جهة الداخلة وادي الذهب.. مشاريع كبرى ومعاملات بملايير الدراهم

تعيش جهة الداخلة وادي الذهب، منذ سنوات على وقع إقلاع اقتصادي كبير ومتسارع، حيث عرفت إحداث العديد من المشاريع الكبرى، فيما لا زالت عشرات المشاريع الأخرى في طور التشييد أو الدراسية.
ومن أهم المشاريع الكبرى التي تعرفها الجهة، والتي من المرتقب أن تساهم في تنميتها وتحريك عجلة اقتصادها بشكل كبير، هناك ميناء الداخلة الأطلسي، وهو ميناء مهم سيعزز قدرات المنطقة فيما يخص التبادل التجاري مع العمق الإفريقي وباقي الدول، تماشيا مع الإستراتيجية العامة التي ترتكز على توطيد العلاقات والشراكات الاقتصادية جنوب- جنوب.
وإلى جانب هذا الميناء، هناك محطة لوجيستيكية وصناعية على امتداد ألف هكتار ستجهز وتخصص للمشاريع في مجال الصناعات البحرية والصناعات الغذائية.
كما أن هناك أيضا منصات لوجيستيكية في منطقة بئر كندوز، ومنطقة الكركارات على امتداد ثلاثين هكتارا لكل منصة، وهناك أيضا مشروع تحلية مياه البحر لسقي خمسة آلاف هكتار كمرحلة أولية.
كما أن الجهة تمتلك مؤهلات مهمة في المجال الفلاحي، مما دفع إلى التفكير في مشروع لتحلية مياه البحر للاستمرار في تطوير هذا القطاع المهم الذي يعتبر من أهم القطاعات المشغلة لليد العاملة.
وعلى خلفية زيارة هذه الجهة، حاولت بيان اليومـ من خلال هذا الملف، تسليط الضوء على مختلف المجالات الاقتصادية التي تزخر بها المنطقة، والوقوف على مدى مساهمتها في الاقتصاد الوطني، و حجم الاستثمارات التي تعرفها.

ركيزة اقتصادية

يعتبر قطاع الصيد البحري من أبرز ركائز النسيج الاقتصادي المتنوع بجهة الداخلة وادي الذهب، ورافعة أساسية للتنمية، إذ يساهم بنسبة 45 في المائة في الإنتاج الوطني من الثروة السمكية.
وتنفرد جهة الداخلة وادي الذهب بخليج بحري متميز تقدر مساحته ب 400 كلم مربع، وشريط ساحلي يبلغ طوله 667 كلم مربع، مما يجعلها واحدة من أغنى مناطق الصيد البحري بالمملكة، وتزخر مياهها بثروات سمكية مهمة ومتنوعة.
إن هذه المؤهلات البحرية المهمة جعلت من المنطقة مركز جذب للكثير من رجال الأعمال والمقاولين الذين يتطلعون للاستثمار في قطاع الصيد البحري الذي شهد خلال السنوات الأخيرة إنجاز عدة مشاريع مكنت من تطوير الآليات والبنيات في هذا القطاع الواعد.
ومن المنتظر أن يساهم الميناء الجديد “الداخلة الأطلسي”، الذي يتم تشييده على بعد 40 كلم شمال مدينة الداخلة، في تحقيق أهداف جيو-استراتيجية وتنموية، وسيعمل على إبراز إشعاع المنطقة، باعتبارها جسرا جهويا متميزا، كما سيعد لبنة هامة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية بالجهة في مختلف القطاعات المنتجة “الصيد، والفلاحة، والمناجم، والطاقة، والسياحة، والتجارة، والصناعات التحويلية”.

ملايير الدراهم

يعرف قطاع الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب، أنشطة مختلفة ومتنوعة، ابتداء من الصيد التقليدي الذي يعتمد على الصيد بالقوارب، ويتمركز الأخير على مستوى ستة مناطق قروية، تنشط فيها قرابة 3800 وحدة “قارب صيد تقليدي”.
وحسب مصادر بيان اليوم، أنتجت الجهة، خلال سنة 2019 ، ما قدره 22000 طن من الأسماك بقيمة معاملات وصلت إلى 806 مليون درهما، فيما أنتجت خلال سنة 2020 حتى متم شهر غشت الماضي 19000 طن، بقيمة معاملات وصلت إلى 750 مليون درهما.
أما النشاط الثاني، فيمثل القوارب التي تمارس نشاطها انطلاقا من ميناء مدينة الداخلة، وتنقسم بدورها إلى صنفين، ويمثل الأول أعالي البحار “الصيد بالجر” ويتشكل من 25 وحدة، فيما يمثل الآخر الصيد بالخيط، ويتشكل من 120 إلى 180 وحدة.
وبالنسبة للصنفين الأخيرين، فقد تمكنا، خلال سنة 2019، حسب المصادر ذاتها، من إنتاج ما قدره 584000 طن من الأسماك بقيمة معاملات تقدر بمليار درهم و445 مليون سنتيم، فيما أنتجت خلال السنة الجارية، وإلى حدود نهاية غشت الماضي، 377000 طن من الأسماك بقيمة تقدر بقرابة مليار درهم.
وبالنسبة لإجمالي الصيد البحري على مستوى الجهة بكافة أصنافه، فقد بلغ الإنتاج سنة 2019، حسب المصادر عينها، ما قدره 605000 طن بقيمة 2.2 مليار درهم، فيما بلغت سنة 2020 إلى غاية متم غشت ما قيمته 400000 طن من الأسماك بقيمة مالية بلغت 1.7 مليار درهم.
وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج جهة الداخلة وادي الذهب من السمك، تبلغ قيمة تتجاوز 50 في المائة من إجمالي قيمة المعاملات بقطاع السمك على المستوى الوطني، كما يشار إلى أن صنف السفن المتخصصة في الصيد بالجر في أعالي البحار “RSW”، موجودة بمدينة الداخلة فقط على المستوى الوطني والأفريقي أيضا.

