أحجية الاختيار

نواجه كل يوم كما هائلا من الاختيارات، تارة مصيرية وتارة أخرى ثانوية.. لكننا وفي جميع الأحوال لا مهرب منها.. أي طبق سآكل؟ ماذا سأرتدي؟ أية أغنية سأستمع؟ ماذا سأكتب؟ ماذا سأشاهد؟…
يعتقد الإنسان أنه كلما كثرت الإمكانيات أمامه، كلما كانت حياته أسهل. لكن كثيرة هي المرات التي نود فيها أن نختار من بين الخيارات المطروحة أمامنا، فينتهي بنا الأمر إلى العدول عن القيام بأي شيء. عندما يزداد عدد الاختيارات، تزداد صعوبة معرفة أي منها الأفضل لنا. بدلا من أن تزداد حريتنا في اختيار كل ما نرغب فيه، ففي الواقع، كثرة الاختيارات تحد من حريتنا.
أليس الأمر صعبا ومحيرا بعض الشيء؟
نتساءل، كيف بالرغم من كل هاته الاختيارات المصطفة أمامنا، نقلق ولا نتمكن من اتخاذ قرار حاسم؟ ألسنا نعرف ما الذي نريده تماما، أم أننا نخشى أن نقوم بالاختيار على نحو خطأ؟ نخاف من أن تكون الطريق التي لم نسلكها هي الأفضل، نعاني من إمكانية عدم اختيار الأفضل.. ربما هو تخوف من عدم وجود طريق للعودة وتغيير الوجهة..
نرغب أحيانا في طريق مسطرة منظمة، حيث لا مجال للتفكير والاختيار.. لكن حينها سنشكو من عدم توفر إمكانات مختلفة.. حالما تتوفر تلك الإمكانات، لا نستطعم لذة توفرنا على ذلك الكم الهائل من الخيارات، نصاب بالشلل.. نعجز عن التقدم.. ويتكرر ذلك السيناريو مرارا..
في مجتمعنا اليوم، لدينا خيارات أكثر بكثير من الأجيال الماضية.. المرأة ليست مجبرة أن تتزوج ولا أحد يتوقع منها ذلك، لا يتوقع من أحد أن يختار مهنة واحدة ويلزمها إلى نهاية حياته… هناك العديد من الخيارات المتاحة لنا، ولكن هذا يدفعنا إلى أن نسأل أنفسنا باستمرار عما إذا اخترنا الخيار «الصحيح». في السابق، كانت الاختيارات تعود إلى المجتمع، إذا ما قمنا باختيارات خاطئة لا نلوم أنفسنا، فذلك ليس خطأنا. كانت تلك التوقعات خانقة نوعا ما لكنها ومع ذلك تشعرنا بالراحة لأننا محصنون ضد محاسبة النفس.
تعلم الاختيار، صعب. تعلم الاختيار الجيد أصعب. وتعلم الاختيار الجيد في عالم مليء بالإمكانيات غير المحدودة هو أمر أصعب، وربما صعب للغاية. (باري شوارتز في كتابه مفارقة الاختيار).
الاستمرار في العيش يتطلب الاستمرار في اتخاذ قرارات واختيارات بشكل يومي. أزمات الاختيار هاته نسبية وتثقل كاهلنا بأشكال مختلفة. علينا ألا نشدد على القرارات الصغيرة أحيانا ونعقد العزم ونكون حازمين حين يتعلق الأمر بقرارات كبيرة.
ليس هنالك حل سحري، لكن الاختيار الحكيم على الأغلب ينبع عندما نكون على دراية بالطريقة التي ستجعلنا تلك الاختيارات نشعر… ما رأيك؟

بقلم: هاجر أوحسين

Related posts

Top