إيمان حناتي: التطور الرقمي دفع برجال الأعمال والقادة والسياسيين إلى إعادة تشكيل عمليات التواصل والاتصال الخاصة بهم

قالت إيمان حناتي الخبيرة في العلاقات العامة، إن البعض عانى من التحولات العميقة من حيث التواصل الذي شهدته بعض الشركات على مدار العامين الماضيين.

وأكدت إيمان حناتي في هذا الحوار، أنه “على مدار العشرين عاما الماضية، تطورت العلاقات العامة بشكل جوهوري من خلال التكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية، حتى تغير اسمها: من العلاقات الصحفية، إلى العلاقات العامة، ثم العلاقات الشخصية (أو الشبكة الشخصية)”.

واعتبرت حناتي أن فكرة “التواصل الشبكي” احتلت مكانة بارزة في الأعمال التجارية لدرجة أنه لم يعد بإمكاننا الاستغناء عنها، مشددة أنه “اليوم أصبح اندماج ثلاث أنواع من العلاقات 3 RPs مفهوما أساسيا للتواصل”.

وفي سياق متصل، شددت الخبيرة في مجال العلاقات العامة، أن “الرقمنة باتت جزءا من حياتنا اليومية، كما دفعت التكنولوجيا الرقمية المنظمات والمؤسسات والمدراء ورجال الأعمال، والقادة والسياسيين لإعادة تشكيل عمليات التواصل والاتصال الخاصة بهم، وحتى فلسفتهم وعقليتهم لخدمة أهدافهم بشكل أفضل”. وفيما يلي تفاصيل نص الحوار:

بعد 20 عاما من الخبرة في قطاع الإعلام بفرنسا، أنت مستشارة علاقات عامة، ابتكرت منهجية وطريقة عمل جديدة للقطاع الصناعي المغربي- هل يمكنك أن تحدثينا عنها؟ وكيف تعرفين  LE RPTING؟

RP’TING طريقة عمل منضبطة جديدة، وإن شئت قلت منهجية جديدة تمت بلورتها وبناؤها لمواكبة صانع القرار في الشركات الصغيرة والمتوسطة العائلية وتمكينها من الرفع من قدرتها التنافسية بفضل المزج بين ثلاثة مجالات؛ العلاقات مع الصحافة، والعلاقات العامة، والعلاقات الشخصية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وهذا مفهوم، متفرد ومبتكر لدعم ومواكبة لقطاع الصناعي المغربي في الرفع من مستوى مقاولاته وخدمة مصالحه الاقتصادية والسياسية والترويج لأعماله بعد جائحة كوفيد 19.

يمكنني القول، إن RP’TING منهجية وطريقة عملية في خدمة حصرية لرفع القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة العائلية، التي ترغب في بناء سمعة مستدامة، بل تصبح مرجعا في مجالها. ولا يمكن تنزيل هذا المفهوم الذي يمزج ويجمع كما سبقت الإشارة بين “التسويق والاستشارات والعلامة التجارية الشخصية” في تواصل صناع القرار في القطاع الصناعي إلا بفضل قوة العلاقات الثلاث: العلاقات مع الصحافة، والعاقلات العامة، والعلاقات الشخصية.

يعتبر التواصل آلية ومكسب مميز لترويج وتمرير الرسائل خلال الأزمة (أزمة كوفيد)، كيف يتعامل مجال العلاقات مع الصحافة اليوم؟ وكيف تطور في المرحلة الأخيرة؟

لا يمكن إنكار حقيقة أن مهنة العلاقات مع الصحافة والعلاقات العامة تطورت بشكل كبير، على الرغم من أن النظام الذي يضبطها أو القواعد التي تحمها لم تتغير. التواصل هو فن الوجود أو التواجد بمعنى الحضور في الفضاء العام عبر البوابة الإعلامية، والتواصل هو فن الإخبار والتواصل هو كذلك فن الإقناع.

