الـتـضـليل الإعـلامي حـول التـــطورات في منـطقة الكركرات

مقدمة عامة:

مثلت التطورات الأخيرة المرتبطة بالنزاع المفتعل في الصحراء المغربية مناسبة أخرى للكشف عن طبيعة المعالجات الإعلامية للعديد من مؤسسات الإعلام الإقليمية والدولية، وعن التوظيف السيئ لشبكات التواصل الاجتماعي. إنها كانت فرصة مهمة عرت عن الخلفيات السياسية لمعالجات تقدم نفسها في شكل إعلامي مهني، ولكنها في حقيقة الأمر تقوم بأدوار (البروباغندا) التي تدوس على أبسط شروط وأخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام النبيلة.
فقد قادت التطورات في المنطقة إلى تدخل السلطات المغربية في إطار من الالتزام والمسؤولية لوضع حد لاحتلال حوالي ستين فردا للطريق العام الذي يعتبر المنفذ الوحيد بين المغرب وموريتانيا، حيث احتل هؤلاء الأشخاص هذه الطريق في منتصف شهر أكتوبر الماضي، ومنعوا حرية تنقل الأشخاص والبضائع، وخنقوا الحركة التجارية بين المغرب والدول الإفريقية. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يقدم عليها أشخاص تابعون إلى جبهة البوليساريو الانفصالية على اقتحام هذه المنطقة التي تعتبر منطقة منزوعة السلاح، حيث سبق لجبهة البوليساريو الانفصالية أن أقدمت على اقتراف هذا الخرق الخطير، وحدث في مرات سابقة أن دخلت هذه المنطقة مجموعات مسلحة مدججة بالأسلحة، ونشرت صور لميليشياتها يحملون أسلحة رشاشة منتشين بوصولهم إلى شاطئ البحر، وهكذا كان الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس قد أمر جبهة البوليساريو الانفصالية سنة 2017 بالانسحاب الفوري والشامل من منطقة الكركرات، التي كانت عناصر تابعة لها قد اقتحمتها، واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة تواجد أفراد من الجبهة في منطقة الكركرات ءانداك يخالف القانون الدولي والتزامات الجبهة الدولية.
وأكد السيد غوتيريس على أن المنطقة هي منطقة عازلة، كما أن مجلس الأمن الدولي كان قد اتخذ قرارا سنة 2017 يحمل رقم 23/51 قال فيه (وإذ يرحب مجلس الأمن باستجابة المغرب الإيجابية في 26 فبراير 2017 لنداء الأمين العام الموجه لكلا الطرفين من أجل الانسحاب من الشريط العازل في منطقة الكركرات، ويعرب عن بالغ قلقه لاستمرار وجود عناصر جبهة البوليساريو في الشريط العازل، بينما في ذلك عرقلتها لحركة المرور التجارية العادية). ويحث بقوة جبهة البوليساريو على الانسحاب الكامل الغير مشروط من الشريط العازل، وعاد مجلس الأمن الدولي مرة أخرى إلى اتخاذ نفس الموقف في قراره رقم 24/14 الذي اتخذه سنة 2018 حيث أعرب عن قلقه من تواجد جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالكركرات وأمرها بـ “مغادرتها فورا”.
