التغير المناخي .. أفريقيا تدفع فاتورة انبعاثات الدول المتقدمة

يبدو أن قارة أفريقيا ستتحمل أكثر من غيرها تبعات أزمة التغير المناخي، على الرغم من عدم مساهمتها بشكل كبير فيها مقارنة بالدول المتقدمة، التي ترفض حاليا دعم البلدان النامية.
وتواجه أفريقيا معدلات ارتفاع درجات الحرارة أسرع من باقي دول العالم، على الرغم من أنها مسؤولة عن أقل نسبة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وهي 3.8% فقط.
ومع الجهود المبذولة في قمة المناخ كوب 26، التي انعقدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، للفت انتباه العالم إلى الحاجة الملحّة لمعالجة تغير المناخ واختتمت بموافقة 197 دولة على ميثاق القمة، تفاوتت الآراء بشأن نجاحها.
ويعود الفضل في التوصل إلى اتفاق في قمة المناخ كوب 26 للدول النامية، ومنها الأفريقية، التي اختارت عدم الإصرار على أن تدفع الدول الغنية، التي تسببت في الانبعاثات القياسية لغازات الاحتباس الحراري، تعويضات عن الأضرار المناخية، وفقا لما نشرته مجلة “إي إس آيأفريكا”.
تأثير التغير المناخي في أفريقيا

يتوقع المحللون أن تواجه أفريقيا زيادات كارثية في درجات الحرارة تصل إلى 3 درجات مئوية بحلول عام 2050، إذا لم يتحقق هدف الحدّ من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ويزداد تهديد أزمة التغير المناخي في أفريقيا ليطال الناتج المحلي الإجمالي للدول الأفريقية الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة.
ومن المتوقع أن ترتفع خسائر النشاط الاقتصادي من 660 مليار جنيه إسترليني (899481 مليار دولار) في 2018 إلى أكثر من 1 تريليون جنيه إسترليني (136.285 تريليون دولار) في عام 2023، وهو ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لأفريقيا.
ولم تشهد أجزاء من شرق أفريقيا مطرا منذ سنوات، وهي تكافح الجفاف، بينما سجلت منطقة الساحل في غرب أفريقيا ارتفاعًا حادًا في النزاعات بين المزارعين والرعاة بسبب فقدان الغطاء النباتي، حسبما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وفي جنوب مدغشقر، تغلي العائلات أوراق الصبار للحصول على الطعام فيما تسميه الأمم المتحدة واحدة من أولى المجاعات في العالم الناجمة عن التغير المناخي.
وتنعكس أزمة التغير المناخي على مشروعات التنمية في قارة أفريقيا، التي تضم نحو 1.2 مليار شخص، نصفهم لا يحصلون على الكهرباء، وهي مجموعة تعادل مجموع سكان الاتحاد الأوروبي.
ورغم توجه الاتحاد الأفريقي لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، يلاحظ أن عددا قليلا من البلدان، مثل جنوب أفريقيا ومصر وإثيوبيا والمغرب، لديه قدرات عالية في مجال الطاقة المتجددة حاليا.
سبل مواجهة التغير المناخي

يمكن للدول الأفريقية الاستفادة من البند الفرعي من المادة 6 من اتفاقية باريس للمناخ الذي يسمح للبلدان ذات الانبعاثات العالية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بتعويضها من خلال الاستثمار في مبادرات مستدامة.
وتشمل تلك المبادرات إعادة التحريج في البلدان منخفضة الانبعاثات، ومنها البلدان الأفريقية، ويمكن أن تتخذ المبادرات نمط شراكات لتحفيز مشروعات الطاقة منخفضة الكربون، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الرياح.
وتمثل إعادة توجيه أموال الحكومات المحلية نحو خطط مستدامة أحد الخيارات لمواجهة أزمة التغير المناخي.
وقد ارتفع المبلغ الإجمالي الذي قدمته الحكومات الوطنية الأفريقية في دعم الوقود الأحفوري إلى 55 مليار جنيه إسترليني (74,9 مليار دولار) في عام 2015 وحده، مما تسبب في دعوات “للتخفيض التدريجي” لهذه الإعانات من أجل تكريسها في ميثاق غلاسكو للمناخ.
الدعم المالي

نظرا لأن أموال الدعم كانت تتدفق إلى قطاع الوقود الأحفوري الذي يوظف أقل من 1% من القوى العاملة في أفريقيا، يمكن الاستعاضة عن ذلك بإعادة استثمارها في الاقتصادات الأفريقية، وخلق فرص عمل شاملة وصديقة للبيئة.
ومن الممكن استخدام تلك الأموال لتمويل شركات ناشئة، مثل شركة “إغجينيه ميكرز” الكينية التي تصنع قوالب الأرصفة والبلاط من البلاستيك المعاد تدويره.
في المقابل، تخطو العديد من الدول الأفريقية خطوات واسعة أيضا للانتقال إلى الطاقة المتجددة، على الرغم من مسؤوليتها المحدودة في التغير المناخي.
ومن الأمثلة على مشروعات الطاقة المتجددة محطة نور للكهرباء في المغرب، أكبر منشأة في العالم للطاقة الشمسية المركزة (سي إس بي)، التي تحول طاقة الشمس إلى كهرباء لنحو مليوني أسرة.
وتولد المنشأة أكثر من ثلث كهرباء المغرب، إلى جانب تقليل انبعاثات الكربون بنحو 690 ألف طن سنويا.
تجدر الإشارة إلى أن الطاقة الشمسية المركزة، على عكس الألواح الكهروضوئية المستخدمة على نطاق واسع، تتيح تخزين الطاقة الشمسية في الليالي والأيام الملبدة بالغيوم.
ولا تقتصر فوائد هذه المشروعات على خلق فرص عمل كثيرة، بل تتعدى ذلك إلى تحقيق عائدات كبيرة، ويمكن إضافة ما يصل إلى 236 مليار جنيه إسترليني (321 مليار دولار أميركي) من فرص الأعمال الجديدة التي تهدف إلى حماية النظم الغذائية والأراضي للمناخ.
يضاف إلى تلك الفوائد الحفاظ على النظم البيئية للغابات المحلية وإنعاش المساحات الطبيعية المتضررة ودعم اقتصادات أفريقيا من الآن وحتى عام 2030.

Related posts

Top