وسواء كنا ملحقين إعلاميين، أو مستشارين معتمدين في العلاقات العامة، أو استراتيجيين في الإعلام، أو مدراء في التواصل، أو شركاء في التفكير لصالح المقاولة، فإن مهمتنا واحدة، نفسها بالنسبة لكل ما ذكر، وهي: التعريف بمؤسستنا ومنتوجها والترويج لهما، وجعل الناس (الزبناء) يحبون المؤسسة ومنتوجاتها، ثم أخيرا، جعل الزبناء يقبلون عليها ويشترون تلك المنتوجات أو المنتجات. وتعرف بالفرنسية بشكل مختصر «faireconnaitre» , «faire aimer» et «faire vendre».

لقد عانى البعض الآخر من التحولات العميقة من حيث التواصل الذي شهدته بعض الشركات على مدار العامين الماضيين. وعلى مدار العشرين عاما الماضية، تطورت العلاقات العامة بشكل جوهري من خلال التكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية، حتى تغير اسمها: من العلاقات الصحفية، انتقلنا إلى العلاقات العامة، دون أن ننسى العلاقات الشخصية (أو الشبكة الشخصية). احتلت فكرة “التواصل الشبكي” مكانة بارزة في الأعمال التجارية: لم يعد بإمكاننا الاستغناء عنها. اليوم أصبح اندماج ثلاث أنواع من العلاقات 3 RPs مفهوما أساسيا للتواصل.

للتفاعل مع متطلبات العصر، تتطور العلاقات العامة وتصبح أكثر احترافية ومهنية، لمسايرة تطور العصر والتفاعل مع الأفكار الجديدة. وقد يتوسع المحتوى ويتنوع لخدمة هدف واحد؛ دعم طموحات الشركة والسبب والهدف من وجودها و”خلقها”.

وستبقى وسائل الإعلام أحد مجالات، وآليات التعريف، وتحديدا الترويج والتسويق للعلامات التجارية والشخصية، وكذلك ممارسة نوع من الضغط  (le lobbying) التي أصبحت ضرورية للتفوق والتميز أيضا، وكذلك إعلام وطمأنة  الجمهور و”إغرائه”، حتى لا أقول إغوائه.

هل يمكن أن نقول أن العلاقات العامة وبالتالي  RP’Ting  ميزة أو مكسب جديد لـ “ممارسة الأعمال لصالح القطاع الصناعي المغربي”؟ وبعبارة أخرى أظهرت الجائحة منذ سنتين مدى محدودية التواصل عند الشركات الصغيرة والمتوسطة، كيف يمكن أن نشرح ذلك؟

ولدت RP’TING من وضع المقاولة وسبب وجودها موضع سؤال، وإن شئت قلت موضع شك. وللجواب على الانتظارات الخاصة المنبثقة من محيط القطاع الصناعي في خضم جائحة 19 Covid، كان من الضروري التفكير والقيام بالتفكيك وإعادة البناء، وتحديد توليفة (مجموعة مندمجة) من الحلول العملية وغير النظرية.

ومن شأن دمج التسويق مع الاستشارات المرتبطة بالعلامة التجارية الشخصية، إفراز وإنتاج صيغة سحرية لأي صانع قرار لدعم وتعزيز صورته، وهو ما يعني بشكل ضمني دعم أعماله أو مقاولته.

وبات عدم الفصل بين المسارات الثلاث؛ التسويق والعلاقات العامة والعلاقة مع الصحافة، مسألة بديهية لكل استراتيجي في مجال التواصل، لأن الحدود بين الممارسات الثلاثة أصبحت سهلة الاختراق، وبالتالي تجميعها ودمجها، مما يضمن الحضور الواضح لمسير أو مدير الشركات الصغيرة والمتوسطة، تدبيريا أو إداريا واجتماعيا.

إن التواصل “العادي” وإن شئت قلت الكلاسيكي، يشكل تمرينا دقيقا، ومصدرا للعديد من الأخطاء بالنسبة للشركات ومدرائها. فعندما نتحدث عن “التواصل” فإننا نحث على نهج   بيداغوجي، ومعارف دقيقة وأساسيات، لكن الظروف الاقتصادية والسياسية دفعت العلاقات العامة كموقع استراتيجي داخل المقاولة خلال أزمة 19 Covid لضرورة التحرك والتواصل بشكل عاجل بدون المرور أحيانا  بـ “عرض خمسين وصلة أو ذكر ورقة تأطيرية من عشرين صفحة”.