وأكد مجلس الأمن الدولي أن نية البوليساريو في نقل بنياتها الإدارية (غير قانوني) وأمرها بالكف (عن مثل هذه الأفعال المزعزعة للاستقرار)، هكذا، فإن مواقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي واضحة وجلية في هذا الصدد، إلا أن جبهة البوليساريو الانفصالية داست على كل هذه القرارات، مما يؤكد أن جبهة البوليساريو الانفصالية، كانت ولاتزال، لها أطماع معينة في هذه المنطقة مرتبطة بالحسابات الاستراتيجية للسلطات الجزائرية.
وفي هذا الصدد كشفت مصادر إعلامية وثيقة الاطلاع، أن اقتحام مجموعة من الأشخاص منطقة الكركرات في الصحراء المغربية، وهي منطقة معزولة السلاح تقع في الحدود بين المغرب وموريتانيا، كان الهدف منها هذه المرة مختلفا عن المرات السابقة، حيث كانت جبهة البوليساريو تخطط إلى احتلال المنطقة في البداية، ثم تنصيب مخيم يبدأ ببضعة عشرات من الأشخاص، وبعد تثبيت الاحتلال يتم ترحيل الآلاف من الأشخاص بالقوة من مخيمات الجبهة في تندوف إلى هذا المخيم، وبعد ذلك تسرع في تشييد بنايات فوقها، ومن ثمة تشييد ميناء على الشاطئ ليكون أول منفذ لجبهة البوليساريو على المحيط الأطلسي، وبعد ذلك تنهي الجبهة المسار بإعلان هذه المنطقة عاصمة لدولتها الوهمية .
وحاولت السلطات العمومية المغربية حل الإشكال من خلال المساعي الحميدة التي بذلتها، بما في ذلك إشعار الأمم المتحدة بخطورة الوضع، وهو ما استجاب له الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريس بأن دعا الجبهة إلى الانسحاب، لكن هذه الأخيرة أصرت على التمادي في مخططها لأنها كانت مصرة على الأمر، وقد فسرت تأني السلطات المغربية في الحسم، ضعفا واستسلاما منها للأمر الواقع. وبعد مرور ثلاثة أسابيع على هذا الوضع، حيث توقفت حركة التنقل بين المغرب وعمقه الإفريقي، تدخلت القوات المسلحة الملكية بتاريخ 13 نوفمبر 2020، وقامت بتطهير المنطقة من المحتلين في ظرف وجيز جدا، دون أن يسجل أي احتكاك مع المحتلين الذين ما أن تحركت القوات المغربية حتى لاذوا بالفرار، وأعادت القوات المسلحة الملكية في إطار من المهنية الأوضاع إلى طبيعتها في المنطقة.
وكما جرت العادة في كل مرة يعرف فيها النزاع المفتعل في الصحراء المغربية توترات جديدة، اندلعت حرب إعلامية مدروسة قادتها أطراف معينة تابعة إلى جبهة البوليساريو الانفصالية، ووسائل إعلام جزائرية موالية للأجهزة الرسمية في الجزائر، وانخرطت فيها بكل استغراب وسائل إعلام غربية خصوصا الفرنسية منها، في محاولة منها لتقديم صورة مغلوطة حول الأوضاع في المنطقة، واعتمدت في ذلك، كما سنبين لاحقا، على الافتراء والكذب ونشر أخبار زائفة لا أساس لها من الصحة، واستحضار وقائع وصور وفيديوهات تعود إلى أحداث إقليمية ودولية ماضية ونسبها إلى التطورات الجديدة، حيث أصبح الأمر يتعلق بتضليل إعلامي خطير جدا سعى الواقفون وراءه إلى التعتيم على الحقائق، وإلى تقديم معطيات أسطورية هي محض معتقدات ودجل ثوري ماضوي قدم كمهدئات لتجاوز الهزائم والإحباطات المتتالية، حيث تهاوت مفاهيم (الأراضي المحررة) و(الإعمار) لهذه الأراضي التي هي في حقيقتها مناطق معزولة السلاح.

