السيارة الكهربائية وحدها لا تكفي.. تحتاج إلى طاقة خضراء

أفاد باحثون بيئيون بأن محرك السيارة الكهربائية في إندونيسيا قد يتجاوز برنامج الديزل الحيوي الطموح في غضون عقد من الزمن، لكنه لن يحقق هدفه المتمثل في المساعدة على الحد من تغير المناخ إلا إذا عززت البلاد استثماراتها في الطاقة النظيفة.
وزادت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا -وهي موطن ثالث أكبر غابات استوائية في العالم- نصيبها من وقود الديزل الحيوي المشتق من زيت النخيل منذ 2018، على الرغم من المخاطر التي قد تؤدي إلى إزالة الغابات.
وفي 2018 فرضت جاكرتا تجميدا لمدة ثلاث سنوات على التصاريح الجديدة لمزارع النخيل، في محاولة للحد من إزالة الغابات التي يتم قطعها لزراعة النخيل من أجل إنتاج الزيت النباتي المستخدم على نطاق واسع في مستحضرات التجميل والمنتجات الغذائية والوقود الحيوي.
السيارات الكهربائية تحدّ من تلوث الهواء الناجم عن دخان الديزل والبنزين وتسهم في التقليل من واردات النفط المكلفة
وتقول الجماعات الخضراء إنه إذا تجدّد وقف الزراعة هذا الشهر فإن البلاد قد تكافح من أجل إنتاج إمدادات كافية من وقود الديزل الحيوي المصنوع من زيت النخيل بالكامل.
ويميل الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو إلى ما يسمى بـ”الديزل الأخضر” للمساعدة على الحد من واردات الوقود وانبعاثات الغازات الدفيئة في البلاد، ولتعزيز الطلب بعد مساعي الاتحاد الأوروبي لتقييد استخدام الوقود الحيوي القائم على زيت النخيل.
كما تعمل إندونيسيا على أن تصبح مركزا للسيارات الكهربائية في آسيا، وذكرت في يونيو أنها تهدف إلى بيع السيارات الكهربائية والدراجات النارية فقط بحلول سنة 2050.
وقال داني ماركس، الأستاذ المساعد للسياسات والسياسات البيئية في جامعة مدينة دبلن، إن سياسات الديزل الحيوي المزدوج وسياسات السيارات الكهربائية لن تظل متوافقة بعد العقد المقبل أو نحو ذلك بمجرد أن تهيمن السيارات الكهربائية على السوق.
وأضاف “يجب على إندونيسيا إعطاء الأولوية لتكثيف السيارات الكهربائية من أجل تلبية أهدافها المناخية الدولية”.
وتحدّ السيارات الكهربائية من تلوث الهواء الناجم عن دخان الديزل والبنزين، وتسهم في التقليل من واردات النفط المكلفة. وإذا كانت الكهرباء من مصادر متجددة فيمكنها المساعدة على تحقيق أهداف خفض الانبعاثات للحد من تغير المناخ.
وبموجب اتفاقية باريس للتصدي للاحتباس الحراري التزمت إندونيسيا -وهي من بين أكبر المسببين للتلوث الكربوني في العالم- بخفض انبعاثاتها بنسبة 29 في المئة بحلول سنة 2030، وقالت في يوليو إنها تأمل في الوصول إلى هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول سنة 2060 أو قبل ذلك.
وأفاد ماركس بأن “الدفع بوقود الديزل الحيوي ليس استراتيجية قابلة للتطبيق على المدى الطويل للاستغناء عن الوقود الأحفوري”، مشيرا إلى أن زيت النخيل له دور في مفاقمة فقدان الغابات ونشوب الحرائق، مما يزيد بشكل كبير من انبعاثات الكربون.
وصُنفت إندونيسيا كواحدة من أكبر أربع دول من حيث خسارة الغابات المطيرة في 2020، وفقا لغلوبال فورست ووتش، وهي خدمة مراقبة تستخدم بيانات الأقمار الصناعية.