لم تعد خلية العلاقات العامة قسما بسيطا في الظل، بل باتت حليفا في التحرك وعمل المقاولة، حيث تندمج النظرية مع الممارسة العملية، وتدخل في تفاصيلها لأجل مصلحة مشتركة. وتصبح بهذا العلاقات العامة بمثابة الصندوق الأسود، والذراع الأيمن لصناع القرار أو مدير المقاولة، فهي تقوم بأرشفة التحركات السابقة، وتقدم المقترحات والتوصيات المستقبلية، باستنادها على الوضعية الحالية.

ولا يجب أن تخفي الجوانب التقنية، ما هو أساسي ومهم، ذلك أن الهدف من التواصل هو إيصال وتمرير الرسالة. ومن الخطأ الاعتقاد أننا نتواصل بشكل جيد لتوفرنا على وسائل متطورة. فالمهم اليوم هو امتلاك رؤية وترجمتها إلى عمل.

ويقوم نظام RP’TING على خمس مراحل هي: تشخيص مشكلة العلاقات العامة، ومراجعة التصورات، وترتيبها في توقعات، أو وضع جدول زمني للتحرك والعمل  بإجراءات محددة (ورش عمل، اجتماعات وجها لوجه، ندوات …) ، ووضع تصميم لها باستخدام وتهيئ عناصر الخطاب، وبطاقات تقنية. ووضع كل ما سبق في شكل مخطط أو خارطة طريق استراتيجية (لا تغفل مسألة الضغط واللوبيينغ)، وأخيرا الانتقال إلى العمل (إدارة الإعلام، وإنشاء خلية علاقات عامة…).

ويمكن القول، نعم  RP’TING مصدر قوة لصناع القرار ورجال الأعمال المغاربة.

هل باتت الرقمنة اليوم ضرورية لنجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة؟ وهل يتم أخذ محركات البحث، واللعب على الخوارزميات بعين الاعتبار في الاستراتيجية الرقمية للشركات الصغيرة والمتوسطة المغربية؟

الرقمنة باتت جزءا من حياتنا اليومية. ودفعت التكنولوجية الرقمية المنظمات والمؤسسات والمدراء ورجال الأعمال، والقادة والسياسيين لإعادة تشكيل عمليات التواصل والاتصال الخاصة بهم، وحتى فلسفتهم وعقليتهم لخدمة أهدافهم بشكل أفضل. وكمال يقال، الزبون ملك وسيظل كذلك.

 لكن محرك البحث Google الآن هو سيد العالم. فقدرته الرهيبة مخيفة. فهو اليوم alpha وomega، وكل العالم يدخل لمحرك البحث googelise  قبل لقاء أو مقابلة أو اجتماع عمل. وأصبح محرك البحث المذكور بمثابة وشم رقمي لا يمحى وغير ملموس. وكالنحت في الحجر، فكل ما نقوله ونكتبه على لوحة المفاتيح يسجل ضدنا، لذلك علينا أن نأخذ هذه الظاهرة بعين الاعتبار.

وقد تم التفكير في RP’TING للتكيف مع الاحتياجات المتغيرة في تواصل الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويتم دمج هذا النهج التسويقي بشكل أساسي مع الاستشارات للتواصل حول الوجود والظهور أو البروز وتميز العلامة التجارية الشخصية.

ورغم أن عرض التواصل واسع في السوق الحالية، لكنه لا يستجيب بالضرورة للواقع على الأرض وفي هذا ضرر. في بعض الأحيان تريد الشركات أو المقاولات التواصل بأي ثمن والتواجد على جميع الشبكات الاجتماعية، لأن تعتقد أن ذلك ما يجب عليها القيام به. لكن ذلك ليس مطلوبا بالضرورة، ففي كثير من الأحيان يكون من المفيد تحديد الشركة لقناة وحيدة والاستفادة منها في تثمين تواصلها حتى لا تفقد جمهورها. ويتحدث الأنجلو ساكسونيون عن  ONE ONE ONE أي صوت واحد، رؤية واحدة، مهمة واحدة.  وهي أحد مكونات RP’TING.