نماذج من التضليل الإعلامي:

إن الأطراف الأخرى روجت بداية لمفاهيم ومعطيات محرفة ومغلوطة، من ذلك إعلان جبهة البوليساريو الانسحاب من وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب، والحقيقة الثابتة أن المغرب لم يوقع أبدًا أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو، بل إن الاتفاق الذي وقعه المغرب سنة 1991 كان مع الأمم المتحدة، وليس مع أي طرف آخر. والترويج إلى توقيع المغرب لوقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو كان الهدف منه الإيحاء بأن المغرب يعترف من خلال هذا التوقيع بالجبهة، وهذا محض افتراء.
ثم إن هذا الإعلام المتحكم فيه اجتهد في إدعاء وجود عزلة دولية تطوق المغرب، في حين أن الحقائق على الأرض، تؤكد أن جبهة البوليساريو والجزائر هما اللتان تواجهان عزلة دولية غير مسبوقة، فقد توالت المواقف الدولية المساندة لما أقدم عليه المغرب في الكركرات، من الدول العربية وكثير من الدول الإفريقية والأمريكية اللاتينية والأوروبية والأسيوية وغيرها، وكثير من هذه الدول أعلنت عن فتح قنصليات لها في مدينة العيون المغربية كاعتراف رسمي واضح منها بالسيادة المغربية الكاملة على هذه الربوع، في حين لم تصدر أي دولة بيانا أو أعلنت موقفا معاديا للمغرب، بما في ذلك حكومات بعض الدول التي تعتبر من المساندين الكبار للجبهة الانفصالية، والتي اكتفت بإعلان مواقف تدعو فيها الأطراف إلى التهدئة وإلى ضبط النفس والالتزام بالشرعية، بما في ذلك دول مثل جنوب إفريقيا وفنزويلا وكوبا، باستثناء الحكومة الجزائرية التي أكدت بموقفها أنها بقيت وحيدة في دعم واحتضان حركة انفصالية .

وفي تفاصيل الأخبار الزائفة التي اجتهد الإعلام الموالي للجبهة وللجزائر في الترويج لها لفرض واقع مزيف، يمكن أن نرصد أمثلة كثيرة ومتعددة.
فيديو نشرته (شبكة الكركرات الإعلامية المستقلة) وهي موالية إلى الجبهــة الانفصاليــة علــى شبكات التواصــل الاجتماعــي وكتبت تحتــه عنوان “من جزر الكناري، رصد لقذائف وصواريخ تتساقط على منطقة الكركــرات” وهو الفيديو الذي قامت منصة فيسبوك بحذفه لأنه كاذب وتضليلي، ورغم ذلك وقع الإصرار على إعادة نشره أكثر من مائة وسبعين مرة. والحقيقة أن الفيديو لا علاقة له بالتطورات في منطقة الكركرات، بل هو يعود إلى تمارين عسكرية قام بها الجيش الإسباني في جزر الكناري.
كما قام الإعلام الموالي إلى الجبهة المعلومة بالترويج لصورة شاحنة تحترق مرفوقة بخبر تحت عنوان “أخبار واردة من الكركرات: تدمير عدة شاحنات نقل للبضائع وآليات عسكرية مغربية ووفاة ثلاثة من السائقين و15 جريح، وإصابات متزايدة لعدد من الجنود المغاربة” وبعد التحقق من الصورة تبين أن الخبر زائف، وأنها تعود إلى شاحنة مصرية اندلعت فيها النيران خلال شهر يوليوز الماضي وهي في طريق القاهرة الصحراوي.
