الحدائق العمومية تحتضر في زمن كورونا

بالرغم من تخفيف الحجر الصحي عن العديد من مدننا التي تشهد تفاوتا في عدد حالات الإصابة بوباء كوفيد 19، فقد تم تمديد حالة الطوارئ لبعض الفضاءات العمومية، من قبيل الحدائق.
قد نتفهم أن يتم عدم السماح لبعض الفضاءات المغلقة باستئناف نشاطها، بالنظر لما تشكله من احتمال كبير للإصابة بالوباء، لكن أن يتم إغلاق الحدائق العمومية بصفة كلية واعتبار ذلك يدخل في إطار التدابير الاحترازية، فهذه مسألة فيها نظر.
الحدائق العمومية تعد متنفسا ضروريا للساكنة من مختلف الأعمار، وبالتالي فإن حرمانهم من هذا المتنفس لا شك أن له عواقب وخيمة على صحتهم النفسية والجسدية على حد سواء، خصوصا عندما يطول أمده، كما في حالة هذه الجائحة.

ذلك أن أغلب الحدائق العمومية تم الختم عليها -إذا صح التعبير- بالشمع الأحمر، منذ مارس الماضي، أي لأكثر من سبعة أشهر.
الحدائق العمومية يمكن أن تكون عاملا مضادا لهذا الفيروس الوبائي وليس جالبا له، وذلك بالنظر إلى أن الفسحة فيها تساهم في تقوية مناعة الإنسان، ونحن نعلم أن فيروس كورونا يتسلط بالخصوص على ذوي المناعات الضعيفة.
ليس هناك أي مبرر لإغلاق الحدائق العمومية، سيما وأن الزوار اكتسبوا الوعي بالتدابير التي عليهم اتباعها للوقاية من الإصابة بعدوى الوباء.
المثير للانتباه كذلك أن العديد من هذه الفضاءات العمومية الترفيهية تعرضت للإهمال منذ أن تم فرض الحجر الصحي عليها “من نهار دفنوه ما بقاو زاروه” كما نقول في تعبيرنا الدارج.

لقد من المفروض الاستمرار في صيانة هذه الأماكن خلال هذه الفترة كذلك، فالأشجار والنباتات وغير ذلك من الأغراس، تعد كائنات حية، كان من الواجب مواصلة رعايتها وتغذيتها وتشذيبها، كما أن هذه الأماكن يحتوي أغلبها على آليات خاصة بألعاب الأطفال، وهذه الآليات هي الأخرى تتطلب الاستمرار في صيانتها وتنظيفها وتشحيمها لأجل الحفاظ عليها، وهذا ما لم يتم القيام به طيلة الفترة التي أعلن فيها عن فرض حالة الطوارئ الصحية، ولا تزال هذه الفترة ممتدة في الزمن.
الحدائق العمومية إذن لا غنى عنها، حتى في زمن الوباء، بالنظر إلى أنها تعد من بين العناصر الأساسية لتقوية المناعة الذاتية، لما توفره من راحة ذهنية وجسدية على حد سواء.

< عبد العالي بركات < تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top