من RSW إلى K.P.G ..
بيان اليوم تتبع مراحل إنتاج السمك

زارت بيان اليوم ميناء الداخلة، بالمرفأ الخاص برسو سفن الصيد في أعالي البحار والمرفأ المخصص لبواخر الصيد بالخيط، وواكبت عمل مجموعة من الصيادين وعمال البواخر بنوعيها، فيما تتبعت مراحل إنتاج السمك المعلب، ابتداء من رسو إحدى سفن مجموعة king pélagique groupe بالميناء، وإلى غاية نقل الأسماك إلى المصنع، ثم إنتاجها.
بداية، لا بد للإشارة إلى أن مجموعة king pélagique groupe تم تأسيسها سنة 2004 بهدف معالجة الأسماك السطحية وتثمينها، وتعد إلى حدود الساعة أكبر شركة على المستوى الوطني مختصة بهذا المجال.
وتتوفر المجموعة، حسب مسؤول عن الإنتاج داخل الشركة، رافق فريق بيان اليوم خلال زيارته، على أربعة بواخر من صنف RSW، وهي بواخر مزودة بأنظمة للتبريد من أجل الحفاظ على جودة الأسماك المصطادة، كما أنها تتوفر على خصائص متطورة من شأنها السماح بتوفير المنتجات البحرية طيلة السنة في مختلف الظروف الجوية وذلك، من أجل توفير المادة الأولية للعمال.
وعاينت بيان اليوم مجموعة من الوحدات داخل الشركة، ابتداء من وحدة مختصة في معالجة وتجميد الاسماك بقدرة إنتاجية تصل إلى 80 ألف طن سنويا، وقدرة في التجميد تصل إلى 250 طن يوميا.
أما الوحدة الثانية فهي مختصة في التعليب والتصبير بقدرة إنتاجية تصل إلى 500000 علبة يوميا، حسب المسؤولة ذاتها، إلى جانب وحدة مختصة في صنع الأطباق الجاهزة، ووحدة مختصة في صنع زيت ودقيق باستعمال بقايا الأسماك المعالجة الشيء الذي يعكس الاستراتيجية الفعالة للشركة من أجل تثمين المنتوج البحري وزيادة القيمة المضافة عليه.
وتوجه هذه المجموعة 97% من الإنتاج إلى التصدير بحيث توجه منتجاتها إلى 57 دولة حول العالم.
وبدأت المجموعة نشاطها في وحدة صغيرة بعدد يد عاملة يصل إلى 150 عامل ولكن مع سياسة التثمين التي تتبناها المجموعة، حسب المسؤولة ذاتها استطاعت المجموعة توفير 2000 منصب شغل مباشر و3500 منصب غير مباشر.

الأحياء البحرية تمتص بطالة الشباب

قال سيدي محمد علي الذاتي، صاحب مزرعة بحرية بخليج الداخلة بجهة بوطلحو وتينيكير، إن تربية الأحياء البحرية قطاع واعد وحيوي بالنسبة للجهة وللمغرب ككل.
وتابعة علي الذاتي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن شركة تربية الأحياء البحرية تشتغل على ثلاث أنواع، هي المحار، والمحار الملزمي، والصدفيات، مشيرا إلى أن شركات أخرى تهتم بتربية مجموعة أنواع من الأسماك. بالنسبة لشركة دومين عين أغبال والمحار الملزمي بالنسبة لشركة ازورا، مضيفا أن تربية المحار تقوم به عدة شركات بالداخلة “فهو ركيزة أساسية ضمن القطاع”.
وأردفت المتحدث نفسه قائلا “الحقيقة أن تربية الأحياء البحرية كانت محتشمة وطنيا ومنعدمة بالداخلة، لكن بعد الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والتي وفقا لها خلق وكالة تنمية الأحياء البحرية والتي من خلالها أعطى انطلاقة لجميع الأوراش التي ستهم جميع جهات المغرب، وستكون هناك مخططات كبيرة وطنيا وانطلقت من هذه الجهة السباقة في تربية هذه الأحياء والتي أعطت لهذه العملية زخما كبيرا”.
وشدد المتحدث عينه على أن هذا المجال يساهم في امتصاص البطالة، مشيرا إلى أن عدد كبير من الشباب أتيحت لهم الفرصة للحصول على مشاريع استثمارية متعلقة بالأحياء البحرية وتم دعمهم من طرف الدولة.