وفي حالة أخرى نشرت هذه الوسائل صورة لعنصر من مليشيات البوليساريو تظهر خلفه أرطال من صواريخ (توشكا) وأرفقت بخبر يدعي أن (الجيش الصحراوي سينقل المعركة إلى داخل التراب المغربي) والحقيقة تؤكد أن الصورة تعود إلى سوريا حيث يظهر فيها جندي تابع للنظام السوري التقطت سنة 2015.
موقع Diplomaticiالتابع لجبهة البوليساريو نشر مقالا تحت عنوان “في تطور جديد موريتانيا الرسمية منزعجة من تواجد القوات المغربية بالمنطقة المنزوعة السلاح وفي جدار جديد” بتاريخ 19\11\2020، حيث تطرقت في مستهل المقال إلى ذكر عبارة “أفادت مصادر رسمية رفيعة المستوى” مضيفة عبارات أخرى بعيدة عن المهنية وأخلاقيات المهنة من قبيل “أكد وأفاد وأضاف” في محاولة لإقناع المتتبع بصدقية الخبر المليء بالتضليل والمغالطات وبتصوير الوضع على أنه أزمة حقيقية على الشعب الموريتاني الشقيق في محاولة بائسة لإقحام موريتانيا في هذا النزاع.
كما ادعت النهار اون لاين الجزائرية في مادة نشرتها بتاريخ 23/11/2020 (بأن قذائف البوليساريو تدفن معنويات جيش المخزن، مقتل ضابط إماراتي وإصابة آخر بعد هجمات للجيش الصحراوي)، وهو خبر عار من الصحة. في حين أن جريدة الشروق الجزائرية نقلت مقالا بتاريخ 13\11\2020 تحت عنوان “البوليساريو تعلن الحرب” حيث يفيد كاتب المقال (إن المنطقة هي عبارة عن ساحة للحرب وأن الأدخنة متصاعدة في كل مكان) متهمة المغرب بخرق إطلاق النار دون وجه حق. وهذه وقائع لا توجد إلا في مخيلة كاتب المقال.
أما موقع (مستقبل الصحراء (futurosaharaالتابع لجبهة البوليساريو فقد نشر مقالا بتاريخ 24\11\2020 تحت عنوان “إنكار تحت هول الصدمة” والذي نقل فيه الموقع خسائر وهمية لا أساس لها من الصحة للجيش المغربي والإمعان في بث المغالطات وتغيير المعطيات تعكس إفلاس هذا الإعلام واهتراء منظومته. أما وكالة الأنباء الصحراوية “واس” الوكالة الرسمية لجبهة البوليساريو فقد نشرت مقالا بتاريخ 23\11\2020 تحت عنوان “هجمات مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي تتوالى ضد تخندق قوات الاحتلال المغربي لليوم الحادي عشر” والتي ذكرت فيه معطيات بعيدة كل البعد عن الواقع، وتصف زورا الانتصارات الوهمية لمليشيات البوليساريو، دون ذكر لأي متابعة ميدانية، أو أرقام موثقة، ودون تقديم أي دليل.
كما أن موقع (الضمير) الموالي للبوليساريو من جهته نشر مقالا تحت عنوان “قذائف جيش التحرير الشعبي تفضح التورط الإماراتي بتاريخ 24\11\2020 والذي تذكر فيه أن ميليشيات جبهة البوليساريو قتلت ضابطا إماراتيا وأصابت آخرين… هذا المقال المثير للضحك والبعيد عن شروط الكتابة والتحرير الصحفي يؤكد انهيار المنظومة الدعائية للبوليساريو وتمسكها بقشة التضليل والانزواء في ركن اللامهنية والتدليس.

