العيون عينيّا

على بعد أيام فقط من انطلاق بطولة إفريقيا للأمم لكرة القدم داخل القاعة (28 يناير-7 فبراير)، فاجأت جنوب إفريقيا الجميع بإعلان انسحابها من المشاركة في هذه التظاهرة الرياضية التي تعرف حضور ثمانية منتخبات، من بينها المغرب بصفته البلد المنظم والحائز على لقب آخر دورة.
وحين نقول إنه قرار مفاجئ، لا يعني أن موقف هذه الدولة التي لا تخفي عداءها للمغرب، قد تغير، وهي التي عبرت مرارا وتكرارا، عن نفس العداء والحقد والكراهية في عدة مناسبات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، لتضيف أيضا المجال الرياضي لأجندتها ومواقفها البائسة واليائسة.
ووجه الغرابة في هذا النازلة أن الاتحاد الجنوب إفريقي لكرة القدم، والذي يمثله كالعادة داني جوردان، لم يعترض خلال عملية ترشيح المدينة المغربية لاحتضان الدورة، ولم يبرز أي موقف مخالف لحظة إجراء القرعة، كما لم يعلن عن الانسحاب، إلا قبل أيام معدودة من انطلاق البطولة، مما يؤكد أن القرار جاء بعد ضغوطات سياسية مارستها حكومة جنوب إفريقيا على الاتحاد المحلي، حكومة تذهب كالعادة في اتجاه تكريس العداء تجاه المغرب وقضية صحرائه.
ويتزامن هذا الموقف الجديد لجنوب إفريقيا مع الانتصارات التي حققها المغرب على الصعيد القاري، كان آخرها فتح قنصليات، وتمثيليات دبلوماسية بأكبر حواضر الصحراء المغربية، مما أجج الحقد الدفين لحكومة بريتوريا.
والأكيد أن عملية الانسحاب ستفتح عيون الحكماء بالقارة الإفريقية مرة أخرى على الدور المريب الذي تلعبه دول تقدم نفسها كقوة كبيرة بجنوب القارة السمراء، رغم معرفتها المسبقة بأن قرار الانسحاب يعرضها لعقوبات من طرف جهاز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف).
ومعلوم أن نفس الدولة سبق أن خرجت قبل حوالي سنة ونصف عن الإجماع الإفريقي، عندما قادت حملة ضد ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم 2026، إلا أنه وبالرغم من كل الضغوطات التي مارستها إلى جانب النفوذ الأمريكي القوي، فإن 45 دولة صوتت لفائدة ملف المغرب الذي كان يتحدث باسم القارة الإفريقية، ويطالب بإنصافها.
ما حدث في ملف بطولة كرة القدم داخل القاعة، سبق أن حدث بنفس الحدة خلال مشاركة وداد السمارة لكرة اليد بالمنافسات القارية الخاصة بالأندية، وأولى الفرق التي كانت تعلن عن رفضها المشاركة هي الفرق الجزائرية، وهذا يؤكد محور الشر الذي يخترق للأسف القارة الإفريقية من جنوبها إلى شمالها، مرورا بوسطها، والذي تظهر فيه دولة أخرى لا تخفي عدائها التاريخي للمغرب، ألا وهي نيجيريا.
وعليه، فإن هذا المستجد يؤكد على دور الرياضة في خدمة المصالح العليا للوطن، وبالتالي من الضروري أن نعطي دفعة قوية للقطاع ككل، ودعم كل الأنواع الرياضية بالمنطقة، ومحاولة إفراز مستوى رياضي يشرف ويحرج الأعداء ويسر الأصدقاء، ويؤكد على التطور الحضاري الذي تعرفه الصحراء المغربية التي بذل فيها المغرب مجهودا خرافيا، منذ استرجاعها سنة 1975، حيث تغنى كل المغاربة آنذاك وإلى يومنا هذا، برائعة جيل جيلالة “العيون عينيا والساقية الحمراء ليا…”

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top