ووقع الرئيس ويدودو قبل سنتين مرسوما يحدد الدعم الحكومي لصناعة السيارات الكهربائية، في محاولة لكبح انبعاثات الكربون والاستفادة من موارد المعادن في إندونيسيا التي تُستخدم في صنع بطاريات للنقل الكهربائي. وحددت الحكومة هدفا بوضع 13 مليون دراجة نارية كهربائية و2.2 مليون سيارة كهربائية على الطرق بحلول سنة 2030.
وفي الشهر الماضي أطلقت مشروعا تجريبيا لتحويل الدراجات النارية بمحركات الاحتراق إلى الطاقة الكهربائية، وقال مسؤولون إن العمل بدأ مع حافلات النقل العام.
ووفقا لاتحاد صناعات السيارات في إندونيسيا كان لدى الدولة الرابعة من حيث عدد السكان في العالم أكثر من 15 مليون سيارة و112 مليون دراجة نارية على طرقها،اعتبارا من 2019.
وقال شوبهاكار داكال، نائب مدير الشؤون الأكاديمية في المعهد الآسيوي للتكنولوجيا ومقره تايلاندا، إن “سياسات إندونيسيا الخاصة بالديزل الحيوي والمركبات الكهربائية يمكن أن تعمل جنبا إلى جنب حتى 2040 أو 2050”.
وتابع أن “المركبات الكهربائية ستهيمن في النهاية على قطاع نقل الركاب في إندونيسيا، لكن الديزل الحيوي سيظل معتمدا في قطاع الخدمات الشاقة والشحن كخيار منخفض الكربون”.
وحذر داكال من أن ما يقرب من 85 في المئة من إمدادات الكهرباء في إندونيسيا اليوم تأتي من الوقود الأحفوري (الفحم والغاز الطبيعي والنفط) مما يلقي بظلال من الشك على مدى “نظافة” مركباتها الكهربائية.
وتهدف جاكرتا إلى الحصول على 23 في المئة من طاقة البلاد من مصادر متجددة بحلول سنة 2025، وهو ما يشكل ارتفاعا بحوالي 9 في المئة في منتصف سنة 2020. لكن التقدم في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة كان بطيئا.
إندونيسيا تسعى لأن تصبح مركزا للسيارات الكهربائية في آسيا
وتخطط إندونيسيا -وهي أكبر مصدر للفحم الحراري- للتخلي عن جميع محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بحلول سنة 2056.
ولفت داكال إلى أنه من المهم أيضا ألا تقلص إندونيسيا طموحاتها في مجال السيارات الكهربائية بمرور الوقت كما رأينا في الهند.
وقال روري كليسبي، محلل تغير المناخ في شركة فيريسك مابليكروفت الاستشارية، إن “الوقود الحيوي يمكن أن يكون مفيدا كوقود ‘انتقالي’، لكن الترويج للديزل الحيوي القائم على زيت النخيل على المدى الطويل لن يؤدي إلى خفض مسار انبعاثات إندونيسيا، والذي يتأثر بشدة باستخدام الأراضي والغابات”.
وأضاف أنه “في ظل الطلب المتزايد على وسائل النقل الخاصة قد يستغرق التحول من الوقود الحيوي إلى المركبات الكهربائية وقتا طويلا”، مؤكدا أن “هدف السيارات الكهربائية طموح بالتأكيد. لكن هناك العديد من العوائق الهيكلية التي تحول دون تحقيقه، بما في ذلك الافتقار إلى البنية التحتية الداعمة”.
وتابع أنه “إذا تمكنت إندونيسيا من توسيع حصة مصادر الطاقة المتجددة، فإن التوسع في المركبات الكهربائية يعد سياسة أفضل لخفض الانبعاثات”.
وحث تشاك باكلاغون -وهو ناشط مالي في آسيا ضمن مجموعة 350 دوت أورغ للنشاط المناخي- إندونيسيا على الاستثمار في النقل العام لتقليل الحاجة إلى ملكية المركبات الخاصة بجميع أنواعها.
وأضاف باكلاغون أنه ما لم تعتمد الشبكة التي تشغل المركبات الكهربائية مصادر طاقة أنظف فإن تأثير الانتقال من الوقود الحيوي إلى النقل الكهربائي سيكون ضئيلا. وقال إن “السيارات الكهربائية لن تكون حلا لمشكلة المناخ إذا كانت محطات الشحن الخاصة بها لا تعمل بالطاقة المتجددة”.

Related posts

Top