بوريطة: بلغنا محطة إضافية على درب بناء فضاء إفريقي أطلسي يكون مجالا للاستقرار والتنمية وللحوار

اعتمد الاجتماع الوزاري الثالث للدول الإفريقية الأطلسية، الذي اختتمت أشغاله أول أمس الأربعاء بالرباط، “إعلان الرباط الثاني”، الذي يؤكد الالتزام السياسي للدول الأعضاء بتنزيل شراكتهم الهادفة إلى تعزيز روابط التعاون والاندماج بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، بغية توطيد السلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة.
وحسب نص هذا الإعلان، فقد اعتمد الوزراء الذين شاركوا في هذا الاجتماع، برنامج عمل هذه الشراكة الذي يروم “تجسيد رؤية شراكة إفريقية أطلسية مرنة وتقدمية ومتضامنة، في شكل أهداف مسطرة”.
وفي هذا الإعلان الذي توج أشغال الاجتماع الوزاري الثالث للدول الإفريقية الأطلسية، شدد الوزراء على أهمية الأولويات الاستراتيجية لبرنامج العمل لدعم الاندماج والتنمية المشتركة في المنطقة.
ويتضمن برنامج العمل توصيات للعمل الجماعي بشأن ثلاث أولويات استراتيجية، تهم حوارا سياسيا وأمنيا حول مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والقرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية، والاقتصاد الأزرق، والربط البحري والطاقة، ثم التنمية المستدامة وحماية البيئة البحرية والمحافظة عليها.
ونوه الوزراء، في هذا الإعلان، بالطبيعة التشاركية والشاملة لمسلسل التشاور حول برنامج العمل، بتنسيق من الأمانة الدائمة، كما رحبوا بانخراط جهات التنسيق في مسلسل التشاور، بما في ذلك الاجتماعات التي عقدت في الرباط، في 07 و 08 مارس و11 يوليوز 2023.
وفي السياق ذاته، شددوا على أهمية تدارس برنامج العمل وفقا للاحتياجات ولتطور سياق التعاون في منطقة المحيط الأطلسي الإفريقي، وكذا على المستوى الدولي، مسجلين أن الاجتماع الوزاري معني بتقديم توجيهاته لتدارس برنامج العمل عند الضرورة.
كما أشار المشاركون في هذا الاجتماع إلى أهمية تضافر الجهود وإقامة علاقات شراكة مع مبادرات ومسلسلات تعاون أخرى لبلدان جنوب وشمال المحيط الأطلسي، بما في ذلك مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تعزيز التعاون في المحيط الأطلسي، بشكل يعزز وقع الآثار الإيجابية للتعاون على الاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة.
ودعا الوزراء الأمانة الدائمة وجهات التنسيق للشروع في المشاورات من أجل صياغة خطط العمل للمجموعات الموضوعاتية الثلاث، والتي سيترأس كل واحدة منها قادة من نيجيريا والرأس الأخضر والغابون، وذلك بناء على برنامج العمل، كما ينبغي أن تتضمن خطط العمل إجراءات ملموسة لتنفيذ هذه الشراكة.
كما أبرز الوزراء أهمية التنسيق على المستويين الوطني والإقليمي، وشجعوا الدول الأعضاء في هذه الشراكة على إنشاء آليات تنسيق وطنية لتسهيل تنفيذها.
وفي تصريح للصحافة، قال وزير خارجية الغابون، هيرمان ايمونغولت، إن “إعلان الرباط”، الذي تم اعتماده في ختام أشغال الاجتماع الوزاري الثالث للدول الإفريقية الأطلسية، “يخدم الأهداف التي تهم مجموعة من الدول في إفريقيا وخارجها”.
وأبرز أن “الرهان هو خلق منطقة سلام واستقرار وازدهار مشترك”، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تهم أكثر من نصف القارة الإفريقية.
وتابع ايمونغولت أن “مسلسل الرباط هو خطوة أولى نحو هدف أكبر”، مشيرا إلى أنه يندرج في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأجندة 2063.
وقال الوزير “إن الغابون، من جانبها، تعتزم القيام بدور فعال في إطار هذا المسلسل”، مذكرا بأن بلاده تقود، إلى جانب الرأس الأخضر ونيجيريا، خطط عمل الفرق الموضوعاتية الثلاث لهذه الشراكة.
وبالنسبة للوزير الغابوني، “فإن مسلسل الرباط يندرج في إطار الجهود التي تبذلها المملكة المغربية على المستوى القاري”، مضيفا أن “المغرب عودنا على مساهمته الفعالة في معالجة القضايا التي تهم القارة الإفريقية”.
ومن جانبه، دعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون والإدماج الإقليمي بجمهورية الرأس الأخضر، روي ألبيرتو دي فيغيريدو سواريس، إلى “الاستفادة القصوى من ثروات المحيط الأطلسي التي ننعم بها جميعا”.
