استقلالية العصبة

يتابع الرأي العام الرياضي وغير الرياضي فصول حرب شرسة تدور رحاها حاليا، بخصوص لعب أو تأجيل أو خسارة مقابلة رياضية عادية جدا، لا أهمية استثنائية لها، ولا تضمن نتيجتها الفوز باللقب أو تفادي النزول.
مباراة عادية ضمن مباريات البطولة الوطنية، وهي مبرمجة بجولات الثلث الأول من الدوري، أي على بعد عشرين دورة من انتهائه، وكل هذا يؤكد بوضوح أن الأهمية غير العادية التي أعطيت للموضوع، تحمل في طياتها أبعادا وحسابات تظهر تباعا في خضم تفاعلات كل الأطراف.
الكل كان ينادي بضرورة استقلالية العصبة الاحترافية لكرة القدم، وأن يدبر هذا الجهاز أمور الأندية المنتمية له بواسطة مكتب منتخب في إطار جمع عام، تمنح فيه الأندية صلاحيات التصويت على اللائحة المقدمة أمام أنظار القاعدة الناخبة.
الاستقلالية هنا تعني عدم الخضوع لسلطة الجامعة المشرفة على كل ما يهم شؤون كرة القدم، لكن في حدود معينة، وعلى أساس التعاقد الذي يربط بين الطرفين، والذي وقع مع بداية الموسم الرياضي الحالي.
لكن في أول امتحان رسب الجميع، أندية ومكتبا تنفيذيا، والدليل هو اختبار القوة الذي دخله ملف مقابلة ملعب العبدي، بين فريقي الدفاع الحسني الجديدي والرجاء البيضاوي، والتي كان من المقرر أن تجرى مساء أول أمس الثلاثاء، لكن تخلف الفريق الرجاوي عن الحضور المعلن مسبقا، أخرج الملف من رقعة الملعب، ليرمي به نحو ردهات المكاتب وتفاعلات المجالس وكواليس الاجتماعات، مع السعي لتطويع بنود وفصول القوانين كل في الاتجاه الذي يراه مناسبا له.
إلا أن مربط الفرس في كل ما يحدث أمامنا من صراع شرس وتفاعلات غربية، هو وجود سعيد الناصري على رأس هذه العصبة، وهذا ما يفسر غياب المنطق في التحليل، وإلغاء روح التعقل والترفع، وعدم النزول إلى ممارسات صادمة، وردود تصل في بعض الأحيان إلى حدود الصبيانية.
فوجود الوداد على رأس هذه العصبة الاحترافية هو صلب المشكل وأساسه، والعكس صحيح، فعندما كان محمد أوزال على رأس المجموعة الوطنية أيام الجنرال حسني بنسيلمان،  كثيرا ما طرحت خلافات ومشاكل وحسابات ضيقة، لكن ليست بنفس الحدة التي نتابعها في هذه الأيام، وهذا ما يجب الانتباه له، و العمل على تجاوزه، قصد إحداث انفراج على الساحة المزدحمة بمشاكل وخلافات “خاوية”، وحتى لا تصبح العصبة الاحترافية رهينة صراع نفوذ أزلي بين قطبي العاصمة الاقتصادية.
من مصلحة الكرة الوطنية أن لا تتحمل لا الوداد ولا الرجاء مهمة رئاسة العصبة، أو الذهاب أبعد من ذلك بتغيير القوانين التي تسمح بتعيين موظفين بكفاءات عالية بمنصب المسؤولية، كما هو جاري به بالعديد من دول العالم.

محمد الروحلي

Related posts

Top