***

3 أسئلة للمصطفى أوشكني *

القطاع البحري يوفر 24 ألف منصب شغل بشكل مباشر و44 ألف منصب بصفة غير مباشرة بالجهة

< ما هي مكانة قطاع الصيد البحري في اقتصاد الجهة ثم الاقتصاد الوطني ؟ وما هي أهم الأنشطة المزاولة بهذا القطاع على مستوى الجهة ؟
> يعتبر قطاع الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب قطاعا مهما جدا، يضم أربع أنشطة، النشاط الأول هو الصيد التقليدي الذي يتكون من 3273 وحدة «قارب صيد تقليدي» تتوزع على عدة نقط: نقطة إيموطلان، ونقطة انتيريفت، ونقطة لاساركا، ونقطة البويردة، ونقطة المهيريز، وعين بيضة.
النشاط الثاني هو الصيد الساحلي والذي يضم بواخر صيد السردين 75 وحدة، تشتغل بالتناوب بالإضافة إلى قرابة 180 من بواخر الصيد بالخيط، وأيضا الصنف الثالث وهو الصيد في أعالي البحار فالآن تتواجد 25 باخرة الصيد بالمياه المبردة.
في سنة 2019 تم تفريغ ما يعادل 605 ألف طن بقيمة إجمالية تناهز 2.3 مليار الدرهم، ونحتل الرتبة الأولى على الصعيد الوطني بنسبة 47% على مستوى الكمية و33% من حيث القيمة، بالإضافة إلى نشاط آخر مهم هو النشاط الصناعي، بحيث تتواجد تقريبا حاليا 89 وحدة تقوم بمعالجة الأسماك سواء تجميدها أو تصبيرها أو تخزينها، وهناك ست وحدات جديدة تندرج ضمن المشاريع المقبلة على الانطلاق في الأمد القريب في حدود نهاية هذه السنة، هذه الوحدات تم إطلاقها في إطار l›ami :l›appel a manifestation d›intérêts، بحيث ستوفر هذه الوحدات الست 4500 منصب شغل.
هناك صنف آخر أود الحديث عنه وهو تربية الأحياء البحرية والذي يعد نشاطا مهما بالجهة، تتواجد حاليا 11 مزرعة في حالة نشاط، والوزير الوصي قد أعطى الانطلاقة ل224 مشروع سيضاف لهذه الوحدات من بينهم 100 مشروع خاص بشباب المنطقة والذين تم تنظيمهم على 507 شخص استفادوا من تكوين سيتم تثبيت مزارعهم من الألف إلى الياء من طرف الدولة.
بصفة عامة القطاع بالجهة يوفر 24 ألف منصب شغل بشكل مباشر، و44 ألف بصفة مباشرة وغير مباشرة، تتوزع بين الصيد والمصانع.
ويصل الرقم الإجمالي للمعاملات السنوية إلى 2.3 مليار الدرهم، ويساهم الصيد البحري في الاقتصاد الجهوي ب48% أما على الصعيد الوطني فيمثل 2.5 من الناتج الداخلي الخام الوطني، كما يشار إلى أن إنتاج الداخلة يشكل 33 في المائة من الإنتاج الوطني.

< هل من مشاريع واستراتيجيات لتطوير القطاع بالجهة؟
> بالنسبة للمشاريع المستقبلية توجد وحدات التصبير التي ذكرت والتي ستنطلق في القريب العاجل، وأيضا هناك مشاريع الأحياء المائية التي ستعطي انطلاقة مهمة لهذا القطاع، فكما تعلمون على الصعيد العالمي 50% من منتوج الصيد البحري هو نتيجة لتربية الأحياء المائية، ونحن في المغرب لا نزال في 1% من الإنتاج، فمليون ونصف التي ننتج سنويا لا تشكل فيها تربية الأحياء إلا 1%.
فمحطات الصيد الطبيعية بلغت أقصى ما يمكنها تقديمه، ويبقى على عاتقنا تطوير هذا القطاع من خلال تربية الأحياء البحرية.

< ما الذي يميز قطاع الصيد البحري في جهة الداخلة وادي الذهب؟
> ما يميزها هو كون 65% من الثروات البحرية الوطنية القابلة للاستغلال توجد بالداخلة من جهة، ومن جهة أخرى هو جودة أسماكها، فهي رقم 1 عالميا من حيث الأخطبوط، فهو ذو جودة عالية ومشهور عالميا، وكذلك الداخلة تشتهر بالأسماك السطحية الصغيرة، ف 90% من 605 ألف طن عبارة عن أسماك سطحية صغيرة كالسردين ولانشوبة والشنشار «الشرن».
إن ما يميزها أيضا هي ظروفها الجوية الملائمة وأيضا الرصيف القاري جد متسع ما يسمح بعبور أشعة الشمس للعمق وتسمح بتنوع بيولوجي مهم.
فمثلا لو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر فسمك «الكوربينة» المصطاد بالداخلة ليس كمثيله من باقي المناطق الأخرى.

* مندوب الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب

> عبدالصمد ادنيدن – أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top