وكما يقال؛ التحدث إلى الجميع يشبه عدم التحدث إلى أحد. وأصبحت مقولة 2022 “اختبئ لتنطلق” تعويذة لأي صانع قرار. ويجب وضع استراتيجيات منظمة بذكاء، والتموقع بشكل جيد لأجل التواجد الاجتماعي والرقمي المتميز.

إن التواجد في كل وسائل الإعلام استراتيجية، وكذلك التضخيم والمتابعة من قبل أطراف متعددة يعد استراتيجية، كما أن إنشاء موقع رئيسي ومواقع تابع له بمثابة “فضائيات” له، وتحسين محركات البحث (SEO)، يمكن من إنشاء ذرع يتمتع بسمعة طيبة، وحاضر بشكل متصاعد في البحث في محرك بحث Google، ومتحكم في ظهوره، يعد  استراتيجية تدخل في منهجية RP’TING. وكذلك سرد قصة يندرج في المنهجية المذكورة وهو جزء لا يتجزأ منها RP’TING، لأن محترفي العلاقات العامة تقليديا هم رواة قصص قبل كل شيء.

لماذا لابد من مواكبة خاصة لصانعي القرار في المقاولات الصناعية الصغيرة والمتوسطة العائلية؟

RP’TING طريقة ومنهجية عمل مدروسة للمقاولات الصناعية الصغيرة والمتوسطة العائلية، لمواكبتها ودعمها وتثمين مكاسبها كمحرك للازدهار الاقتصادي. هذه الشركات تكافح من أجل التعريف بنفسها، غير أنها مليئة بالأخبار. فهم بشكل أساسي “يخلقون” الوظائف، ويلعبون دورا اجتماعيا رئيسيًا يستحق التقدير والاعتراف.

ثمة انعدام ثقة مستمر بين عالم الأعمال وعالم الإعلام بسبب نقص المعرفة بالنظام الذي يحكم العالمين. فعالم الأعمال لا يعرف كيف يتواصل مع وسائل الإعلام والعكس صحيح.

 وRP’TING أداة تم إنشاؤها للشركات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل الحوار مع العالم الخارجي، مع قادة الرأي، والسفراء، والسلطات العمومية بطريقة منهجية.

إن RP’TING جسر وواسطة تواصل بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، والفاعلين الخارجيين لمواكبتهم في تدبير مصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية.

وتفتقر الشركة العائلية في الغالب إلى الرؤية، فهي تعتبر أحيانا “ّالحائط القصير” في الاقتصاد في مواجهة المجموعات الاقتصادية الكبيرة، والشركات متعددة الجنسيات. وتفتقر الشركات الصغيرة والمتوسطة العائلية للاعتراف والتقدير، رغم لعبها لدور مهم على المستوى الاقتصادي.

وفي عالم بات أكثر تعقيدا، عرفت الشركات الصغيرة والمتوسطة تغيرات، وأصبحت مطالبة بأن تكون مثالا يحتذى، وتقديم رؤية واضحة والالتزام بها من قبل جميع أصحاب المصلحة، وإلا فستجد نفسها تواجه التراجع والمصارعة من أجل البقاء.

ولأن الوضع الجديد لواقع الصناعة والاقتصاد يؤثر على قرارات المدراء. فقد أصبحوا أكثر يقظة ووعيا، لأن المقاولة تخدم هدفا يتجاوز البعد العملي أو التشغيلي إلى ما هو شعوري وعاطفي وعلائقي أيضا. وهذا الانتقال أو التحول الكبير يفرض على الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تثمن مكتسباتها وتعريف جمهورها أو زبنائها بها.

وأعتقد أن “عقيدة” جديدة ستضع “العلاقات العامة” في الخط الأمامي لعام 2022.

Related posts

Top