كما أن شبكة (ميزرات الإعلامية) الناطقة باسم الميليشيات والبوق الدعائي لها بدورها تدعي في أحد مقالاتها بعدما انكشف زورها وافتراؤها أن هناك ضرورة للتحري والدقة، وتوجه نداء بهذا الخصوص إلى متابعيها في محاولة استجداء المتابعة والظهور بمظهر المنبر الإعلامي المتابع والموضوعي واعتراف واضح وصريح بالتورط في نشر الأكاذيب والمغالطات طيلة فترة التغطية لهذه الأحداث سواء من طرف منابر الإعلام الجزائرية أو المحسوبة على الجبهة والمناصرين لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

المنابر الإعلامية المتواجدة في الأقاليم الجنوبية (الداخلة – العيون) للتغطية الإعلامية لعملية تأمين المعبر الحدودي الكركرات.

تداولت العديد من الحسابات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، التابعة للبوليساريو وللجزائر، صورة ادعت أنها لطائرة تابعة للقوات المسلحة الملكية، أسقطها “الجيش الصحراوي” في الصحراء المغربية.
إلا أن بحثا بسيطا على الانترنيت، يكشف حقيقة الصورة المتداولة ومصدرها ليتأكد مرة أخرى أن ادعاء الانفصاليين مضلل، وأن الصورة لا علاقة لها بالطائرات المغربية.
وهي لطائرة هليكوبتر هجومية من طراز Mi-35 سقطت في مدينة بنغازي الليبية، في 4 يوليو عام 2013. وخلال هذا الحادث، الذي لا علاقة له بالمغرب، قتل اثنان من أفراد الطاقم بعد تحطم المروحية أثناء رحلة لحفل تخرج في قاعدة بنينا الجوية الليبية.
وبتاريخ 30/09/2017 نشرت شبكة ميزرات الإعلامية الإلكترونية التي تبث برامج أخبارها المسمومة من العيون، بتعليمات من المدعو بولسان وبأمر من المخابرات الجزائرية، خبرا مفاده أن “عشرات التجار الصحراويين المحتجين حقيقة على غلاء التسعيرة الجمركية للواردات من البضائع المقتناة من موريتانيا، والتي يتم تسويقها بالأقاليم الجنوبية المغربية، وكوسيلة منهم للضغط على إدارة الجمارك لتخفيض التعريفة، قرروا الاعتصام وهددوا ببناء مخيم مشابه لمخيم أكديم إيزيك، الذي تم تفكيكه سنة 2010 بالعيون”، وادعت “ميزرات الإخبارية”، خبرا مفاده أن التجار “قرروا بناء المخيم بعد تعنت السلطات المغربية في تلبية مطالبهم المشروعة”. والحقيقة أن لاشيء من هذا حدث بتاتا ولم يسجل أي حادث احتجاج، ويبدو أن الهدف من ترويج هذا الخبر الزائف كان محاولة الحـــط من معنويات الجمارك المغربيــة والتشويش على العمل الجبار الذي يقومون به.
كما أصدر بولسان المنسق الإعلامي بجزر الكناري والمنتمي لقبيلة أولاد تيدرارين تعليماته لكافة مكاتب شبكة ميزرات الإعلامية الإلكترونية والنشطاء الفايسبوكيين لتسليط الضوء على الكركرات وأهمية افتعال المشاكل مع قوات بعثة المينورسو والجمارك المغربية، والتنسيق مع كل الإعلاميين والمدونين والمهاجرين بمختلف أماكن تواجدهم، بالأقاليم الصحراوية المغربية، وبمخيمات تندوف، وتوصلوا بعشرات الرسائل تدعي توصلهم من عشرات التجار الصحراويين الذين أكدوا في مضامينها، أن إدارة الجمارك المغربية بمنطقة الكركرات الحدودية، تمارس وبشكل واضح العنصرية المتعفنة إلى أقصى حدودها، من خلال وضع شروط تعجيزية، يتم من خلالها خنق تجارة أصحاب السيارات الكبيرة، العاملة في مجال التصدير والاستيراد من وإلى الصحراء المغربية وموريتانيا.
وأن ما يتعرض له “التجار الصحراويين” وما يحدث لهم جريمة متكاملة الأركان، تستهدف التاجر الصحراوي بشكل واضح دون غيره من “المستوطنين المغاربة” هكذا!!
كما تم التخطيط لحرب استنزافية ضد الجمارك المغربية حيث أن تشديد المراقبة من طرف الجمارك المغربية على الواردات إلى المغرب من السلع والبضائع الجزائرية، التي لم تجد مشتريا لها من التجار الجزائريين الدين قطعوا مئات الكيلومترات لمنافسة البضائع المغربية بموريتانيا شدد الخناق على البضائع الجزائرية التي واجهت الكساد، وهو ما دفع مرة أخرى المخابرات الجزائرية والبوليساريو، لتحريك أدرعها الإعلامية بافتعال المشاكل واختلاقها، لشن حملة مسعورة على عناصر فاعلة بإدارة الجمارك بمنطقة الكركرات، ووصفتهم البوليساريو من خلال إعلامهم الكاذب”… إنهم يقومون بممارسات عُنصرية، وجب توقيفها وبشكل فوري، قبل أن ينفجر الوضع…” وحذرت ذات المجموعة الإعلامية، السلطات المغربية من مغبة تجاهل مطالب التجار الصحراويين.
ووصفت هذه “الشبكة الإعلامية – ميزرات” أداء الجمارك لواجبها وفقا للقانون الجمركي، بالحملة العنصرية وأنها تعد خرقاً سافراً لمبدأ حرية المنافسة التجارية الحرة الذي يكفله القانون الدولي، وتضيف: “أن هذه الحملة توضح بما لا يترك مجالا للشك أن الاحتلال المغربي لا يريد للصحراويين أن يكونوا فاعلين في أي مجال من مجالات الحياة، وأن لا يتمتعوا بأي حق من حقوقهم الأساسية التي تكفلها قوانين العالم أجمع”.

