الصيادلة: إضراب 13 يناير «صرخة» في مواجهة صمت المسؤولين حول «محنة» القطاع

أكد ممثلو الصيادلة أن قرار الإضراب الشامل الذي يعتزمون خوضه يوم الخميس المقبل 13 أبريل الجاري، يأتي بعد استنفاذ كل أشكال الاحتجاج الأخرى والمعاناة من صمت مطبق وطويل للمسؤولين رغم طرق أبوابهم لفتح حوار جاد حول ما يعانيه القطاع من صعوبات منذ ما يناهز عشر سنوات.
وأوضح وليد العمري، نائب رئيسة نقابة الصيادلة بولاية الدار البيضاء، خلال الندوة الصحفية التي نظمت، يوم الثلاثاء الماضي، أن قرار الإضراب جاء بعد أن «وصلات للعظم»، حيث أصبح حوالي 3000 صيدلي يمارسون عملهم اليومي في خدمة المواطن والصحة العامة تحت وطأة هاجس الإفلاس. وأضاف أن صبرهم نفذ وتذمرهم تفاقم بعد صدور التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات حول سوق الأدوية، بسبب ما تضمنه من «مغالطات» بشأن هامش الأرباح التي يحققها الصيادلة من بيع الأدوية. ووصف العمري الأرقام التي تم الترويج لها لاحقا، بناء على تقرير المجلس الأعلى، بـ»الخيال العلمي» الذي ليس له أدنى علاقة لا بواقع الصيدلية ولا بالقدرة الشرائية للمواطن المغربي. وقال المتحدث بأن نسبة 47 إلى 57 في المائة من الأرباح التي تحدث عنها التقرير تمثل معامل الربح المتعلق بالدواء منذ خروجه من المصنع إلى وصوله للمريض، بحيث لا يتجاوز هامش الربح الصافي الذي يحققه الصيدلي في هذه الصيرورة 8 إلى 10 في المائة، وهو ما يؤكده تقرير للمديرية العامة للضرائب، أما هامش الربح الخام فلا يتعدى بدوره 27 في المائة.
وأضاف العمري أن الصيادلة يحققون معظم أرباحهم من الأدوية المدرجة ضمن فئة الدواء منخفض التكلفة والتي توافق طبيعة الأمراض المنتشرة والقدرة الشرائية، وليس الأدوية الباهظة المرتبطة بالأمراض الخطيرة ومرتفعة التكلفة والتي لا يتمكن المواطن المغربي عموما من اقتنائها بالنظر لضعف إمكانياته.
واعتبر نفس المصدر أن الظرفية التي صدر فيها التقرير، وتصريحات المسؤولين الحكوميين بعده، تطرح أكثر من تساؤل حول ما تريده الحكومة من هذا الملف، خصوصا يقول العمري، أن الأخيرة تستمر في غلق باب الحوار في وجه الصيادلة منذ سنوات متذرعة بعدم وجود مخاطب يتمثل في الهيئة، وهو الأمر الذي يعد بدوره غير مفهوم، يقول الممثل النقابي، بما أن النقابات هي التي تعد المخاطب الأساسي في أي حوار اجتماعي مع قطاعات المهنيين. واعتبر المتحدث أن هؤلاء يرسلون اليوم من خلال قرار الإضراب الشامل إشارة واضحة وصرخة عالية للمسؤولين بأنه ليس هناك خلاف حول «المحنة» التي يعيشها القطاع.
وركز المتدخلون خلال الندوة الصحفية التي نظمها الائتلاف النقابي (المكون من نقابة صيادلة ولاية الدارالبيضاء الكبرى والغرفة النقابية لصيادلة فاس ونقابة صيادلة إقليم الجديدة ونقابة صيادلة وجدة والنواحي) على ضرورة فتح حوار جاد ومستعجل من أجل إنقاذ الصيدليات التي تقدم خدمات اجتماعية للمواطن كأول فضاء يلجأ له هذا الأخير عند المرض، قبل الطبيب والمستوصف والمستشفى، وهو الأمر الذي برز أيضا خلال جائحة كورونا حيث ظهر الدور الاجتماعي للصيدلية وأهميتها ضمن المنظومة الصحية. وعبر المتدخلون عن استعدادهم المستمر للانخراط في الإصلاحات التي يشهدها قطاع الصحة ومواكبة ورش التغطية الصحية الشاملة والحماية الاجتماعية وفق التوجيهات الملكية. ودعوا في ذات الوقت الوزارة الوصية والقطاعات المعنية إلى الإنصات إلى الصيادلة والحوار معهم حول ملفهم المطلبي ونقاطه الأساسية المتمثلة في إعادة النظر في المقتضيات الضريبية المفروضة على القطاع، والإسراع بإخراج المجالس الجهوية بتمثيلية حقيقية، وإخراج الوكالة الوطنية للدواء، والإفراج عن المراسيم التطبيقية بمدونة الأدوية والصيدلة، وإقرار الحق الحصري للصيادلة في صرف الأدوية والمستلزمات الطبية، والحق في استبدال الأدوية.. وغيرها.
واعتبروا أن مقارنة المغرب بالدول المعيارية فيما يتعلق بسوق الدواء لا يجب أن تقتصر على هامش ربح الصيدلي بقدر ما يتعين أن تشمل أيضا الحقوق والمكتسبات التي توجد لدى الصيادلة في تلك الدول والتي تجعلهم يحققون أضعاف أرباح الصيدلي المغربي. كما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار موقع الصيدلي وما يحققه من أرباح في ظل الأرباح الخيالية التي تحققها شركات الدواء وباقي أطراف المنظومة الصحية من مستشفيات ومختبرات للتحليل وموردي المسلتزمات الطبية، والتي كان الأجدر تسليط الضوء على مسؤوليتها أيضا في صعوبة الولوج إلى العلاج كما يعانيها المواطن المغربي. وذهب المسؤولون النقابيون إلى التساؤل حول «ما يدبر للصيدلي» من مسارات غير مفهومة ترفع من حدة الأزمة وتزيد من الاحتقان في هذه الظرفية، داعين في هذا السياق إلى «التحري وإصدار تقارير مماثلة حول غلاء أسعار المواد البترولية وأسعار المواد الغذائية ومساءلة اللوبيات الحقيقية التي تتسبب اليوم في معاناة المغاربة مع غلاء المعيشة».

< سميرة الشناوي

Related posts

Top