ونبه دي فيغيريدو سواريس إلى التحديات الأمنية على المستوى القاري، داعيا إلى اتخاذ إجراءات مشتركة لمعالجة هذه القضايا من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
وبدوره، أشار وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والاندماج الإفريقي والغينيين بالخارج، موريساندا كوياط، إلى أن البلدان الواقعة على الساحل الأطلسي تتقاسم نفس التحديات، ومنافع الموارد الطبيعية كذلك.
وقال الوزير “إن الأمر يتعلق بتوحيد كفاءاتنا الفكرية، وقدراتنا، وقربنا، وحقيقة ارتباطنا بهذا المحيط الشاسع، حتى نتمكن من مواجهة تحديات عديدة أخرى”، مستشهدا في هذا السياق، بتحديات الأمن، والقرصنة البحرية، والهجرة غير النظامية.
وأكد كوياط أنه “لا يمكن لأي دولة أن تهزم هذه الآفات بشكل منفصل”.
وفي هذا الإطار، اعتبر وزير الخارجية والتعاون الدولي والغامبيين في الخارج، مامادو تنغارا، أن هذا الاجتماع يمثل فرصة للبلدان الإفريقية “من أجل العمل في إطار التعاون جنوب-جنوب بغية توحيد الوسائل من أجل تجاوز التحديات المشتركة معا”، مرحبا بانعقاد الاجتماع الوزاري الثالث للدول الإفريقية الأطلسية الذي اعتبره “مبادرة كبيرة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس”.
وفي معرض تطرقه للتحديات التي تواجه القارة الإفريقية، أشار الوزير الغامبي إلى أن مختلف دول المحيط الأطلسي الإفريقية لا تمتلك نفس الإمكانيات، داعيا إلى جعل هذه المنطقة “منطقة سلام واستقرار”.
وقال الوزير، “أعتقد أنه من المهم أن نفكر في الأجيال المقبلة، وأن نحافظ على الموارد البحرية”.
من جانبه، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن الاجتماع الوزاري الثالث للدول الإفريقية الأطلسية يشكل محطة إضافية في بناء فضاء للاستقرار والتنمية الحوار.
وقال بوريطة إن “هذا الاجتماع شكل محطة إضافية في بناء هذا الفضاء الإفريقي الأطلسي كمجال للاستقرار والتنمية وللحوار”، مبرزا أن الاجتماع يأتي تفعيلا لتوجيهات ورؤية جلالة الملك محمد السادس لهيكلة الجنوب الأطلسي.
وبعدما ذكر باجتماعات الدورتين الأولى والثانية التي خصصت للوعي بالأولويات والفرص والتحديات وخلق هياكل لهذا المسلسل، سجل الوزير أنه “حان وقت العمل في الدورة الثالثة من خلال محاولة تحديد المبادرات الملموسة على مستوى تنظيم الموانئ ومحاربة التلوث والاقتصاد الأزرق والسياحة النظيفة”.
وفي هذا السياق، أوضح بوريطة أنه تم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على برنامج عمل وعلى “إعلان الرباط” الذي تم التركيز فيه على مجموعة من النقاط منها، أن ترجمة هذه المبادرة على أرض الواقع لا تهم الدبلوماسيين، بل يتعين تعبئة كل دولة للقطاعات والفاعلين المعنيين والجمعيات ورجال الأعمال وغيرهم.
وسجل أنه ينبغي أن يكون لدى القطاعات بكل دولة وعي بأن المحيط الأطلسي هو فضاء يزخر بفرص ولديه تحديات يتعين الاشتغال عليها، مشيرا إلى أن المغرب اقترح عقد اجتماعات قطاعية من أجل ترجمة هذا البرنامج على أرض الواقع.
وبعدما شدد على ضرورة إعداد الدول الإفريقية الأطلسية نفسها للتفاعل مع مبادرات الفاعلين الآخرين في الفضاء الأطلسي وأن لا تكون مستهلكة لها، أبرز السيد بوريطة أن أهمية مسلسل الرباط تكمن في أن الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي عليها “التحدث بصوت واحد وأن يكون لديها مرجعياتها وبرنامج عملها وأولوياتها “.
ولفت إلى أن “المغرب أكد منذ إطلاق هذه المبادرة على تهيئة أنفسنا وتوحيد رؤيتنا قبل الذهاب للحديث مع أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وأوروبا الأطلسية حول كيفية هيكلة العمل في محيط الجنوب الأطلسي الذي يكتسي أولوية استراتيجية”.
كما شدد الوزير على أهمية هذه المنطقة التي تتيح فرصا عديدة للتنمية في مجالات السياحة والموانئ والعمران، وتضم دولا مهمة في القارة مثل المغرب وأنغولا وجنوب إفريقيا وكوت ديفوار والسنغال ونيجيريا.
وخلص إلى أن الهدف من هذا المسلسل يتمثل في كيفية استغلال هاته الدول الإفريقية للفرص ومواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة.

Related posts

Top