ومن جانب آخر تحرص وبشكل يومي العديد من الجرائد اليومية والمواقع الإلكترونية الجزائرية على نشر سيل من بلاغات صادرة عما يسمى بـ (قيادة الجيش الشعبي الصحراوي) وتوليها اهتماما بالغا واستثنائيا تدعي قيام هذه المليشيات بالعديد من العمليات العسكرية، وتدعي أن هذه العمليات تخلف خسائر بشرية ومالية كبيرة وفادحة في صفوف القوات المسلحة الملكية المغربية، دون أن تبذل هذه المؤسسات الناشرة لهذه الادعاءات أي جهد في التحري والتدقيق فيما تنشره، والحقيقة أن قيادة الجبهة الانفصالية تصدر هذه البلاغات بهدف التضليل ومغالطة الرأي العام داخل المخيمات وفي المنطقة. وبقليل من التحري يتضح أن الأمر يتعلق بإطلاق النار من بعيد على الجدار الأمني بما يشبه مناوشات بسيطة لا يمكن أن يكون لها أي أثر على الوضع في المنطقة. ومهم أن نسجل أن وسائل الإعلام التابعة إلى الجبهة الانفصالية ووسائل الإعلام الجزائرية من مرئية ومسموعة وإلكترونية ومكتوبة تنشر هذه الادعاءات دون أي دليل، بحيث تتحاشى نشر الصور والأسماء وطبيعة الخسائر التي تدعي أن القوات المسلحة الملكية تكبدتها.
ولقد أكدت زيارات قامت بها وفود إعلامية ومن المجتمع المدني سواء إلى منطقة الكركرات أو إلى منطقة المحبس القريبة من مخيمات تندوف، أن الأوضاع عادية جدا ولا يوجد أي أثر لما تدعيه قيادة الجبهة الانفصالية والإعلام الجزائري.
كيف تدير البوليساريو والمخابرات الجزائرية
الحرب الإعلامية ضد المغرب؟

تعتبر جزر الكناري الإسبانية قاعدة رئيسية ومركزية تدير منها قيادة الجبهة الانفصالية حربها الإعلامية ضد المغرب، وهي الجزر التي توجد بها أعداد كبيرة من الموالين لهذه الجبهة، وتستغلها هذه القيادة لتحريك عناصرها الموالية لها، والمستقرة بأقاليمنا الجنوبية بالنظر إلى قربها الجغرافي من هذه الأقاليم في افتعال احتجاجات، وأنشطة تحريضية لتوظيفها في مجال حقوق الإنسان.
وحسب تحرياتنا فإن شخصا يدعى بولسان المنتمي لقبيلة أولاد تيدرارين هو المشرف الرئيسي على تنشيط الخلايا الإعلامية الموالية إلى الجبهة الانفصالية، ويباشر عمليات التأطير والتمويل وتوفير وسائل العمل من معدات التصوير وأجهزة الحواسيب المتطورة وتجهيزات المونتاج والكرافيزم، وغير ذلك من وسائل العمل، بحيث يتم تسخير هذه الدروع لتوضيب الفيديوهات وتركيب الصور وتحريف العديد منها بما في ذلك الصور الخاصة بأحداث لا علاقة لها بالأوضاع في أقاليمنا الجنوبية، كما يشرف هذا الشخص على تنظيم حلقات تكوين وتدريب عن بعد للمسخرين في داخل التراب المغربي، كما تتكلف الخلية التي يرأسها بتنظيم وتحديد مواعيد لبعض الموالين في الداخل مع وسائل إعلام إقليمية ودولية. وتفيد مصادرنا الوثيقة الاطلاع أن هذا الشخص يتكلف بإيصال مبالغ مالية لتمويل الأنشطة الإعلامية والسياسية للأتباع المسخرين داخل التراب المغربي، وتكشف هذه المصادر أن المبالغ المرصودة لذلك تتراوح ما بين 3000 و4000 أورو شهريا لكل ناشط إعلامي. وتكثف هذه الخلية أنشطتها بشكل كبير طوال السنة، ولكن تحديدا خلال الفترة الوجيزة التي تسبق اجتماعات مجلس الأمن الدولي الخاصة بقضية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
حول أداء بعض وسائل الإعلام الدولية:

