيضاء والرباط ومراكش وفاس.
التبرع بالدم عمل إنساني نبيل، قبل كل شيء، يساهم في إنقاذ حياة آلاف المرضى الذين هم في أمس الحاجة إلى نقل الدم، وفي نفس الوقت لا يسبب ضرراً على صحة المتبرع. فكل وحدة يتم التبرع بها تساهم في إنقاذ حياة ثلاثة أشخاص بحاجة إلى الدم أو أحد عناصره “مثل كريات الدم الحمراء والصفائح الدموية والبلازما وغيرها”.
حاجيات يعيها المواطنات والمواطنون جيدا بدليل أن التبرع بالدم عرف نقلة نوعية. ذلك أنه وفق الإحصائيات التي قدمتها أمس ورقة للمركز الوطني لتحاقن الدم، بلغ معدل التبرع لأول مرة نسبة 1 في المائة من الساكنة، أي ما يناهز 314 ألف و583 متبرع في سنة 2013، فيما بلغ عدد المتبرعين 153 ألف و93 في الستة أشهر الأولى من سنة 2014، مقابل 154 ألف و295 متبرع في سنة 2013. بيد أن هذه النقلة على مستوى التحسيس تواكبها هفوات تحول دون بلوغ ما ترمي إليه وزارة الصحة من إرساء  نظام مركزي في تجميع وتوزيع الدم وعناصره إلى المستشفيات في كافة جهات المملكة.
وفي انتظار المضي على هذا الدرب، يكفي المغرب فخرا وعي مواطنيه، المشترك بين كل فئات المجتمع، بأهمية التبرع بالدم وبإشكالية الندرة الكبيرة لهذه المادة الحيوية. وقد عاين المغاربة كل المغاربة التفاتة سخية وملهمة لجلالة الملك محمد السادس الذي توجه، خلال الحملة السابقة، رأسا إلى المركز الجهوي لتحاقن الدم بتطوان، وقام جلالته بالتبرع بالدم، استجابة لنداء عاجل بضرورة مواجهة الندرة الكبيرة من هذه المادة الحيوية.
ولم يمض إلا النزر القليل من الزمن بعد هذه البادرة، لنشهد زخما وتفاعلا قويا، نتمنى اليوم أن يتخذ منحى مماثلا لبلوغ الهدف الأسمى المتمثل، ليس فقط في جمع أكبر عدد من المشاركين وتغذية مخزونات مراكز تحاقن الدم التي تواجه بالفعل عجزا كبيرا، بل أيضا وأساسا، إرساء سلوك ذي بعد تضامني قوي ينطوي على رسالة إنسانية، وإذكاء الحس الأخلاقي العالي المتعلق بالمواطنة الكاملة والمسؤولة.

Top