” اعلان مراكش” الحوار المبني على تعزيز الحريات والحقوق الأساسية يكرس دولة القانون

أوصى المشاركون في المؤتمر البرلماني حول الحوار بين الأديان، بضرورة إحداث آلية مؤسساتية في إطار الاتحاد البرلماني الدولي ترتكز على نتائج مؤتمر مراكش، بهدف دراسة الممارسات الفضلى، ومتابعة ورصد المستجدات وتقديم المقترحات في مجال حوار الأديان.

وأوصى هؤلاء المشاركون في “إعلان مراكش” الذي تم اعتماده في ختام المؤتمر الذي احتضنته المدينة الحمراء تحت الراعية السامية لجلالة الملك محمد السادس، من 13 إلى 15 يونيو الجاري (أوصوا) بأن يعهد لهذه الآلية متابعة إدماج رؤية البرلمانيين وممثلي الديانات والمعتقدات وممثلي المجتمع المدني في ما يرجع إلى حوار الأديان.

وأكدوا على ضرورة تعزيز التعاون والتواصل مع منظمة الأمم المتحدة، وباقي المنظمات الدولية والمجتمع المدني، والبحث في إمكانية اعتماد استراتيجيات وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بحوار الأديان والثقافات وذلك بهدف استدراك العجز المسجل في التنفيذ على المستويات الوطنية، كما أوصوا بضرورة الحرص على أن تتمتع جميع الديانات والمعتقدات والمنظمات الدينية بمعاملة منصفة بعيدا عن أي تمييز أمام القانون، وإشراكهم إلى جانب ممثلي المجتمع المدني في الجهود المبذولة التي تتوخى تنفيذ القوانين الوطنية والالتزامات الدولية وتعزيز التماسك الاجتماعي مع أخذ التنوع بعين الاعتبار.

كما شدد المشاركون في مؤتمر مراكش، على ضرورة إرساء حوار مع القادة والمجموعات الدينية بهدف المساهمة في تعزيز التضامن ورفع تحديات العصر الكبرى من قبيل الفقر والفوارق، والاختلالات المناخية والنزاعات والحروب، والإدمان، وأنماط الاستهلاك المفرط، والتكنولوجية الرقمية بما في ذلك الاستعمالات السلبية للذكاء الاصطناعي.

ودعا برلمانيو العالم إلى تشكيل مجموعات عمل أو لجان برلمانية على مستوى البرلمانات الوطنية تهتم بالحوار بين الأديان وبين الثقافات من أجل التعايش السلمي والإدماج الاجتماعي وتيسير التعاون بين هذه المجموعات أو اللجان، بالإضافة إلى تعزيز تعاون أوفق بين ممثلي الديانات والمعتقدات والسلطات الوطنية في مجال مكافحة الجريمة من قبيل الاتجار في البشر والاستغلال والعنف المنزليين والأعمال الشاقة وحماية ضحايا هذه الجرائم.

كما دعوا إلى اعتماد مدونات سلوك برلمانية على المستوى العالمي بما ييسر احترام الديانات والمعتقدات ويقي من خطابات الحقد،  النهوض بمبادئ الإدماج والتنوع بين اليافعين والشباب وخاصة ما يتعلق باحترام الآخر واحترام جميع الديانات والمعتقدات، باعتبار ذلك من أسس المجتمعات الدامجة والمؤمنة بالسلم.

وحث “إعلان مراكش” على ضرورة الترافع من أجل تربية وتوعية الأفراد بقيم الاحترام والتفاهم بين الأشخاص والمجموعات مهما تكن دياناتهم ومعتقداتهم، وعلى أساس احترام كرامة الجميع، ومناهضة خطابات الحقد والازدراء بالأشخاص بسبب انتمائهم لديانة أو عقيدة بعينها والتصدي بحزم للمعاملات التمييزية بما في ذلك من خلال مبادرات تشريعية، وتشجيع الاتحاد البرلماني الدولي على رصد الممارسات البرلمانية الفضلى الهادفة إلى دعم التعددية والتسامح والحوار، مع الح ص على احترام حقوق المواطنة ودولة القانون والتوجه باقتراحات في هذا للمجال إلى البرلمانات الوطنية.

إلى ذلك، شدد برلمانيو العالم على أن حوار الأديان المبني على تعزيز الحريات والحقوق الأساسية، يعتبر وسيلة أساسية من أجل تعزيز الإدماج وتكريس دولة القانون وتشجيع الجهود المشتركة الهادفة إلى تطوير المجتمعات، ومن ثمة يتعين على البرلمانيين كفالة احترام دولة القانون وجميع الحقوق الإنسانية، من قبيل حرية التفكير، وحرية الرأي  التدين والمعتقد، وحرية التعبير والتجمع، كما يتعين عليهم، وفق “إعلان مراكش” الحرص على أن يتمتع الجميع بهذه الحقوق والحريات دون تمييز.

ويرى برلمانيو العالم أن النساء هن من يعانين من تابعات النزاعات وعدم التسامح إزاء الأقليات أو المجموعات الدينية والعقائدية، علما أن هن يواجهن أصلا صعوبات في التمتع بمجموع حقوقهن المدنية على قدم المساواة مع الرجال ويعانين من مختلف أشكال التمييز والعنف المبني على الجنس، وأحيانا باسم الدين أو المعتقد، كما أن الشباب، بحسبهم، يجد صعوبات كبيرة في اسماع صوتهم إلى العالم.

وفي سياق متصل، شدد “إعلان مراكش” على أن الإرهاب والتطرف العنيف باعتبارهما آفتين خطيرتين تهددان السلم والأمن لا يمكن ربطهما بديانة أو عقيدة أو مجموعة عرقية أو ديانة بعينها، مؤكدا على أهمية الاعتدال في تسوية النزاعات المرتبطة بالدين أو العقيدة وعلى الدور الحاسم للآليات والمؤسسات المسخرة لتسوية النزاعات.

وأعرب برلمانيو العالم عن انشغالهم بما بات يلاحظ في عدد من المجتمعات وداخل عدد من المجموعات في العالم بأكمله، من تراجع عام للديموقراطية وتبددٍ لقيم التضامن وللمبادئ الأخلاقية في السياسة وداخل المجتمعات عامة، مؤكدين على أن حل هذه المشاكل يتطلب عملًا ملموسا وحاسما من جانب البرلمانيين بسلطاتهم التشريعية، وكذا مجموع الفاعلين في المجتمع، بما في ذلك المؤسسات الرسمية والمجموعات الدينية والعقدية والمنظمات الدينية وهيئات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.

وعبروا عن قناعاتهم بضرورة إرساء عقد اجتماعي يعزز الكرامة المشتركة، والإخاء والمساواة بين جميع الأشخاص، وعبروا عن التزامهم من أجل بناء مجتمعات قوية قادرة على الادماج، يستطيع كل فرد أن يجد فيها مكانته، وباعتماد سلوكات تحترم جميع الأشخاص وإلى تجنب خطابات التفرقة على أساس الديانات والمعتقدات وتوظيفها من أجل أهداف سياسية.

محمد حجيوي

Related posts

Top