لا يمكن إنكار أن العديد من وسائل الإعلام الدولية أنجزت تغطيات موضوعية ومحايدة، وكانت قناة (الغد) من بين وسائل الإعلام الأولى التي وصلت إلى منطقة الكركرات ونقلت مشاهد حية من خلال مراسلها. كما أنجزت قناة (الجزيرة) تغطيات موضوعية ومحايدة من عين المكان، سواء من التراب المغربي أو من التراب الجزائري. ونفس الأمر يقال عن قناة (العربي) وقناة (الحرة) وغيرها، بيد أن قناة فرانس 24 الفرنسية التي لا تعوزها الإمكانيات اكتفت بالمتابعة عن بعد، وتحولت إلى منصة رسمية للبوليساريو وللجزائر، وكان لافتا مثلا أن أحداثا مؤلمة وخطيرة وقعت في باريس، قريبة جدا من القناة، حيث اعتدى أفراد من ميليشيات البوليساريو بلباس عسكري وبأسلحة بيضاء وبالعصي على مواطنين مغاربة كانوا يشاركون في وقفة تضامنية، واستهدفوا امرأة مغربية مسالمة كانت تُمارس حقها في التعبير، لكن قناة فرانس 24 تغاضت عن هذه الأحداث عن قصد. ويمكن تفسير الموقف العدائي المسبق لهذه القناة بوجود مجموعة كبيرة من الصحافيين والمسؤولين في هذه القناة من جنسية جزائرية يشتغلون لحساب المخابرات الجزائرية، مما يطرح علامات استفهام كثيرة وكبيرة حول الدور الذي تقوم به هذه القناة التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية.
خاتمة
إن الحرب الإعلامية التي تخوضها أطراف خارجية ضد المغرب تعتبر واجهة من واجهات خوض الحرب الشاملة، لكنها لحد الآن لم تنجح في تحقيق أهدافها، حيث ظل التأثير محدودا جدا، ويمكن القول إن كشف طبيعة هذه الحرب ساهم إلى حد بعيد في أن تفقد مصداقيتها، لأن الاستمرار في الافتراء والكذب ونشر الأخبار الزائفة تحول إلى ضده، وتبين من خلال التطورات أن الأمر يندرج في سياق التضليل الإعلامي، ودليلنا في ذلك أن وسائل الإعلام الدولية لم تعد تكترث لما تنشره الكتائب الإعلامية الموالية للجبهة الانفصالية وكثير من وسائل الإعلام الجزائرية، لكن هذا الإقرار لا يعني عدم الاهتمام بما تقوم به هذه الأوساط، بل لابد من تكثيف الجهود على كافة المستويات لإفراغها من محتواها، ولذلك فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي تنتهزهذه الفرصة للإشادة بوسائل الإعلام الوطنية المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية والورقية للجهود الكبيرة التي تقوم بها للدفاع عن الحقوق المشروعة لبلادنا، وللتنويه بالتضحيات الجسيمة التي يقدمها الصحافيون المغاربة الذين تفوقوا لحد الآن في إجلاء الحقائق وإسناد المواقف المغربية، فإنها تدعو إلى المزيد من اليقظة والتعبئة الشاملة، وهذا ما يفرض على السلطات العمومية المغربية تكثيف التواصل مع وسائل الإعلام الوطنية وتمكينها من المعلومات في حينها.

Related posts

Top