الرياضة الوطنية وسؤال الديمقراطية؟

هل الديمقراطية بالشكل الذي تطبق حاليا، لازالت صالحة للتطبيق بالحياة الرياضة الوطنية؟

   سؤال مقلق حقيقة، أمام ما نشاهده ونعيشه ونلمسه يوميا، من ممارسات غير سليمة تماما، تحدث باسم الديمقراطية، مع ان الديمقراطية منها براء، نجدها تلبس ثوب الشرعية، ونقبل بها للأسف على مضض بل نسايرها، لتمضي الأيام والسنوات، وتصبح واقعا مفروضا بقوة “القانون”.

  ففي الوقت الذي اختار المغرب كدولة، النهج الديمقراطي بجميع مناحي الحياة، بصفتها ركيزة أساسية والحرص على تطبيقه، كخيار لا رجعة فيه، تظهر للأسف مجموعة من الممارسات الشاذة والمسيئة، زاغت عن الطريق، بعد أن أصبحت عرقلة حقيقية أمام أي تطور منشود.

  ومن بين  أبرز المجالات التي تخضع لتطبيق غير سليم تماما، نجد القطاع الرياضي الذي تحول إلى مجال لكل أنواع “السيبة” والفوضى، والممارسات غير السليمة.

    تحايل، غموض، بحث عن الثغرات، اجتهادات في كيفية عدم تطبيق حرفي للقانون، والعديد العديد من الممارسات غير السليمة، جعلت منها الأغلبية الساحقة من المسؤولين -إلا من رحم ربي- عن تسيير الجامعات والعصب والأندية والفرق على حد سواء..خارطة طريق تخدم أجندة معينة، حولت أغلب التنظيمات إلى محمية خاصة، ووسيلة للارتزاق، بل هناك تبادل فادح للخبرات والتجارب غير الشرعية، قصد الاستمرار بمنصب المسؤولية، وتطويع القانون وتليين فصوله…

   وبفعل كثرة التجارب والنماذج السيئة والألاعيب الديمقراطية، أصبح هناك مختصون، وأصحاب فتاو في خدمة المتحايلين، تفنن في كيفية الخروج عن النصوص، بلباس يشبه في هيكله القانون المنظم، لكن بدون متابعة، ولا بحث في كيفية تطبيق سليم للنصوص، والشروط المطلوبة…

   رؤساء جامعات أصبحوا خالدين بمناصب المسؤولية، في استغلال فادح لضعف الفرق، وسهولة شراء الضمائر، نفس الشيء بالنسبة للعصب، أما الأندية فتحولت إلى محميات خاصة، واقع متعفن نتج عنه، تهميش صارخ للكفاءات والخبرات، وإغلاق الأبواب أمام أطر مكونة على أعلى مستوى، تحارب بلا هوادة من طرف عاهات تعيث فسادا، وتحارب من أجل الاستمرارية، والبقاء مدة أطول…

    وفي غياب الحرص على المتابعة والتدقيق الصارمين في تطبيق القانون، ترك الجميع الحبل على الغارب، فلا أحد يهتم بالموضوع، خاصة من جانب المسؤولين عن الشأن الرياضي على الصعيد الوطني، مسؤولون المفروض فيهم إظهار الكثير من روح المسؤولية، وإبراز اليقظة في تطبيق القانون، تفاديا للتحايل والقفز على النصوص وتطويعها، وليها حتى تصبح لينة ومطيعة في خدمة الأشخاص…

    في ظل هذه الوضعية الموبوءة، أصبح المجال الرياضي قبلة للمتهافتين، والنصابة وأصحاب السوابق، والمتفننين في أساليب التحايل، وما يشجع على غزو الرياضة، وجود مال سائب، وانتشار السوق السوداء، وتبييض فادح للأموال، مصدرها مجهول، أو بالأحرى قادمة من معاملات غير شرعية.

    تقارير مالية تقدر بالملايير، تتم المصادقة عليها من طرف جموع عامة مخدومة، بقاعدة أكثر من نصف عددها مشرية، يتم التصويت عليها بالموافقة في ظرف دقائق معدودة والاكتفاء برفع اليد، دون متابعة أو تدقيق او مناقشة، وحتى عندما يعلن عن اللجوء في بعض الحالات، إلى مكاتب افتحاص، فغالبا ما يتم السكوت عن النتائج وفحوى التقارير، بل تقبر أو تحفظ، أو تسحب بالمرة.

   وضعية لا يمكن أن ننتظر معها تحقيق إقلاع حقيقي لقطاع حيوي بامتياز، وبأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والسياسية، قطاع يستهلك أكثر مما ينتج، لا يقوم بوظيفته بالشكل المطلوب.

    أمام هذه المعطيات الصادمة، هل الرياضة في حاجة إلى هذا النموذج السيئ في تطبيق الديمقراطية؟ وهل لا زال القطاع الحكومي قادرا على الإشراف على الرياضة، بما تتطلبه من تخصص وخبرة واستقلالية وتجرد ومسؤولية؟

    سؤال سيبقى معلقا حتى إشعار آخر، والى ذاك الحين سيواصل المتهافتون والانتفاعيون والسماسرة إفساد المشهد، وجعل الرياضة وسيلة للكسب غير المشروع…

محمد الروحلي

Related posts

Top